بقلم : أحمد الزوجال
مناسبة هذا الحديث هو التهليل والتهويل الإعلامي الذي أعطي لمبارة مصر والجزائر حيث إستحودت أحداث هذه المبارة على جزء كبير من صفحات الجرائد ونشرات الأخبار وبرامج إذاعية ...إلخ وتسببت في أزمة دبلوماسية بين البلدين الشقيقين " المسلمين " إضافة إلى ما وقع من شغب أشعل فتيله الأول الإعلام من الطرفين. كل هذا من أجل مبارة كروية فيها الرابح والخاسر دائما . لكن الإشكالية التي أود طرحها هنا هي جدلية الكرة بالسياسة . نعلم جميعا أن للكرة شعبية كبرى وسط المجتمع المغربي والعربي وغيره . ويمكن القول بأن جمهورها يعتبر أكبر" حزب سياسي " بالعالم العربي وبالمغرب .
ولهذا نريد معرفة كيف تستغل الكرة سياسيا من طرف الدولة والأحزاب ؟ وأن الدولة تريد أن تغطي عن الأزمات التي يتخبط فيها المجتمع بالفرجة الكروية وتحويل إهتمام المواطنين واللعب بهم وعليهم بمقابلة لا تعني شيء في مقابل الفقر والمرض ...
لنبين حضور النظام المغربي في المجال الرياضي عموما والكروي على وجه الخصوص . والسؤال الذي يطرح نفسه أين يتجلى المخزن في الرياضة المغربية ؟ نجيب على السؤال كالتالي :
أولا : من خلال التسميات . فنجد إسم" الجامعة الملكية المغربية" في مقابل ذلك نجد في دول أخرى إسم" إتحاد وطني" ونضيف هنا إسم الدوريات العديدة الدولية منها والوطنية والمحلية .التي يتم تنظيمها في المغرب نجدها غالبا تحمل إسم أحد أفراد العائلة الملكية أو تقام تحت إشرافها . والأمثلة على هذا كثيرة منها : كأش العرش .كأس محمد الخامس لكرة القدم . كأس الحسن الثاني للتنس . هذا في مجال الكرة والتنس وهناك أمثلة أخرى في في رياضات عديدة .
ثانيا : من الناحية القانونية نجد أن العامل والوالي يشكلان رأس الحربة لأنهم مسؤولين بالدرجة الأولى على تنفيذ إستراتجية الدولة -إن كان يحق لنا أن نسميها كذلك - جهويا ومحليا وهناك المجالس الجماعية والمقاطعات لكن هذين الأخيرين غير ملزمين بفعل شيء رغم وجود بعض الفصول التي تشير إلى دور المجلس الجماعي وغيره بالقيام بما تم تسطيره وسنه لدعم الرياضة من جميع الجوانب .وبالتالي تبقى تلك القوانين غير ذات جدوى ليبقى الأمر خاضعا لتعليمات فوقية عند الحاجة . ولا يخفى على أحد تبعية كل من المجالس الجماعية وغيرها على التوالي للعامل والوالي وصولا لوزارة الداخلية وبعدها إلى فوق . وهذا واضح جدا في القانون الإداري .ولنوضح أكثر ما ذهبت إليه المقالة نذكر بأن الجامعة الملكية كان يرأسها مخزني وجاء الفهري بمباركة مخزنية أيضا هذا على المستوى الوطني . أما على المستوى المحلي نذكر أيضا بالدور الذي لعبه كل من إدريس البصري مع فريق نهضة سطات وكان يعتبر الرجل الثاني في الدولة . ومحمد المديوري الذي كان رئيس الأمن الشخصي للراحل الحسن الثاني مع فريق الكوكب المراكشي وهناك أمثلة أخرى ...
من خلال ما تقدم يمكن الجزم لمن يشك أولا : بسيطرة المخزن على الواقع الرياضي وثانيا: بدل القول بالروح الرياضية أن نقول الروح السياسية للكرة لأن هناك إستغلال بشع للكرة في المجال السياسي . كيف ؟ سؤال مشروع نجيب عليه بما يلي :
- على مستوى الدولة نجد أن السياسة المتبعة هي فن التزويق والترقيع والماكياج السياسي بمعنى ليس هناك رؤية أي إستراتجية في المجالات الحيوية وبالتالي عندما تحل الأزمات بنا ويشد الوضع داخل المجتمع تحاول الدولة لعب آخر الأوراق لديها وهي صرف إهتمام المواطن عن الواقع المعيشي المزري إلى مجال الفرجة وعالم الكرة ليفرغ الكبت التي تمارسه الدولة عليه في مدرجات الملاعب عن طريق العصبية لهذا الفريق أو ذاك ومنه يبح صوته مناصرا لفريق دون آخر ومحدثا شغبا في المدرجات والملاعب . وبمنطق الدولة اللهم الشغب داخل أسوار الملاعب ولا الإحتجاج في الشوارع وأما م البرلمان وهذا يعكس ضعف الوعي لدى أغلبية المغاربة الذين يعانون من الفقر والمرض والأمية ...
- أما على مستوى الأحزاب السياسية فهذا أمر بات معروفا لدى الخاص والعام والقاصي والداني . فعندما تقترب المواعيد (الموائد ) الإنتخابية نلاحظ بعض السياسيين يتقربون تزلفا بدعم الفرق الكروية بالمال والتدخلات والتسهيلات وما إلى هنالك ويحضرون المقابلات التي تجرى . ونكتفي بهذا وكما يقال الحال أبلغ من المقال .
بقي الإشارة إلى نقطة مهمة وهي الثقافة الكروية إن جاز أن نسميها ثقافة .المنتشرة لدى الشباب ومن إبتلي بهذا المرض الكروي كبارا وصغارا ونساءا . ونسجل هنا العصبية الكروية المفرطة حيث نجد أن كل منا صري فريق ما يكنون العداء لمناصري فريق آخر وما أحداث الشغب في الملاعب عنا ببعيد في المغرب . وعلى المستوى العربي ما وقع مؤخرا بين مشجعي منتخب الجزائر ومصر وكان تدخل الدولة من الطرفين واضح وضوح الشمس . والأشد والأنكى من هذا هو سخرية الكيان الصهيوني من جاهلية العرب التي أحيتها الكرة لقد بلغ السيل الزبى ومن يوم لآخر نتجه نحو الإنحدار والحضيض وتترسخ لدينا ثقافة القطيع أو ذهنية القطيع لأني حاليا لا أجد تفسير لخروج الناس إلى الشوارع يهتفون بأسماء اللاعبين والفرق التي يناصرونها ولا يخرجون إلى نفس الشوارع ضد من يساهم في تفقيرهم ويظلمهم ويستعبدهم ....لكن ساعة وساعة