نساء سورية
ننشر هنا النص الكامل للدراسة الهامة التي أطلقها الاتحاد العام النسائي في سورية حول ظاهرة العنف ضد المرأة- نساء سورية
** تقديم:
تعتبر ظاهرة العنف من الظواهر التي تعاني منها المرأة في كل دول العالم إلا أنها تختلف من مجتمع إلى آخر بحسب المفاهيم السائدة ووعي المجتمع المحلي ودرجة عدالة القيم الاجتماعية وسيادة مبدأ القوانين وحقوق الإنسان.
وقد بذلت الحركات النسائية وحركات حقوق الإنسان، والمنظمات الدولية جهودا كبيرة للحد من ظاهرة العنف التي أصبحت عنوانا بارزا لانتهاك حقوق المرأة في الأسرة والمجتمع والمنزل والشارع ومكان العمل.
لكن الظاهرة بقيت ماثلة في كل المجتمعات، وتعذر الحد من مخاطرها بل تنامى مفعولها وتصاعدت آثارها السلبية الواقعة على جهود التنمية وجهود إرساء معايير العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يستدعي تكثيف حملات التوعية وإجراء مزيد من الدراسات والبحوث لاستقصاء أسباب هذه الظاهرة، والوقوف على الكوابح التي تمثل عائقا أمام كل الجهود الساعية إلى التخفيف من حدتها ومعالجتها معالجة جذرية ومن أجل ذلك أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة إعلانها العالمي الداعي إلى القضاء على العنف البدني والنفسي والجنسي الموجه ضد النساء لرفع الظلم وإزالة الممارسات والأفعال السلبية تجاهها.
وإيمانا من الاتحاد العام النسائي بحق النساء فـي التحرر من العنف بأشكاله المختلفة وبضرورة تكاتف جهود الأفراد والجهات الرسمية وغير الرسمية والمنظمات الوطنية والدولية الهادفة إلى حماية حقوق المرأة، للعمل على إزالة كل أشكال العنف الممارس عليها، وتعزيز حضورها الإنساني في كل مواطن الحياة، وإدماجها بشكل حقيقي في جميع جوانب التنمية المستدامة، فقد قامت المنظمة بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة و المكتب المركزي للاحصاء وبدعم من صندوق
الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة/ اليونيفم/ بدراسة هذه الظاهرة وحجمها، أسبابها ونتائجها، نظريا وميدانيا فأشارت إلى تعريف
الأمم المتحدة لظاهرة العنف، والى بداية الاهتمام بها وقلة الدراسات حولها، وتطرقت إلى تحديد أشكال العنف وأسبابه وأنواعه والى بعض الإحصاءات العالمية التي تمت متابعتها حوله، وأشارت إلى دور منظمة الاتحاد العام النسائي في هذا المجال حيث شملت الدراسة عينة عشوائية من 1891 أسرة موزعة في محافظات القطر (حضر، ريف) تم من خلالها التعرف على العنف الذي يمارس على المرأة بأنواعه وأشكاله، وتم التوصل إلى مجموعة من النتائج والمقترحات لمعالجة هذه الظاهرة نذكرها في هذه الدراسة التي نعتبرها جهدا متواضعا قام به فريق من المشرفين والمختصين والدارسين والإداريين حتى ظهرت إلى الوجود لتكون مرجعية ومرتكزا لدراسات أشمل وأعم تتماشى مع تسارع نبضات الحياة وما ينشأ عنها من تحديات وضغوطات قد تؤدي إلى ممارسات لا إنسانية أكثر على المرأة، آملين دعم الجميع وتعاونهم معنا كي نصل إلى مجتمع أكثر عدالة للمرأة ينصفها ويرفع الظلم عنها حتى تصل إلى ما تصبو إليه من تطلعات لبناء مجتمع خال من العنف يضعها في المكانة اللائقة بها كأم ومربية لأجيال ومنتجة ومشاركة حقيقية في تنمية المجتمع وبنائه وتقدمه.
نتوجه بالعرفان والشكر الجزيل لكل من ساهم وشارك في إعداد هذه الدراسة والشكر إلى صندوق
الأمم المتحدة الإنمائي (اليونيفم) على الدعم الذي قدمه لإنجازها.
رئيسة الاتحاد العام النسائي
سعاد بكور
تصدير:
يمارس العنف على أساس نوع الجنس على نطاق العالم، حيث يرتكب بعض الأزواج والآباء أو غيرهم من الأبناء الذكور قدرا كبيرا من هذا العنف بحق النساء والفتيات ويمكن أن يكون البيت من أخطر الأماكن بالنسبة للمرأة كما تعاني بعض النساء والفتيات خارج أسرهن من أعمال عنف متعدده الأشكال والدرجات يمارسه عليهن رجال لايمتون لهن بصلة القربى من منطق الشعور بالتفوق الذكورى، حيث يتعرضن للعنف اللفظي والنفسي والبدني والجنسي ابتداء من الكلام البذئ والتحرش الجنسي وانتهاء بالاغتصاب. كما تخضع المرأة في أماكن العمل للتخويف والابتزاز والمضايقات المستمرة من بعض الرؤساء والزملاء. هذا ويلحق بالمرأة والفتاة المعنفة الكثير من الأضرار الجسدية والنفسية، تتمثل بشعورهن بالخوف وانعدام الأمان، والحد من إمكانية حصولهن على الموارد، ومنعهن من التمتع بحقوقهن كإنسان، وعرقلة مساهمتهن في التنمية، وتضخم شعورهن بالذنب والخجل، والانطواء والعزلة وفقدان الثقة بالنفس واحترام الذات.
تنبهت هيئة
الأمم المتحدة إلى مدى انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة في العالم بكل أصقاعه المتقدمة والمتخلفة على حد سواء، الأمر الذي أدى إلى إصدار العديد من القرارات الدولية التي تعتبر العنف ضد المرأة سواء في الأسرة أو المجتمع ظاهرة لا بد من التصدي لها وتسليط الضوء عليها بغية القضاء عليها بوصفها السبب الرئيسي لتجريد المرأة من حقوقها حتى المكسبة وإيصالها إلى قاع السلم الاجتماعي وجعلها أفقر الفقراء. ومن نتائج هذا التحول أن بادرت
الأمم المتحدة منذ عام/1991/ إلى تخصيص فترة محددة عام (من الخامس والعشرين من تشرين الثاني إلى العاشر من كانون الأول) لتنظيم حملات عالمية لمكافحة العنف ضد المرأة تسلط فيها الأضواء على هذه الظاهرة من كافة جوانبها وتستنبط ما يلزم من وسائل لتحريك كل الإمكانيات المتاحة للقضاء عليها.
وعلى الرغم من اعتبار ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تتعدى الحدود الجغرافية والثقافية والسياسية للبلدان، إلا أن اختلاف حدتها وأشكالها بين بلد وآخر أو ثقافة وأخرى تتطلب تصميم سياسات واستراتيجيات وطنية مختلفة بحسب اختلاف مظاهر العنف واختلاف الأوساط التي يحدث فيها مستندة على معلومات وبيانات حقيقة تربط بين العنف المجتمعي والمؤسسي والعنف الأسري والفردى وتحدد مدى انتشار الظاهرة ودرجتها وشدتها حتى يتسنى لصانعي القرار ومنظمات المجتمع المدني تطوير برامج ومشروعات تستند على تقدير حقيقي للواقع وعلى قاعدة علمية ومنهجية وأسس نظرية بعيدا عن التوقعات وأخطاء التحيز والحماس والعاطفة والارتجالية.
من هنا جاءت هذه الدراسة، التي أعدها الإتحاد العام النسائي والهيئة السورية لشؤون الأسرة والمكتب المركزي للاحصاء بالتعاون مع صندوق
الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفم)، لتلقي الضوء على أشكال العنف الممارس ضد المرأة وحجمه وأسبابه وعواقبه ولتساهم في تشكيل رؤية منهجية واضحة تمكن المهتمين بحقوق المرأة وحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة والمجتمع من العمل على تغيير المعادلة القائمة والناظمة لعلاقة المرأة بالمجتمع، وتوفير أرضية قانونية أكثر عدلا و تواؤما مع المبادئ والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، بل وأكثر انسجاما مع الدستور السوري فيما يكفله من حقوق وواجبات متساوية لجميع مواطني المجتمع بغض النظر عن الجنس واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردم الفجوة من خلال تطوير وتنفيذ برامج لحماية المرأة وتمكينها كي تستعيد ثقتها بنفسها كمواطنة كاملة الأهلية تؤدى واجباتها المفترضة، وتنال حقوقها كاملة غير منقوصة مما يؤهلها للمشاركة الكاملة في برامج التنمية الوطنية وتضمن تحقيق نتائج حقيقية قابلة للقياس على المستوى المجتمعي و الإنساني.
والله ولي التوفيق
المدير الإقليمي
صندوق
الأمم المتحدة الإنمائي للمرآة
المكتب الإقليمي للدول العربية
د. هيفاء أبو غزالة
المحتويات
مقدمة
الفصل الأول: الإطار النظري للدارسة
الفصل الثاني: منهجية الدراسة
الفصل الثالث: الخصائص الأساسية للأسر والمساكن
الفصل الرابع: صور من السلوكيات الأسرية التقليدية المؤذية للمرأة
الفصل الخامس: طبيعة الأخطاء التي ارتكبتها المرأة في إطار الأسرة ونوع العقاب الممارس.
الفصل السادس: العنف الواقع على المرأة: أنواعه، مصادره، أدواته.
الفصل السابع: آراء ومواقف حول بعض أسباب مظاهر العنف الواقع على المرأة.
الفصل الثامن: استنتاجات عامة ومقترحات.
المراجع
الدراسة من إنجاز:
الاتحاد العام النسائي،
والمكتب المركزي للإحصاء،
والهيئة السورية لشؤون الأسرة،
بالتعاون مع صندوق
الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة – اليونيفيم