لمـــــاذا لا يتزوج المصريون؟!
تدل الإحصائيات فى مصر وكل البلاد العربية على تأخر سن الزواج، وأحيانًا عدم القدرة على الزواج نظرًا لتكاليفه الباهظة سواء من ناحية الزوج أو الزوجة، والاهتمام بالمظاهر الخارجية، والمنافسات بين الأسر، وعدم اقتناع الوالدين بقدرة الزوج أو الزوجة المحدودة، مما يؤجل الزواج. كما يزيد على ذلك العطالة بين خريجى الجامعات والمعاهد سواء بين الذكور أو الإناث، وعدم وجود السكن المناسب أو إصرار الأسر على السكن فى المستوى الذى وصل إليه الوالدان بعد عمر ومشوار طويل!!
إن تأجيل الزواج وانتشار العنوسة أو العزوبية مشكلة صحية عامة، يجب تداركها من صانعى القرار السياسى، إن المساندة الاجتماعية فى الزواج تلعب دورًا رئيسيا فى إحساس المرء بالانتماء، ومن ثم العمل، ومن ثم الإنتاج وتقدم الأمة اقتصاديا. إن الارتباط الأسرى والنسيج الاجتماعى والزواج عوامل مهمة للحماية من الاكتئاب وعدة أمراض نفسية مختلفة، عوامل مهمة لإنماء النسيج الدماغى والخلايا العصبية فى المخ، وهذه تؤثر فى التفكير والوجدان والإرادة والذاكرة والطموح، وتجعل الفرد قادرًا على الإبداع والخلق.
دعنا نأمل فى أن تعود الطمأنينة إلى نفوسنا، وأن نحب ونعطى للآخر، وأن نجد الوقت للمشاركة الإنسانية مع الآخرين، فى السعادة والإنجاز فى المساندة الاجتماعية، ونلفظ الحقد والكراهية اللذين يترعرعان فى مناخ الاغتراب، والتمركز حول النفس وإيثار الذات.
لماذا... لا يتـزوج المصـريون؟!
نقص فى الخصوبة واحتمالات تشوه!
محمـــد أبو الـغـار تعتبر العلاقة بين خصوبة المرأة وعمرها وثيقة الصلة ومؤكدة بجميع البحوث العلمية ومن المعروف أن درجة الخصوبة عند المرأة ترتفع تدريجيا من عمر خمسة عشر عامًا لتصل أقصى درجات الخصوبة فى سن الخامسة والعشرين وتبدأ درجة الخصوبة فى الانخفاض تدريجياً بعد ذلك وعند بلوغ المرأة سن الخامسة والثلاثين يبدأ الانخفاض بسرعة كبيرة وعند الأربعين يحدث انخفاض حاد فى درجة الخصوبة حتى تنعدم تمامًا بعد الأربعين ببضع سنوات.
وفى السيدات اللاتى يتزوجن بين عمر الخامسة والثلاثين وحتى الرابعة والأربعين تكون نسبة العقم التام وعدم القدرة على الإنجاب حوالى ثلاثين بالمائة وحتى إن لم يكن هناك مشكلة عند الرجل والمرأة أو كلاهما سليم تمامًا. وبالتالى تكون سن الزوجة هى العامل الحاسم والأساسى فى تحديد نسبة النجاح فى علاج العقم ومع تقدم وسائل العلاج ودخول وسائل الإخصاب المساعد هذا المجال أصبحت هناك فرصة حدوث حمل فى أكثر الحالات تعقيدًا عن طريق أطفال الأنابيب ولكن يتبقى أن سن الزوجة ستكون العامل الحاسم فى تحديد نسبة النجاح بغض النظر عن المشكلة القائمة وصعوبة علاجها بالإضافة إلى تكاليف علاج العقم والتى تتجاوز قدرة معظم المصريين الاقتصادية.
يعنى ذلك أن المرأة التى تتزوج بعد سن الخامسة والثلاثين تكون فرصتها فى حدوث الحمل الطبيعى أقل كثيرًا من المرأة التى تتزوج فى الخامسة والعشرين وقد يتأخر حدوث الحمل الطبيعى طويلاً. وفى حالات التدخل بالعلاج إذا كان هناك سبب طبيعى لمنع الحمل فتكون نسبة النجاح أقل. ولنكون أكثر تحديدًا فإن المرأة فى عمر الخامسة والعشرين عندها فرصة حوالى خمسين بالمائة فى نجاح عملية أطفال الأنابيب بينما هى 35% عند عمر الخامسة والثلاثين وحوالى 15% عند سن الأربعين وأقل من 5% بعد سن الثانية والأربعين.
وحسب الإحصائيات المنشورة أخيرًا فإن مئات الآلاف من المصريين قد لا يستطيعون الإنجاب بسبب تأخر سن الزواج.
يدفعنا ذلك للتساؤل: هل هناك بعض المشاكل التى قد تتعرض لها المرأة بسبب تأخر سن الحمل إلى نهاية الثلاثينيات؟ والإجابة نعم فمن المعروف أن الأورام الليفية وهى أورام حميدة تنمو داخل الرحم وقد تسبب النزيف والآلام فى الحوض، بالإضافة إلى إعاقة حدوث الحمل تحدث بنسبة أكبر كثيرًا فى السيدات اللاتى لم ينجبن أطفالاً أو تم حدوث الحمل فى سن متأخرة نسبيا.
ويوجد أيضًا مرض الـ «إندومتريوزيس» وهو عبارة عن أكياس تحمل مادة دموية مشابهة للشيكولاتة داخل الحوض وحول المبيضين. وهذا المرض يسبب آلامًا مبرحة عند المرأة ويسبب أيضًا حدوث العقم عندها، ومن المعروف من ضمن العوامل المهمة المسببة لهذا المرض هو تأخر سن إنجاب الطفل الأول.
هل هناك مخاطر فى حدوث الحمل الأول بعد سن السابعة والثلاثين؟
تكون السيدة معرضة لبعض المشاكل أثناء الحمل من أهمها ارتفاع نسبة تسمم الحمل والذى يصاحبه ارتفاع فى ضغط الدم وظهور الزلال فى البول وهو ما قد يؤدى إلى مشاكل ضخمة بالنسبة لصحة الأم تؤثر على عمل الجهاز العصبى والكلى والكبد. وتؤثر أيضًا على المشيمة التى تغذى الطفل أثناء الحمل مما قد ينتج عنه ضعف فى نمو الجنين داخل الرحم وإذا كان التأثير على المشيمة شديدًا، فقد يتوقف نمو الجنين تمامًا وقد تحدث له وفاة داخل الرحم، ومن المشاكل الممكن حدوثها أثناء الحمل هى الولادة المبكرة بمشاكلها المتعددة وكذلك زيادة نسبة الاختلال فى كروموزومات الجنين والتى قد ينتج عنها ولادة الطفل المغولى.
والسيدة الحامل فى سن الأربعين معرضة لضعف نسبة حدوث الإجهاض فى السيدة صغيرة السن وقد تبلغ هذه النسبة حوالى خمسة وعشرين بالمائة أو أكثر وترجع هذه النسبة المرتفعة إلى زيادة اضطراب الكروموزومات والجينات فى البويضات فى هذه المرحلة العمرية للمرأة.
أما عن الولادة نفسها فمن المعروف أن الولادة تكون أكثر صعوبة كلما تأخر سن المرأة عند حدوث الحمل الأول وهناك فرصة أكبر فى اللجوء للعملية القيصرية وذلك لصعوبة الولادة الطبيعية فى كثير من الأحيان فى هذه السن.
هناك مشاكل أخرى مهمة وهى أن ولادة الطفل الأول والمرأة عمرها أربعون عامًا أو أكثر، وربما يكون الزوج قد قارب الخمسين تجعل تربية الطفل أكثر صعوبة، وعندما يصل الطفل لمرحلة الشباب الأولى تكون الأم تعدت الستين من عمرها وقد يكون الأب قارب سن السبعين.