المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
التغير محمد العنف الخدمة المجتمع التلاميذ الاجتماع الشباب البحث الاجتماعية الجوهري والاجتماعية موريس المرحله التنمية الجريمة كتاب الالكترونية المجتمعات التخلف الجماعات اساسيات الاجتماعي في تنمية العمل
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم: محمد عز العرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Empty
مُساهمةموضوع: مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم: محمد عز العرب   مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم:   محمد عز العرب Emptyالخميس ديسمبر 11, 2014 3:10 am

مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول ............ بقلم: محمد عز العرب

الذى يطالع صفحات الحوادث فى الصحف المصرية يكتشف "كابوسا" ابتلى به صعيد مصر منذ قديم الأزل، ولكنه عاد من جديد وكأنه "قنبلة موقوتة" قابلة للانفجار فى أى لحظة من اللحظات. و"شيطان الثأر". "إرهاب جديد" "الشر الجامح" "دستور الصعايدة" مصطلحات تعبر عن أن الثأر هو طائر الموت الحزين الذى يرفرف على حياة أهل الصعيد مختطفا أغلى ما لديهم من شباب ورجال وأحيانا أطفال.
ويحرم مصر من جهد أبنائها لبناء المستقبل القادم، وما أن وقع حادث الثأر الأخير فى قرية "بيت علام" بمحافطة سوهاج حتى انطلقت الأقلام الصحفية والبرامج التليفزيونية لتناقش هذه الظاهرة إنطلاقا من مقولة "الثأر لا يولد إلا ثأرا مثله".
"أحوال مصرية" حاولت أن ترصد الظاهرة وأسبابها ونتائجها وطرق علاجها بالتطبيق على مذبحة "بيت علام "، من خلال استطلاع رأى الخبراء من علماء الاجتماع والأطباء النفسيين، أساتذة الإعلام ورجال الدين الذين أجمعوا على ضرورة تكاتف جهود كافة الأجهزة المعنية من أجل احتواء الظاهرة.
وجريمة الثأر قديمة قدم التاريخ، ومنذ خلق الله الإنسان وبداخله الرغبة فى الثأر للحصول على الحق الضائع، وعند قاعدة عريضة من الناس يعتبرها حقا مكتسبا لولى القتيل، وهى جريمة ليست فى مجتمعنا المصرى فقط، ولكنها فى معظم المجتمعات الإنسانية، وفى مصر تنتشر أكثر فى الوجه القبلى، وما يحدث من تحريض من أبناء الصعيد للخصوم بالإضلافة إلى ميراث الثأر الذى توارثوه من أسلافهم إلى جانب كثرة أفراد العائلة ما يشعرهم بالتماسك والاطمئنان ويقدمون على جريمة الثأر حتى لا ينقص قدر الفرد وسط عشيرته. أضف إلى ذلك ما نشأ عليه أبناء الصلعيد من الزهد فى التعامل مع الجهات الأمنية، فلا نجد شاهدآ على جريمة الثأر أو حتى اتهاما موجها للجانى الحقيقى فى القضية..، لعل توافر الأسلحة فى الصعيد يعد عاملا مؤثرا كذلك. والثأر جريمة لا تتعلق بسيكلوجية فرد أوشخص بعينه، ولكنها جريمة ترتبط بمجتمع له خصائص نفسية تميزه عن بقية المجتمع المصرى. بجانب عاملين آخرين.
الطبيعة الجبلية التى تسهل الفرار وتخبئه السلاح. التطرف فى درجات الحرارة، صيف شديد القيظ وليل شديد البرودة دون حماية.
مثل هذه الطبيعة وذلك المناخ خلق داخل أهل الصعيد سمات شخصية، تتسم بالحدة وعدم المرونة.
ثمة ثلاث محافظات تكاد ترتفع بها نسبة وقوع جرائم الثأر، هى أسيوط وسوهاج وقنا.
ويتوقع أن ننحسر هذه الجريمة مع مرور الزمن، لما يطرأ على المجتمع من تطورات اقتصادية وثقافية بارتفاع المستوى التعليمى وتغيير المناخ الاجتماعى.
وتتخذ وزارة الداخلية جميع الاجراءات الوقائية فى تلك المحافظات وعلى دراية كاملة بالخصومة الثأرية بين الأطراف، بل كانت مديرية أمن سوهاج تشرف على مساعى الصلح بين عائلتى "عبدالحليم" و "الحناشات" وأقامت أكثر من جلسة صلح بينهما، إلى جانب شن حملات ضبط الأسلحة غير المرخصة لدى الطرفين وإحالة المتهمين بحيازتها للمحاكمة.
كما اتخذت بعض الإجراءات الاستثنائية باعتقال الأطراف المؤثرة فى الطرفين والتى تساعد على اشتعال نيران الثأر فى الخصومة.
ويوجد بكل مديرية أمن ملف خاص بكل خصومة ثأرية تتضمن تاريخ الخصومة وأسبابها وأطرافها والإجراءات التى اتخذت فيها، ويحصل المركزأو قسم الشرطة على صورة من هذا الملف مع توافر صورة أخرى بالوزارة.، إذا وقعت أى جريمة حديثة وأصبحت تمثل خصومة جديدة تجرى عملية المتابعة لها من خلال معرفة الأطراف المؤثرة وتحليل الاتجاه نحو الانتقام أو الاعداد لارتكاب جريمة مضادة مثل شراء الأسلحة أو التجمعات غير القانونية أو ترصد أى طرف للطرف الاخر.
هذا بالإضافة إلى سياسة الصلح بين العائلات فى شتى نواحى مصرمستعينين برجال الدين والأفراد المؤثرين فى تلك العائلات.
فالثأر ليس مشكلة آمنية فقط، بل هو بالدرجة بالأولى مشكلة اجتماعية تتغلغل فى نسيج الفكر الصعيدى التقليدى. فهناك نسبة كبيرة من المتعلمين والمثقفين لا يستطيعون أن يجهروا برفضهم للثأر كمبدأ، حتى إنهم يتشدقون أحيانا بكلمات منمقة تتخللها كلمات عن التحضر والتسامح، ولكننا نفاجأ بأنهم يشكلون إحدى دعائم إذكاء الصراع بين العائلات عند أول نزاع ينشب.
ومهما تكن الإجراءات الأمنية غاية فى الصرامة، والمتابعات الأمنية تعمل على قدم وساق فإنه مع افتراض المستحيل، بإقامة- كردون أمنى حول كل عائلة ودورية أمام كل "غيط" وحتى لو انتشرت السيارات المدرعة فى جميع الطرقات، فلن نغير ما فى العقول.
ولا تستطيع وزارة الداخلية بمفردها مواجهة هذه الظاهرة، بل لابد من تكاتف جميع أجهزة الدولة لمواجهتها، ونشر الوعى الدينى والثقافى ، فى منطقة الصعيد ودعم البنية الأساسية وارتفاع المستوى الاقتصادى للفرد حتى ينشغل عن هذه العقيدة حفاظا على مكانته الاجتماعية.
ـ أسباب الثأر
عديدة هى الأسباب والعوامل البنائية التى تؤدى إلى إنتاج أو إعادة إنتاج ظاهرة الثار كقيمة وكوسيلة لتطبيتي "قانون الدم "والثأر الفردى والجماعى، بديلا عن إنفاذ القواعد القانونية فى حالة القتل أو السرقة أو الضرب، إلى أخر المسببات التى تؤدى إلى انفجار الخلافات بين العائلات الممتدة والعشائر، بحيث يلجأ البعض إلى "قانون الثأر" لحسم الخلافات.
هذه الظاهرة تسود بعض المحافظات والمدن والقرى التابعة لها فى صعيد مصر. وهذا يرجع لأسباب عديدة، أولها: ارتباط قانون الثار بما يسمى (الشرف العائلى والشخصى) بحيث يترتب على عدم تطبيق قواعد القانون الثأرى عدد من الأمور التى يعدها البعض ماسة بشرفهم وكبريائهم وشجاعتهم، منها:
أ- رد الفعل السلبى داخل الوسط العائلى الممتد أو العشائرى أو القبلى، سواء بتجنب من نكل ولم يقم بالثار أو احتقاره أو شيوع النميمة السلبية القاتلة حول الشخص المنوط به من عائلته الأخذ بالثار واتهامه بالجبن وفقدان الرجولة وهو خطاب "تحقيرى "للشخص أو الأسرة، وخطاب "تحفيزى" أيضآ حيث يرمى إلى استتفار اعتبارات النخوة والشجاعة.
ب- أن الشخص المنوط به الأخذ بالثار وفق التقاليد، سواء أكان أبن المقتول آو الأخ أو أبن الأخ إلى أخر سلسلة القرابات والقواعد التى يبنى عليها تحديد من هو المسند إليه أعمال قانون الثأر. ومن المعروف أن حواء (الصعيدية) متهم أساسى فى قضايا الثار بالصعيد، وهى المتهم البرئ، الذى لا يطوله القانون، ولا تقع تحت طائلته. فمن الزوجة التى قتل زوجها، وتظل ترضع أطفالها شيئا واحد فقط هو الثأر، وهى الأم التى قتل أبنها وتظل تعرض زوجها وباقى أبنائها وأشقائها للثأر لدى أبنها.
وهى الشقيقة التى تحرض باقى أشقائها للانتقام والثار لدى شقيقها، المرأة فى الصعيد وباعتراف المجتمع حتى الرجال أنفسهم امرأة قوية ومسيطرة، وهى الأحرص على العادات والتقاليد الصعيدية الموروثة من زمن الأجداد، وتظلي فى البيت لأطول وقت، وهو وقت كاف تمامآ لتلقين أبنائها أوزوجها وتطالبهم بالثأر لدم أريق وأهدر.
أما السبب الثانى ما نسميه "إدارة أزمة الثأر"، فمن ناحية أولى، على الصعيد الامنى والإدارى، غالبا يلجأ رجال الضبط وبعضهم قادمون من محافضلات الوجه البحرى أو القاهرة ولا يعرفون معلومات عن الخريطة الثقافية والاجتماعية لهذه المناطق، واذا توافرت تكاد تكون محددة. فلابد من إتاحة الفرصة لرجال الأمن لمعرفة نظام القيم والظواهر الاجتماعية وطبيعة المشكلات داخل كل محافظة، وفى المدن والقرى التابعة لمحافظات الوجه القبلى ولاسيما فى جنوب مصر، لأن غياب هذه المعرفة أو تشوشها أو انطباعيتها يودى إلى أن القادمين من خارج المحافظات (الضبط القضائى أو أجهزة الامن) يتصرفون وفقا لخبرتهم فى محافظات أخرى رغم التمايزات بين التضاريس الاجتماعية والسياسية لكل محافظة عن الأخرى.
ومن هنا، يلجا بعض رجال الضبط والأمن إلى الاعتماد على قانون العائلة أو العشيرة أو العصبية وهو الاعتماد على السلطة الائوية لكبير العائلة داخل المنطقة التى تثور فيها نزاعات الثار. ويرمى البعض من وراء ذلك تخفيف الاحتقان الأمنى حتى لا يخضع للمساءلة من القيادات الأمنية وليتجنب استفحال نطاق الجرائم المقترنة أو المصاحبة لجريمة الثأر.
غير أن الاعتماد على قانون السلطة الأبوية يؤدى إلى إعادة إنتاج القوانين العرفية والأخطر إعادة إنتاج هياكل القوة التقليدية القائمة على الاساس القبلى أو العشائرى أو العائلى الممتد، وهى قوة لا يزال جهاز الدولة المصرية يعتمد عليها فى الادارة السياسية والأمنية فى صعيد مصربل الوجه البحرى أيضا.
أما السبب الثالث، فيتعلق بأزمة تطبيق القانون الحديث، حيث يرى البعض عدم تطبيق القانون على الجميع بدعوى خصوصية هذه المناطق، وهو قناع يرمى للإفلات من إنقاذ القانون عليهم وعلى بعض عائلاته ومؤيديهم، وتواطؤ البعض نسبيا على هذا الأمر هو تكرش لقانون القوة والعصبية.
ويشير السبب الرابع إلى صحوة العصبيات وأبنية القوى التقليدية خلال العقدين الماضيين نتيجة التغير فى طبيعة الدولة والنظام السياسى من السياسات التدخلية والاجتماعة إلى الوظائف التقليدية للدولة الحارسة مع بعض التدخل الطفيف، مما يؤدى إلى فجوات تنموية بين محافظات وأخرى وفقا لاختيارات وأولويات القطاع الخاص الذى يميل إلى الربحية والسرعة والاستثمار فى مناطق توجد بها قاعدة استهلاكية قادرة على شراء الخدمات المقدمة كالقاهرة والإسكندرية والمحافظات السياحية. ولولا تدخل الدولة النسبى فى أعقاب عنف الحركات الإسلامية الراديكالية، لأصبحت هذه المحافظات غائبة عن الوعى السياسى النخبوى، مما أدى إلى تزايد اعماد الجمهور فى الصعيد على الأطر التقليدية المعتمدة على العائلة الممتدة والعصبيات العشائرية، والأخطر أن جهاز الدولة بتعامل مع هذه الاطر- تساهلا أو اضطرارا- للإدارة اليومية الحكومية للحياة فى هذه المناطق، وهو ما يمثل ضعف وازعات الردع القانونى والأمنى الذى يمثله قانون الدولة واللامبالاة بالأطر السياسية والقانونية الحديثة لصالح القانون التقليدى.
كما أن ارتفاع معدلات الأمية وتزايد البطالة يشكلان جرحا للقناعة بجدوى النظم والمعايير الحديثة فى تنظيم وضبط العلاقات الاجتماعية، علاوة على أن الخدمات التى تقدم إلى محافظات الصعيد لم تؤد إلى تحقيق نتائج مؤثرة على تغيير اتجاهات غالبية الجمهور إزاء اتساق القيم التقليدية السائدة ومن ضلمنها الثأر.
ـ مذبحة بيت علام
تمثل الخصومة بين عائلتى "الحناشات" و"عبدالحليم " فى قرية ميت علام فى سوهاج التى كانت مسرحا فى منتصف أغسطس قبل الماضى لمذبحة السبت الأسود التى قتل فيها 12 شخصا من العائلة الأولى على يد الثانية فى أكبر جريمة ثأر شهدتها مصر فى تاريخها الحديث، صراعا بين عائلة تتتمى إلى أصول فقيرة وتمكنت فى السنوات الأخيرة من الثراء (الحناشات) وأخرى من أعرق عائلات القرية (عبدالحليم)، لدرجة أن بعض الكتابات الصحفية والدراسات الاجتماعية تقول أن أهالى بيت علام استطاعوا تكوين "إمبراطورية صعيدية" فى دول الخليج.
ويعود تاريخ الخصومة إلى 1990 عندما تفجرت مشادة كلامية بين أحد أبناء عائلة الحناشات، وإثرالمشادة الكلامية قام أحد أبناء عائلة الحناشات بضرب ابن عائلة عبدالحليم بالحذاء. وردت عائلة الأخيرة بإجبار كبير الحناشات على خلع ملابسه والسير عاريا فى القرية. وأعقب هذه العملية تبادل لإطلاق النار بين العائلتين انتهى إلى مقتل أحد أبناء الحناشات، لتبدأ رحلة الثأر بين العائلتين، ويستمر طوال هذه السنوات حتى تحقق لعائلة الحناشات أن ثأروا لقتيلهم فى أبريل الماضلى بقتل أحد أبناء عائلة عبد الحليم ويدعى همام، وكان رد الأخيرة ما حدث فى بيت علام مؤخرا.
وكان أبناء عائلة عبدالحليم قد نصبوا كمينا عند مدخل قرية بيت علام لأبناء عائلة الحناشات الذين كانوا فى طريقهم لحضور جلسة محاكمة أحد أفرادها فى حادث ثأر مع عائلة أبناء عبد الحليم، وقبل أن يغادروا القرية خرج أبناء عائلة عبد الحليم من مكمنهم وأمطروا السيارتين اللتين كانتا يستقلونهما بالرصاص، وقالت الشرطة إنه بلغ أكثر من 1000 رصاصة مما أسفر عن مقتل 22 واصابة ثلاثة آخرين، وهو ما يشير إلى البعد الخارجى لظاهرة الثأر حيث تتعدد مصادر الأسلحة المستخدمة فى المذبحة وهى الصين وروسيا وبولندا والعراق.
ويرجح البعض أن مرتكبى الجريمة الفعليين قد طاروا إلى الخليج عن طريق مطار الأقصر بعد الحادث بأربع ساعات، فالكويت أقرب إليهم من الإسكندرية، لذا تطور حادث الثأر الجماعى بسرعة مذهلة ووصلت اصداؤه خارج الحدود المصرية، إذ تشاحن أبناء عائلتى الحناشات وعبد الحليم العاملين بالكويت، مما أدى إلى قيام القنصل المصرى العام فى الكويت بإجراء اتصلالات معهم، وعقد اجتماعا مع قيادات كل عائلة على حدة لتهدئة الوضع واحتواء تداعيات الأزمة.
ومن الجدير بالذكر أن هناك ظاهرة تعد الأولى من نوعها ليس فى مصرولكن فى العالم كله. وتتلخص فى أن مدرسة بيت علام قامت بتقسيم تلاميذ المدرسة إلى مدرستين بإداراتين منفصلتين، تعمل كل واحدة منهما منفصلة عن الأخرى، وذلك منذ بداية العام الدراسى الماضى. والمثير أن عملية الفصل هذه لم تكن على أساس الجنس- التفريق بين الذكور والإناث- ولكنها تمت على أساس عائلى وقبلى. حيث تم الفصل بين التلاميذ الذين ينتمون لعائلة عبد الحليم والذين ينتمون لعائلة الحنيشات وهو الحل الذى تراه إدارة المدرسة منعا لتجدد حوادث جديدة بين العائلتين اعتمادا على أن الحوادث الثأرية الكبرى عادة ما تبدأ من خناقات الأطفال الصغار.
قرية بيت علام شأنها شأن أى قرية صعيدية ترتمى فى حضن الجبل، لكن يبدو لزائرها أن لهذه القرية خضوصية. فمعظم طرقها مرصوفة رصفا جيدآ وبها وحدة محلية تجمعها مع القرى من حولها فى نظام جيد، ونسبة التعليم تزيد على 30% من سكانها البالغ عددهم 17 ألف نسمة، يعيشون على زمام فراعى قدره 1300 فدان، وتشتهر بكثرة سفر أبنائها إلى دول الخليج، ومنهم من يحمل شهادات عليا ويشغل مناصب مرموقة ويجوز عددا لا بأس به منهم على شهادات الدكتوراء.
ـ آراء الخبراء
لا يختلف اثنان على خطورة ظاهرة الثأر التى يعانى منها المجتمع المصرى وفى الصعيد على وجه الخصوص. الكل يتفق على ضرورة تكاتف الجهات المغنية لمواجهة الظاهرة وايجاد حلول سريعة ومناسبة لها.
علماء الدين طالبوا بإجراء تعديل تشريعى يلغى من القانون شرط سبق الاصرار والترصد فى توقيع عقوبة الإعدام على المتهم بالقتل العمد خاصة أن ذلك يتفق مع أحكام الشريعة الاسلامية التى تطبق القصاص.
رجال القانون برروا عدم توقيع عقوبة الإعدام فى الكثير من جرائم الثأر لعدم توافر الأدلة الكاملة لشرطى الاصرار والترصد لرفض أبناء الصعيد الادلاء بشهاداتهم فى هذه الجرائم.
أساتذة الاجتماع اكدوا أن القانون وحده لن يحل المشكلة، والامر يحتاج إلى حلول اقتصادية واجتماعية وتوعية دينية وثقافية.
الأجهزة التشريعية والتنفيذية والامنية عقدت المئات من جلسات الصلح فى صعيد مصر لانهاء الخصومات بين العائلات لتفادى وقوع حوادث ثأرية، ويؤكدون أن البعض منها جلسات صورية لا يلتزم بها أحد.
الدكتور أحمد المجدوب- الخبير بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- أكد أن ظاهرة الثأر تم القضاء عليها فى العديد من البلدان العريية، أما فى مصر فقد انحسرت إلا قليلا، نظرا لأن بعض المحافظات ظلت لقرون طويلة معزولة ومهملة - بحكم الموقع- من جانب الحكومات المركزية المتعاقبة، مما جعل العصبيات القبلية فى هذه المناطق تمارس دورها فى الحفاظ على هذه العادة.
وقال إن جرائم الثأر فى الريف المصرى من قبيل الجرائم التى يتسبب فيها عامل العادات والتقاليد باعتبارها تمثل جزءا من تراث الآسرة أو القبيلة ولا يكون فى استعداد أية جماعة النزول عن حقها فى الدم مقابل أخذ الدية، أو فى مقابل تعويضات مناسبة، إذ يعتبر ذلك بمثابة عار وسبة فى جبينهم.
ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة يرى الدكتور المجدوب ضرورة إيجاد حلول مناسبة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمحافظات الصعيد بصفة خاصة، وتغيير النظرة إليها نهائيا وعدم التفرقة بينها وبين محافظات الوجه البحرى التى تحصل على قدر كبير من الاهتمام.
وطالب بنشر الوعى الدينى والثقافى بين أبناء الصعيد لتعريفهم حكم الشرع فى الثأر، وأنه ليس من حقهم القصاص لأنه من اختصاص ولى الأمر وليس الفرد.
وأوضح أن عقوبة السجن التى توقعها المحاكم على المتهمين فى جرائم الثأر لا تحل المشكلة بين أهل الصعيد لأن أهل القتيل يعيشون فى ذلة طالما كان القاتل حيا حتى لو كان داخل السجن، أما فى حالة إعدامه فتنتهى المشكلة تماما.
ويقول د. صفوت العالم- الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة- الثأر مشكلة لها أبعاد عديدة، لا يكفى أن تكون المصالحات هى الحل الوحيد لها. فهناك لابد أن يتم التكامل بين هذه الأبعاد وبعضها البعض، وقد يكون للإعلام دور، ولكنه لن يحقق أهدافه المرجوة إلا بالتكامل مع الأبعاد الاجتماعية والتريوية والدينية والسلوكية والاقتصادية داخل المجتمع الصعيدى، ولابد من وجود رؤية لكل المسببات والدوافع الخاصة بموضوع الثأر وتطبيق النظرة الأعمق من خلال رصد كل حالات الثآر وتوثيقها وتحليلها، ليس الحالات الفعلية فقط، ولكن المرتقبة أيضا، فما جدوى الحكم المحلى والعمدة والأحزاب السياسية والامن إذا لم تقم بذلك؟ أما بالنسبة للإعلام، فنحن بصفة عامة فى حاجة لبعض الأفكار مثل تدعيم فكرة السلوك المتسامح من خلال نماذج سلوكية درامية واعلانات توعية، لأننا لو اقتربنا من الثأر بشكل مباشر لن يتقبل أحد النصح، بالاضافة إلى تقليل العنف الذى يقدم فى الدراما والسينما ووسائل الإعلام، وتقليل وقت الفراغ داخل مجتمع الصعيد - فتحليل أسباب ودوافع الثأر أكدت أن نسبة كبيرة من تلك الحالات السبب وراءها عدم وجود مهن حقيقية تتسم بالانتظام والدورية. لذا، لابد من وجود أجندة تمولها وزارة الشئون الاجتماعية بأعتبار الثأر والفراغ والبطالة أولى أولويات تلك الأجندة.
وعلى الجانب النفسى، يرى د. فكرى عبدالعزيز أن هناك كثيرا من حالات الثأر التى حدث فيها بعض المصالحات وصاحبها تواجد رجال السلطة التنفيذية والتشريعية، ولكنها كانت مجرد هدنة تؤثر عليها الأحداث الجارية وتؤدى إلى عودة القتال وسفك الدماء، ولذلك فنحن نرى ضرورة توافر الأمن الصحى والاجتماعى المرتبط بإزالة الضغائن وتقبل المواقف وايجاد الدوافع وتواجد ملموس للمرأة وتنمية الجانب الإيمانى، كما يتطلب أيضا أن تكون هناك تفاعلات دورية تحت رعاية من قاموا بهذا التصالح لإذكاء روح الود والمحبة وازالة الخوف والرهبة.
وترى د. نوال عمر- أستاذ الإعلام بجامعة الزقازيق- أن الثأر نوع من أنواع الانحراف، فنحن نزرع فى نفوس شبابنا كيفية أن يصبحوا قتلة، والمصالحات التى نسمع عنها كانت موجودة فى الماضى لكن بلا تركيز، ومع تعاظم دور الإعلام أصبحت معلنة، ولذلك فعلى الإعلام ان يتتاول القضية ويقوم بتوعية الشباب الصغير بخطورة الثأر، والتركيز ينصب على فئة الشباب لأن الآباء والأمهات ينقصهم التفكير والتعليم.
وأكدت على دور الإعلام بصورة كبيرة لا مجرد تقديم فقرة صغيرة فقط عن الثأر فى البرامج والأفلام والمسلسلات، ولابد من عمل ولو فيلم تسجيلى عن مثل هذه الظاهرة الخطيرة لأن جهود الإعلام قاصرة على قضايا أخرى، ولا يعلم أن الثأر أخطر القضايا. وعلى المحافظين فى الصعيد أن يخصصوا يوما للعائلات الكبيرة بحضور أخصائى نفسى وعالم اجتماع لعمل لقاء مفتوح مع الأهالى، ولو تم ذلك فإنه سيؤثر تأثيرا خطيرا، خاصة إذا حضر رجال الدين وقاموا بتقديم توعية وآيات قرأنية تؤكد على خطورة الثأر.
وتؤكد د. سامية الساعاتى- أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- أن الثأر ظاهرة قديمة جدا حيث تقوم على ميراث السلف إلى الخلف، أى أنها عادات تتداول من الجيل الواحد إلى الأجيال الأخرى بعد ذلك. هذه العادات الاجتماعية ورثت بين الأجب، ل وأصبحت تقاليد وأعرافا يشبهها علماء الاجتماع ب (القرص) الذى لا يكسر ولا يستطيع أى إنسان أن يحطمه بمعنى أنه ليس من السهل تغيير الأفكار والعادات والتقاليد.
تضرب د. سامية مثالا لذلك بقصة سيدنا إبراهيم عندما حطم الاصنام ووضع الفأس على كتف أكبر الأصنام. وسأل الكفار كيف تعبدونها وهى أصنام لا تنفع ولا تضر؟
فكان جوابهم: هذا ما وجدنا عليه أباءنا وبالتالى فإن جرائم الثأر يتوارث الأبناء من الآباء جيلا بعد الآخر وتضيف أن جرائم الأخذ بالثأر ترتبط عند أصحابها بالشرف ورفع الرأس وبكل القيم الإيجابية، رغم اننا نراها من القيم السلبية والمنبوذة.. وبذلك إذا لم ننظر لهذه الظاهرة بمنظار جاد، سوف لا نستطيع مساعدتهم للقضاء على هذه العادة. فالطفل الصغير تعلمه أمه أن يأخذ بالثأر وتريه منظر "السكين" الملوث بالدم لتعوده وتزرع فيه هذه العادة.
فالثأر فى الصعيد فوق الأمومة والدين والقانون حيث يتوارثه الطفل من الأم، فإذا كبر وأخذ بالثأر، ارتاحت الأم وانفرجت أساريرها!
ويرى د. أحمد عكاشة- رئيس الجمعية العالمية للطب النفسى- أن الثأر ليس بمرض نفسي، ولكنه مجموعة من العوامل الاجتماعية تحكمها شصية الفرد والتربية والمنظومة الفكرية التى تربى عليها، مؤكدا أن هذه الظاهرة لا تقتصرعلى الصعيد فى مصر فحسب، ولكنها موجودة فى الأقليات فى العالم، وكذلك فى أمريكا الجنوبية، وذلك نظرا لأن شخصية الفرد فى هذه الأماكن عادة ما تكون مصر مرتبطة بنسيج الأسرة أكثر من تأثير المجتمع والمدرسة. فكل طرق التريية فى هذه الأماكن متجهة للثأر منذ الطفولة على أنه مسألة كرامة وشرف. فالثأر عندهم يوازن الاستشهاد!
ويضيف عكاشة هؤلاء الذين يعتمدون على مبدأ الثأر فى حياتهم عندهم نوع من الجمود الفكرى والتضحية فى سبيل الأسرة، وبالتالى ما يفعلونه من جرائم ليس بغريب فى مجتمع نشأ بعيدا عن التوعية الثقافية.
وقال أحمد أبوحجى- عضو مجلس الشعب عن دائرة بندر سوهاج- إن لجنة المصالحات بسوهاج ترصدجميع قضايا الخصومات الثأرية فى كل القرى والمراكز والنجوع، وتجميعها فى مديرية الأمن، ويتم وضع خطط لمحاولة إنهائها والقضاء عليها بإتمام الصلح. واختيار القضية الجاهزة للصلح من بين عشرات القضايا الثأرية يتم من خلال دراسة عدة عوامل منها تساوى عدد الضحايا بين أفراد العائلتين ومدى استعدادهما للصلح وحل النزاع، ومدى تقبل أى منهما لتقديم "القودة" او "الكفن" للعائلة الأخرى إذا زاد عدد قتلاها، بخلاف مشاركة مدير الأمن والمحافظ وباقى المسئولين فى إتمام الصلح.
وأشار إلى وجود صعوبات فى إتمام الصلح لأن الثأر إحدى عادات الصعيد التى يصعب القضاء عليها فى يوم وليلة، وهو بمثابة تراث أجداد وموروثات فكر مئات السنين، ملقيا بجزء من المسئولية على بعض أجهزة الاعلام المرئية والمسموعة لتجاهلها مشكلة الثأر، ومعالجتها بسطحية، خاصة، وإنها تدخل كل بيت صعيدى.
وعن عدم تحرك الأجهزة الأمنية بشكل كاف عقب اكتشافها، يقول أبو حجى الأ أجهزة الأمن لو قامت بوضع عسكرى وضابط شرطة على كل مواطن، أوحتى كتيبة أمن على من عليه ثأر. فإن "الثأر حيتاخذ" بسبب معتقدات الصعايدة.
وتؤكد الدراسات التى أعدتها وزارة الداخلية أن الشرطة نجحت فى إجراء العديد من المصالحات، وأحدثها ما وقع فى محافظة الجيزة فى العياط والذى تم فيه الصلح بين عائلتى "الطحان" و "أبوسريع ". وقد شارك فيه محافظ الجيزة المستشار ابو الليل، وكذلك اللواء أحمد شفيع مدير أمن الجيزة ومحمد أبو العينين عضو مجلس الشعب. ونجح التصالح فى رأب الصدع وحقن الدماء بين المتخاصمين، وحتى عائلتى "الحناشات" و "عبدالحليم" بسوهاج اللتين وقعت المجزرة الأخيرة بينهما، إلا انهما لم يلتزما بهذا التصالح.
الدكتور محمود عودة- أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- يقول: الأولى نتيجة عمل عائلة بدولة خليجية وتغير أحوالها الاقتصادية وبدأت تتعالى على عائلة اخرى تشعر بأنها ذات أصل وأنها الأحق بقيادة القرية. فحدثت المجزرة وهى تحوى استهانة بالطرف الاخر.
نتيجة ضياع 22 رجلا أمام رجل واحد!
والعلاج كما يراه الدكتور عودة أن هناك شروطا مؤسسية من أهمها العدالة الناجزة السريعة واستثمار بعض عناصر التسامح فى القانون العرفى والعودة لفكرة "كفنه على إيديه"، وعلى الجهات المسئولة من اللؤسسات الشعبية والإدارة المحلية والمجتمع المدنى أن يوسعوا عمليات المصالحة بالاضافة الى التنمية الاجتماعية والثقافية واستمرار التعليم ونمو الوعى بشكل عام. وان تكثفت كل الجهود سيقل الثأر مع الوقت فى الصعيد وربما ينعدم تماما.
من جانبه آشار نبيل عبدالفتاح- الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام- الى اهمية "البعد الخارجى" الذى أصبح يؤثر على تتشيط ودعم المعايير والقيم المرتبطة بالثأر، ممثلا فى هجرة أبناء العائلات الممتدة الى أقليم النفط، وهو ما طهرفى قرية أولاد بيت علام مؤخرا، حيث تبين ماديا أن الانقسامات بين عائلتى الحناشات وعبدالحليم أمتدت الى دولة الكويت (مثلا)، بل ان النزاع الثأرى كاد يمتد الى هناك. فخطورة البعد الخارجى تظهر على ثلاثة مستويات:
المستوى الأول، انتقال النزاعات الثآرية الى خارج مصر وبين أبناء الجاليات المصرية فى إقليم النفط، وسوف يؤثرعلى مزيد من الانقسامات داخل هذء التجمعات للعاملين بالخارج، بالاضافة الى التآثير على صورة "مصر والمصريين " لدى شعوب منطقة "البدو نفطية".
المستوى الثانى، الدعم المالى الخارجى للعائلات من زاوية تمويل جرائم الثأر حيث الاتفاق على شراء الأسلحة وتوفير ملجأ لهم إذا لاذوا بالفرار، وعليهم إذا ما تم القبض عليهم من توكيل المحامين والانفاق عليهم فى السجون إذا ما صدرت أحكام عليهم سواء بالسجن أو الحبس.
المستوى الثالث، أن الهجرة الى إقليم النفظ أدت الى إحداث تغيير فى التوازنات الاجتماعية والاقتصادية داخل بعض قرى ومحافظات الوجه القبلي، وهى أن بعض العائلات حدث لها تطورات فى مكانتها الاجتماعية، وهو ما أثر على قدرات هذه العائلة فى شراء الأرض والعقارات وإقامة مشروعات صغيرة داخل القرى والمراكز. الامر الذ ى أثر على قانون المكانة التقليدى الذى يعتمد بدوره على الكثرة والثروة وحيازة الأراضى الزراعية. لذا، فإن المتغير المالى الجديد أثر على المكانة، وهو ما يظهر بصورة واضحة فى مذبحة بيت علام.
ـ أليات المواجهة
إن إنحسار ظاهرة الثأر مرتبط باتباع العديد من السياسات والاستراتيجيات على النحو التالى:
(1) دراسة سوسيولوجية وسياسية وثقافية لخريطة الثأر وتضاريسه وعوامل انتشاره، لأن الدراسات العلمية حول الموضوع تتسم بالمحدودية والمعالجات الصحفية مبتسرة وسريعة.
(2) تأهيل واعادة تكوين رجال الضبظ القضائى وأجهزة الأمن على خريطة كك محافظة فى الصعيد بقراها ومراكزها للتضاريس الاجتماعية والسياسية والقيمية حتى يمكن تسهيل عملية انتعامل اليومى مع المشكلات التى يتحملها الواقع الموضوعى فى هذه التجمعات.
(3) إيلاء عناية خاصة بتنمية المناظق الأكثر عثرا فى محافظات الصعيد المختلفة، من خلال إعادة توزيع خريطة الصناعة والسكان على كل محافظات الجمهورية، لأن ما يحدث الآن يمثل خروجا على المبدأ الذى نادى به رفاعة الطهطاوى "العدل أساس العمران" فانتفى العدل واختفى العمران.
(4) تنمية المرأة الصعيدية مطلب ضرورى وحيوى لأنها تستطيع مع الارتفاع بوعيها ان تلعب دورا أساسيا فى الحد من هذه الجريمة.
(5) تدريب الطلبة والطالبات فى محافظات الجمهورية على مفاهيم دولة القانون، من المرحلة الابتدائية، انتهاء بالجامعة، كل مرحلة حسب خصائصها العمرية والنفسية والاجتماعية، وتدريبهم على تطبيق المعايير القانونية فى سلوكهم اليومى.
(6) أن يلعب الجهاز الإعلامى- الحكومى وغير الحكومى- دورا بالتتسيق مع وزارة التريية والتعليم والأجهزة السياسية المختلفة، على أن تكون وسائل الإعلام مسموعة- مرئية- مقروءة) منابر حقيقية لحوار جاد بين الأفراد حول المشكلات التى يواجهها المجتمع فى الصعيد، وهو ما ظهر من خلال عدة برامج مثل "غصن الزيتون" و "الحب فى بر مصر" و"صح ولا لأ".
ـ خاتمة
فى النهاية يمكن القول أن طوفان العنف يجتاج مصر كلها وليس الصعيد وحده، ولكن الحادث الأخير "ببيت علام" لايمكن تصنيفه على أنه "حادث ثأر"، لأن حوادث الثأرغالبا ما تتم بشكل فردى، أما الحادث الأخير فيندرج تحت ظاهرة العنف التى انتشرت فى جميع أقاليم مصر واتخذت أشكالا مختلفة. ففى الصعيد على وجه التحديد، انحسرت جرائم الثأر خلال العقود الأخيرة، ولكن ظهر شكل جديد من أشكال العنف تمثل فى حوادث الارهاب وأشهرها حادثة الأقصر، وكذ لك السطو على البنوك، أما فى المدن وخاصة القاهرة فقد اتخذ العنف أشكالا أخرى تمثلت فى ظاهرة "البلطجة" التى انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، حتى الوجه البحرى لم يسلم من العنف والذى تمثل فى اغتصاب الفتيات والتى لم توقفها أحكام الإعدام التى صدرت ضد مرتكبى هذه الجرائم.
لذا، فإن استمرار ظاهرة الثأر مأساة ونحن فى زمن يجتاح فيه الكمبيوتر والإنترنت والموبايل والعولمة بلد ان العام.
والأخطار تحدث بالجميع فلنثأر جميعا من تخلفنا ولنواصل العمل ليل نهار حتى نلحق بركب الأمم الناهضة، ولنلق هذه العادة فى مزبلة التاريخ. فليس بالقتل يكون إعمار الحياة. وليس بالقتل يكون الأمن والأمان، فهل نحن فاعلون؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذبحة بيت علام نموذجا: الثأر فى صعيد مصر الجذور والحلول...بقلم: محمد عز العرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي
» الجذور الفكرية للنظرية البنيوية :
» دراسة عن العنف الأسرى في السودان ، أنماطه وأسبابه بقلم: د. عوض محمد أ حمد
» العوامل النفسية والاجتماعية المؤدية للعنف لدى طلبة الجامعات الأردنية والحلول المقترحة للحد منه
» الدخلة البلدى..مذبحة الإستدلال على الشرف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: