ويبقى الوطن شامخا
شعر عزالدين مبارك
لقد ابتليت بحبك
يا وطني
فعش شامخا للأبد
فلا يهم السماء
نباح الكلاب
ولصوص البلد
وعواء بنو آوى
ومرضى الفصام والحقد
فما تعني الفواصل
أمام الالياذة
وجمر الحروف والسرد
وما ذا يفعل الطوب
أمام السيول الهادرة
وهل يتقوى الجليد
ضد الشموس ويصمد
ورغم عطاءك الغامر
وحضنك الدافئ
وسماحة وجهك
غدروا بك
وباعوك بالدرهم والدولار
وفتات اللبن
والحشايا
وأقلام الزينة
وجعلك الرعاع
مزادا في الخفاء والعلن
وجعلوك علفا لشياههم
الهائمة في محافل الدجل
وحقيبة سفر متجولة
وما شبع الجائعون
للحمك الشهي
وكأنهم يأكلون التراب
والبرسيم كالدواب
ويشربون نار الجحيم
فيا وطني المنكوب
أنت القصيدة والشعر
وتعويذة الفجر
وغدو البدو والترحال
في مسافات القفر
وهمهمة الموتى في القبر
وأوجاع القهر
وقوافل الجائعين
والمقهورين من الغدر
والفقر
فالوطن لباسكم الوحيد
وهو الملاذ والمنفى
والقدر
وهو لأصحاب الغفلة
مزبلة لترفهم
ومجرد غنيمة ومنفعة
فأنت رغم أنفهم
النبض الخافق بين الضلوع
وخفقة الحب البريء
وإطلالة الأم الصابرة
وصمود الفلاحين
وحماري المنكود الحظ
أنت شيح البراري
وعطر الخزامى والزعتر
فالقليل منكم
يفقه لغة الوطن
بعيدا عن الغنيمة
والفلس
والمنصب
والنياشين
والأوسمة القصديرية
والولائم العامرة
والوسخ الموبوء
وذل التسول على أعتاب السفارات
والولاءات
فالقليل منكم يعرف كبرياء الصبار
والحنظل
وعصفورة أمي سيسي والقبرة
وستذهبون يوما
بما تملكون
وبما تغنمون
وبما ترفلون
إلى الجحيم
وقد تظنون أن بالحيلة
ستراوغون الرب
وتفلتون من بئس العاقبة
وأن معسول الكلام
سيغدر بالنابهة
وقلوبكم حاقدة
جامدة كالصخر
منافقة كسحابة الصيف
وجاحدة كالأرض القاحلة
ورغم كل شيء
يبقى الوطن شامخا.