المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
المجتمع التخلف الاجتماعية البحث موريس التنمية العمل التغير الاجتماع الالكترونية محمد الاجتماعي والاجتماعية المجتمعات الجماعات اساسيات كتاب في العنف الخدمة الجريمة التلاميذ الشباب المرحله تنمية الجوهري
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:01 pm

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي

د. على طلبة محمد إبراهيم
كلية الآداب بقنا – جامعة جنوب الوادي

تصدير
لا نستطيع أن ننكر أنه من أردأ التقاليد التي تحرك جرائم القتل في صعيد مصر تقليد "الثأر" حيث أن فكرة الأخذ بالثأر فكرة قديمة ومتأصلة عند العرب منذ الأزمان الغابرة، وقد ظلت تنتقل من جل إلى جيل بتوارث التقاليد، فنرى العربي منذ نعومة أظافره ينشأ على تقديس فكرة الثأر، فيتفنن بما كان أسلافه وأجداده يلجأ ون إليه من مختلف أساليب المكر والدهاء وللأخذ بثأرهم، وأصبح تقليد الأخذ بالثأر من أقوى التقاليد سلطانا، ويحظى بالقداسة والاحترام دون حاجة للمناقشة أو إخضاعه للتفكير وله قوة تفوق قوة القوانين، لأن المجتمع كله يحيى تقاليده ويعاقب من ينتهكها، ولذلك كان من الأيسر على الكثيرين أن يرتكبوا الجريمة التي يجرمها المشرع احتراما للتقاليد التي تقضى بارتكابها.
ويأتي الثأر على قمة هذه الأعراف المرذولة، فهو أمام الفقر والجهل شيطان يمرح في أرض خصبة ترعاه البيئة المنغلقة على ذاتها، فحاز رضاءهم واعتبروه مكونا من مكونات الكرامة، ودافعا من دوافع البقاء، وقد رسخ من أهمية ارتفاع نسبة الأمية وسيطرة الأعراف التي تخالف الطبيعة البشرية، كما هيأت الطبيعة الجبلية والزراعية في صعيدنا المناخ أمام الجناة ليواصلوا تواجدهم ويمارسوا نشاطهم، ولكن مع اهتمام السلطة المركزية بعالمنا النائي يبقى الأمل في اقتلاع تلك الأعراف من القلوب، وخاصة إذا ما اتخذت القيادات الشعبية والسلطات التنفيذية والتشريعية إجراءات سريعة ورادعة في محاكمة المجرمين، والمشكلة الحقيقية ليست في نشأة الثأر، وإنما في بقاء هذه الظاهرة والتحريض عليها وخاصة من قبل الأم أو المرأة بصفة عامة التي تحاول أن تبث الكراهية والحقد في نفوس أطفالها منذ الصغر للأخذ بالثأر، والأمر لا يقتصر على صغارها فقط، بل كل من حولها لإرغامهم على حمل السلاح للأخذ بثأرهم.
ومن هذا المنطلق كان التفكير في الدراسة الراهنة "الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر، دراسة ميدانية بجنوب الوادي" ، وأصبح واضحا أن الاهتمام بمشكلة الدراسة يرجع إلى أن تقليد الأخذ بالثأر متفشيا في صعيد مصر بشكل يثير الرعب والقلق، ولم تستطع النظم القانونية مكافحتها، مما أتاح لهذه الظاهرة أن تستمر رغم كل الجهود والمحاولات التي بذلت ،أيضا تأتى أهمية الدراسة الحالية في التعرف على العوامل الظاهرة والكامنة المرتبطة بظاهرة الأخذ بالثأر في مجتمع صعيد مصر لدى المرأة الصعيدية، وأن تكون نتائج تلك الدراسة إضافة تراكمية إلى الدراسات الميدانية من خلال ما تسفر عنه من نتائج وتوصيات، هذا بجانب أن الباحث وهو ابن من أبناء الصعيد مهتم بواقع مجتمعه الذي ينتمي إليه، لأن هذا المجتمع لم يُدرس بعد بصورة كافية، كما أن بروز هذه الظاهرة على الساحة أتاح للباحث الفرصة لإخضاع هذا المجتمع لأساليب وقواعد البحث العلمي.
وتستهدف الدراسة الراهنة التعرف على الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر، وينبثق عن هذا عدة أهداف فرعية أهمها:
1- التعرف على الدوافع الاجتماعية والثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر وتفهم طبيعتها وظروفها الفردية والاجتماعية فهما صحيحا.
2- التعرف على الدور الذي تلعبه المرأة الصعيدية في التحريض على الثأر، وكذا الوسائل التي تستخدمها في ذلك.
3- التعرف على أهم الآثار الناجمة عن عملية التحريض على الثأر من قبل المرأة وأثر ذلك على تطور المجتمع.
4- التعرف على الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الأهلية والحكومية من أجل تصحيح بعض الأفكار لدى المرأة في صعيد مصر.
وقد أثارت الدراسة الراهنة عدة تساؤلات هي:
1- ما الأسباب التي وراء حوادث الثأر؟ وما هي العوامل التي تشجع الناس على الأخذ بالثأر؟ وهل هناك دوافع ساهمت في استمرار جريمة الثأر؟
2- ما الدور الذي تلعبه المرأة بمجتمع الدراسة للتحريض على الأخذ بالثأر؟ وما هي الوسائل التي تستخدمها لتحقيق ذلك؟
3- ما الأسباب التي تقف وراء تحريض المرأة على ارتكاب جرائم الثأر؟ وما هي مواصفات تلك المرأة؟
4- ماذا يمثل الثأر بالنسبة للمرأة بمجتمع البحث؟ وما هي الآثار التي يمكن أن تترتب على تحريضها للأخذ بالثأر؟
5- ما الدور الذي تقوم به المنظمات الأهلية والحكومية والقيادات بمجتمع الدراسة للحد من جريمة الثأر؟ وهل لعبت وسائل الإعلام دورًا في توعية المرأة بخطورة جريمة الأخذ بالثأر؟
ولتحقيق أهداف الدراسة والإجابة على تساؤلات، قام الباحث بوضع خطة ميدانية تضمنت مجالات الدراسة وحجم العينة والمناهج والأدوات المستخدمة كما يلي:
1- حددت الدراسة مجالها الجغرافي بمحافظتي قنا وسوهاج لارتفاع عدد حوادث الثأر بهما طبقا للإحصاءات الواردة من مصلحة الأمن العام، وقام الباحث باختيار أربع قرى من محافظتي قنا وسوهاج هم "قرية الحجيرات التابعة لمحافظة قنا، قريتي حجارة قبلي وبحري التابعتين لمركز قوص بمحافظة قنا، قرية بيت علام التابعة لمركز جرجا بمحافظة سوهاج"، أما المجال البشرى فقد تمثل في اختيار عينة تم سحبها بشكل عشوائي قوامها 150 مفردة.
2- أما عن مناهج الدراسة، فقد تحددت في المنهج المسح الاجتماعي بالعينة، ولجمع البيانات استخدم الباحث مجموعة من الأدوات تمثلت في استمارة الاستبيان بالمقابلة، بالإضافة إلى الرجوع إلى بعض السجلات الرسمية، والإخباريين، هذا وقد تضمنت استمارة الاستبيان مجموعة من الأسئلة تم توجيهها إلى عينة البحث التي وقع عليها اختيار الباحث ، وقام الباحث بتفريغ البيانات التي حصل عليها من خلال الاستبيان بالمقابلة ووضعها في جداول لتحليلها وتفسيرها وصولا لصياغة النتائج والتوصيات.
وقد اشتملت الدراسة على عدة مباحث هي:
المبحث الأول : الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر.
المبحث الثاني : الدراسات السابقة.
المبحث الثالث : الإجراءات المنهجية للدراسة.
المبحث الرابع : النتائج والتوصيات.
وقد انتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج المحددة للإجابة عن تساؤلات الدراسة، كما توصلت إلى مجموعة من التوصيات.
وقد واجهت الدراسة الراهنة بعض الصعوبات تمثلت في أن الباحث واجه في بداية دراسته عدم وجود أي دراسات تناولت ظاهرة الثأر لدى المرأة بصعيد مصر، كما واجه صعوبة أثناء إجراء الدراسة الميدانية في مقابلة السيدات أو الفتيات بمجتمع البحث لملء الاستمارات، نظرًا لما يمثله هذا الموضوع من حساسية مفرطة، ولكن تغلب على ذلك أن استعان بطالبات الدراسات العليا لإتمام تلك المقابلات بعد أن تم تدريبهن على كيفية إجراء المقابلة وملء الاستبيان، بجانب التعاون الشديد من قبل القيادات بمجتمع الدراسة.
كما واجهت الدراسة صعوبة في المراجع الحديثة ذات الصلة بموضوع البحث نظراً لخصوصية تلك الظاهرة من ناحية وقلة البحوث الامبريقية التي تجرى في هذا المجال.
والله من وراء القصد
الباحث

المبحث الأول
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر
تمهيد
إن ظاهرة الأخذ بالثأر ظاهرة متأصلة في صعيد مصر، ضاربة بجذورها في عمق الريف المصري، مما جعلها ترتبط ارتباطا وثيقا بنظمه الاجتماعية والثقافية وعقائده الدينية وقوانينه الوضعية وعاداته الاجتماعية الأخرى، وكذلك بما يكتسبه أهل هذه المناطق من اتجاهات نحو ظاهرة الأخذ بالثأر لها أبعاد اجتماعية وثقافية عميقة تتصل بالتكوين الاجتماعي والنفسي لأفراد هذه المجتمعات نتيجة تشربهم لتقاليد الثأر وقوانينه من تنشئتهم الاجتماعية في أحضان أسرهم وبخاصة الأم التي تلعب الدور الأكبر في التحريض على الأخذ بالثأر.
ويعرض هذا المبحث لبعض الجوانب المتصلة بالثأر:
أولا : الثأر تاريخيا :
منذ بدء الخليقة وعلى مر العصور وجريمة القتل تعيش مع الإنسان وتلازمه ملازمة الظل، فهي قديمة قدم الإنسان وباقية ما بقى المجتمع الإنساني، وتاريخ الإنسانية منذ أقدم العصور حتى يومنا هذا حافل بواقع ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وتجنيه على حياته وإراقته لدمه غدرًا وعدوانًا.
ويرى البعض أنه ليس هناك اتفاقا حول الأصول التاريخية للثأر، ومن الأرجح أن ظاهرة الثأر تقليد بدائي موروث نشأ في ظل المجتمعات القبلية التي تصرف شئونها الخاصة في ضوء نظم تستخلصها من تجاربها، وما تتناقله الأجيال من عادات وتقاليد تقوم أساسا على التعصب للأهل والعشيرة والقبيلة، أما شئونها مع غيرها من الوحدات الأخرى فكانت تحتكم فيها إلى القوة ، وللقوة وحدها الكلمة الأولى في النزاع (1) .
ويبين التاريخ أن أقدم جريمة قتل ارتكبت على سطح الأرض ووصل إلينا خبرها، هي جريمة قتل قابيل ابن آدم أخيه هابيل، فيقول الله تعالى: واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين (28) إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين (29) فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين (30) فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخي فأصبح من النادمين (31) (2) .
وما من شك في أن تفسير العلامة ابن كثير قد ألقى الضوء باستفاضة على قصة ابني آدم قابيل وهابيل، وعلى قصة أول قطرة دم أريقت في التاريخ، بيد أنه نود الإشارة هنا إلى أن البعض يذهب إلى أن كلمة "دمشق" عاصمة سوريا مكونة من مقطعين هما "دم الشقيق" ثم حرفت الكلمتان بعد ذلك وصارتا دمشق، إذ يعتقد أن قتل قابيل لهابيل قد تم على أحد جبال سوريا، ويقال بأن آثار الدماء باقية حتى الآن، وأن الجبل يئن ويبكى وأن قبضة سيدنا جبريل واضحة على الجبل ، وهكذا شاء الله أن يكون القتل بسبب الغيرة والحسد أول جريمة جنائية عرفتها الخليقة منذ الأزل ولكنها لم تكن الأخيرة، وذلك لأن سجلات الجريمة في الماضي والحاضر تزخر بأعداد لا تحصى من جنايات القتل التي سفكت فيها الدماء وأزهقت فيها الأرواح، وعجزت فيها قوى الخير عن كبح جماح الشر أو كسر شوكته أو تقليم أظافره.
وبنظرة سريعة يلاحظ أن ظاهرة القتل والثأر لا يعدمها الزمان ولا المكان، فهي تحدث في كل المجتمعات وعلى مستوى الأفراد والجماعات، وإن اختلفت الأسباب المؤدية إليها من بلد إلى آخر، فبعضها قد يقع بسبب الاضطهاد الديني كما حدث في البوسنة والهرسك و في إقليم كوسوفا الذي تقطنه غالبية مسلمة على أيدي الصرب، وما تقوم به روسيا ضد الثوار الشيشان، وما تقوم به الهند في إقليم جامو وكشمير، وما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان والصومال والفلبين والعراق، وما قام ويقوم به أبناء صهيون ضد الفلسطينيين العزل في أرض فلسطين من محارق ومجازر في دير ياسين وصابرا وشاتيلا وقانا اللبنانية ومدرسة بحر البقر في مصر، فهذا يمثل أبشع صور الثأر الناجم عن أشكال الصراع المختلفة .
وتدلنا الكثير من الدراسات أن فكرة الأخذ بالثأر فكرة قديمة توجد عادة بين الأجناس الثائرة كما هو الحال بين سكان جزيرتي كورسيكا، سريدينيا، وبعض أقاليم إيطاليا وجنوب أسبانيا وبعض جهات أمريكا اللاتينية (3)، وكذلك وجدت في فارس وتركيا والأندلس، بل نجدها في قبرص والهند (4)، كما أن الكثير من الدراسات الأنثروبولوجية دلتنا على أن هذه الظاهرة كانت منتشرة في كثير من المجتمعات كما أوضح "أمريس بيترز" (5) Emerys Peters الذي ركز بحثه على البدو من سكان برقه، ايفانز برتشارد Evans Pritchard في دراسته عن قبائل النوير وغيرهم.
ويقرر "محمد البابلي" (6) في مؤلفه "الإجرام في مصر" أن الثأر من العادات المأثورة عند العرب وله نظمه وأحكامه وقوانينه التي تنظمه وتحافظ عليه، فترى العربي منذ نعومة أظافره ينشئه أبوه وأمه على تقديس فكرة الثأر، بل أصبحت تروى في قصصهم وأناشيدهم التي يقولونها ويتناقلونها، مثل "حرب الباسوس"، التي استغرقت أربعين عاما بين "بنى تغلب" و"بنى شيبان"، سيرة "أبو زيد الهلالي"، "الزير سالم"، "امرئ القيس" الذي أقسم أن لا يتطيب أو يقرب النساء أو يأكل اللحم أو يغتسل حتى يثأر لأبيه من بنى أسد ، وكذلك قصة قتل "شاس بنى زهير" (7) الذي قتله أحد أفراد قبيلة "غنى" فجمع عليهم أبوه "زهير بن جذيمة" فقالوا له: سل في قتل "شاس"، فقال: إحدى ثلاث لا يغنيني غيرها، قالوا ماهى؟، قال: يحيون لي "شاسا"، أو يملئون ردائي من نجوم السماء، أو يدفعون لي "غنيا" بأسرها فأقتلها، ثم لا أرى أنى أخذت عنه عوضا.
وتنبئنا الكثير من الدراسات الأنثروبولوجية بأن حوادث الثأر منتشرة في كثير من دول العالم، ففي السودان وبخاصة في المناطق النائية منه تقع حالات الثأر القبلية لمحاولة كل قبيلة السيطرة على موارد المياه والمراعى –كما هو الحال في بادية الكبابيش بغرب السودان- حيث تتنازع قبيلتا الكواهلة والكبابيش منذ أمد بعيد، كما كانت القبائل تتناحر بسبب الحصول على النحاس، وكان شر ما تمنى به القبيلة أن يغنم نحاسها أعداؤها في معركة ما، فإن ذلك سبة الدهر وعار يلاحق القبيلة حتى تدفعه بالانتصار ورد النحاس إليها (8) .
وبنظرة سريعة في المجتمع المصري يحق لنا أن نتسائل هل كان المصريون القدماء يمارسون القتل بدافع الثأر؟ وهل كان الثأر يتخذ عندهم شكل النظام الاجتماعي الذي يعترف به المجتمع أو على الأقل أحد قطاعات المجتمع والذي يفرض نفسه بكل أحكامه وقوانينه على الناس؟ أم أنه نظام مستحدث جاء به أحد الشعوب التي غزت مصر في إحدى فترات تاريخها الطويل مثل العرب الذين اعتبروا الثأر من أهم الملامح الثقافية المميزة لحياتهم الاجتماعية القبلية؟، ولكن المدقق يرى أن أوراق البردي قد أمدتنا بكثير من الحقائق عن أهم نواحي الحياة الاجتماعية عند قدماء المصريين، ولكننا لا نجد فيها ما يمكن أن نستدل منه بشكل قاطع على وجود –أو عدم وجود- الثأر كنظام اجتماعي راسخ عندهم، وعلى أية حال فالتاريخ المدون الموثوق به يرجع إلى العهود التي كان الشعب المصري قد استقر فيها بالفعل في الأرض، وبدأت التنظيمات القبلية القديمة تضعف وتزول تبعا لذلك روابط القرابة القوية وتحل محلها روابط الجيرة والمكان، والمعروف أن الثأر يزدهر في ظل النظام القبلي الذي تلعب فيه روابط القرابة والعصبية دورًا أساسيًا هامًا كما هي الحال بين سكان الصعيد(9) .
وبعد العصور الفرعونية القديمة خضعت مصر لأنواع مختلفة من الحكم الأجنبي حتى فتحها العرب، وإن كانت مصر قد احتفظت بكثير من نظمها الاجتماعية الأصيلة، كما حافظ الناس على كثير من عاداتهم وتقاليدهم، وبعد انتشار الإسلام واندماج العرب في المصريين، اكتسب المصريون الكثير من عادات وتقاليد الفاتحين وتأثروا بنظمهم وقيمهم وأنماطهم الثقافية، ومن المحتمل أن يكونوا اكتسبوا منهم عادة ممارسة القتل بدافع الأخذ بالثأر وهى عادة أصيلة عند العرب كانوا يمارسونها في جاهليتهم، فصادفت عند المصريين هوى ورأوا فيها معنى من معاني الرجولة والبطولة فاعتنقوها، وساعد على سرعة انتشارها بينهم الجهل وضعف المستوى الثقافي (10) ويعزز من ذلك الرأي أن هذه العادة انتشرت في كل الشعوب التي خضعت للفتح العربي.
ومن المعروف أن الإسلام حاول أن يقضى على هذه الظاهرة حين اعتبر القتل للثأر جريمة من أشد الجرائم نكًرا وأكبرها خطرًا، ولكن الواقع يؤكد ارتباط الثأر كنظام اجتماعي بنفس التنظيم القبلي الذي يقوم أساسا على التعصب للأهل وللعشيرة والقبيلة، والذي يفترض وفاء الفرد للجماعة القرابية التي ينتمي إليها والتي يستمد منها كل كيانه ومقوماته، ليس هذا فحسب بل اعتبر الأخذ بالثأر واجبًا مقدسًا يقع عبئه على كاهل الأهل وأنه من العار على الشخص أن يهمل هذا الواجب ويترك دم قريبه مهدرًا بغير ثأر.
والمشكلة الحقيقية ليست في نشأة الثأر، وإنما في بقاء هذه الظاهرة في مجتمعات تخضع الجماعات القرابية المختلفة فيها لسلطة مركزية قوية، فهناك القانون الذي ينظم العلاقات بين الناس ويقضى تجريم بعض التصرفات، ويحدد العقوبات التي توقع على من يقترفها وجهاز قضائي غير متحيز، ومع هذا كله نجد استمرارًا لهذه الظاهرة الشاذة التي أثرت في تكوين الفرد النفسي وجعلته لا يقوى على الوقوف أمام المجتمع وتقاليده وخاضعًا لها متلمسًا رضى المجتمع ضاربا بكل القواعد القانونية والعقاب البدني عرض الحائط.
من هنا يتضح أن ظاهرة الثأر متأصلة في صعيد مصر، ضاربة بجذورها في عمق الريف المصري، مما جعلها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنظمه الثقافية وعقائده الدينية وقوانينه الوضعية وعاداته الاجتماعية، وكذلك بما يكتسبه أهل هذه المناطق من اتجاهات نحو ظاهرة الأخذ بالثأر لها جذور نفسية عميقة تتصل بالتكوين النفسي لأفراد هذه المناطق نتيجة لتشربهم تقاليد الثأر وقوانينه منذ تنشئتهم الاجتماعية وبخاصة من قبل الأم التي تلعب الدور الرئيسي في التحريض على الثأر وبث الكراهية في نفوس الأطفال منذ الصغر وتسميم أفكارهم وإرغامهم على حمل السلاح للأخذ بالثأر، والميدان يمدنا بأن كل قطرة دم تسيل في أية حادثة ثأرية بتراب الصعيد الطهور ورائها المرأة التي استطاعت أن تحرك ثعابين الحقد بين الرجال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:01 pm

ثانيا : الثأر ثقافيًا :
إن المدقق يلحظ أن قوة الثأر في صعيد مصر لا تسقط مع الزمن ولا تمحوها السنون، فالثأر من أقوى التقاليد سلطانا، فيحظى بالقدسية والاحترام دون حاجة للمناقشة أو إخضاعه للتفكير، وله قوة تفوق قوة القوانين، لأن المجتمع يحمى تقاليده ويعاقب من ينتهكها، ولذلك كان من الأيسر على الكثيرين أن يرتكبوا الجريمة التي يجرمها المشرع احتراما للتقاليد التي تقضى بارتكابها، فالقاتل الذي يقتل أخذًا بالثأر يعلم تمام المعرفة ما قد يؤدى إليه فعله، ولكن ذلك لا يرده عن أداء فريضة التقاليد التي تأخذ بخناقه وتطالبه بالثأر، وإن لم يفعل ذلك يوصف بالضعة والجبن والخوف.
وتتجسد معالم الثأر في الأدب الشعبي كما ترويها الأمثال الشعبية بوصفها لغةً وأدبًا شعبيًا، فهي بالتالي نشاط اجتماعي ومظهر ثقافي يعكس تفكير المجتمع والتجربة الإنسانية التي يعانيها في أعماقه، ويقدم لنا صورة صادقة لباطن الجماعة وظاهرها من عادات وتقاليد وقيم اجتماعية، وعن طريقها تنتقل الأفكار الداعية للعمل في مختلف مجالات الحياة، ويشكل تداولها بذلك أداة من أدوات الضبط الاجتماعي والتأثير على سلوك الأفراد والجماعات وتوجيه اتجاهاتهم (11) .
وما دامت الحياة الاجتماعية في الريف تترجم في صورة أدبية شعبية، فمن الضروري إذن أن نعثر بين ثناياها على أصداء قويه لبعض التقاليد الاجتماعية الراسخة "كالثأر"، فيعبر عن هذا التقليد بالكثير من الأمثال والأزجال والحكم والمواويل بطريقة ترسم صورة تكاد تكون متكاملة الملامح لهذه الظاهرة من خلال ما يرويه القوم في مواطن الثأر كالسخرية من شخص يتخاذل عن الأخذ بالثأر أو شحذ الهمم للانتقام من الأعداء أو الإشارة ببطولة الشخص المنتقم أو التحذير من قبول مبدأ الصلح من الخصم ، ومن هنا يمكن أن نعرض بإيجاز للأبعاد الثقافية للثأر من خلال الأمثال الشعبية التي تتناقلها ألسنة الناس في المناطق التي يغلب عليها الأخذ بالثأر في مجتمع الدراسة كما يلي:
1) الثأر لا يموت : من المعروف أن الثأر لا يهون من سلطانه توالى السنين أو تقادم الأزمنة، ولا يقر له قرار فى أغوار النسيان، بل أن أحداثه وآثاره السيئة تظل تتعاقب على مر الأيام يتناقلها الأبناء جيلا بعد جيل بتقدير وإخلاص ويظل يتشعب ويتفاقم خطره ويتسع نطاقه على النحو الذي ترويه الأمثال الآتية:
أ- "الثأر نقطة دم لا تعفن ولا تسوس"، أي أن دم القتيل لن يهدر مهما طالت الأيام والسنون.
ب- "اللي يفرش الأرض نغطى له"، يقال عن القتيل أنه فرش الأرض وإذا أقتص من القاتل قيل غطى له، والمعنى أن الذي يقع قتيلا لابد أن يُثأر له.
جـ- "ضربة قلم بضربة عيار"، أي أن الشخص المعتدى مهما تضاءل جرمه لابد أن يؤول مصيره للقتل.
د- "التار يبقى لولد الولد"، وهذا يعنى أن الثأر لا ينسى بل يظل فترات طويلة تتوارثه الأجيال.
هـ- "من كان له تار لا يهنأ له طعام"، أي أن الشخص الذي وقع عليه عبء الثأر يظل زاهدا في الحياة حتى يتم له الانتقام من مقتل قريبه، وهذا ما لمسناه في مجتمعات الصعيد من امتناع أسرة القتيل عن المشاركة في الأعياد وإقامة الحفلات، أو إقامة مأتم للقتيل حتى يثأر له، وأحيانا يطلق الرجل لحيته، ويكف عن الملذات حتى يقتص من غريمه.
2) التحريض على الثأر :لا شك في أن الثأر بوصفه تقليدًا راسخًا يستمد وجوده واستمراره من هالة التقديس والتقدير التي تلزم كل فرد على تحمل مسئولية الانتقام من خصمه وصون شرف الأسرة وكرامتها مهما كلفه ذلك من ثمن، وإلا رُمى بالخور والجبن، وشيعته الأنظار في كل مكان بالسخرية والنذالة، وطالته الألسنة بكل ما ينقص من رجولته وبخاصة من قبل المرأة المحرك والمحرض الأول لبرك الدماء التي تسيل وسالت في صعيد مصر.
والتاريخ يطلعنا على دور المرأة في التحريض على الثأر، فبعد معركة النهر بين الخوارج وعلى بن أبى طالب كانت هناك امرأة تدعى "فطام بنت الأخضر" قتل أبوها وأخوها يوم النهر وكانت فائقة الجمال، فلما رآها عبد الرحمن بن ملجم أخذت قلبه فخطبها، فقالت له: لا أتزوجك حتى تشفى لي –أي تثأر لي-، قال: وما تريدين؟، قالت: ثلاثة آلاف عبد، أو قتل على بن أبى طالب، إن أصبته شفيت نفسك وشفيتنى ونفعك العيش معي، فوافقها، فلما كانت ليلة الجمعة تربص له عند الباب الذي يخرج منه للصلاة، فلما خرج هوى عليه سيف ابن ملجم فأصابه في قرنه،(12) وصعيدنا مليئ بفطام بنت الأخضر.
ويتخذ التحريض على الثأر أساليب مثيرة على النحو الذي ترويه الأمثال التالية:
أ- "ادينى اللبدة وخد الشٌقة" وهو مثل تقوله المرأة للرجال بمعنى أعطينى لباس رأسك وخذ حجابى رداءًا لك، ويتردد هذا المثل على ألسنة النساء لتثير حفيظة الرجل وتشعل حماسه الفاتر محاولة للطعن في رجولته.
ب- "لا يأخذ تار ولا ينجى عار"، وهذا المثل يغلب على النساء، والمعنى أن المرأة توبخ زوجها الذي يتخاذل عن المبادرة إلى الثأر.
جـ- "أمه ساكتة ومرات أبوه مطينه"، أي أن الأسرة التي وقع عليها الاعتداء تؤثر الصمت، بينما يثور أناس لا شان لهم بالموضوع، والمثل سخرية من الذين يتقاعسون عن الأخذ بالثأر ويتولاه عنهم غيرهم مما لا شان لهم به.
3) الثأر من كبير الأسرة : من ملامح الثأر أيضا أن أسرة القتيل لا تنتقم له إلا من شخص ذي مكانة رفيعة في أسرة الجاني، إذ تترفع عن طلب الثأر من القاتل نفسه نظرا لقلة شأنه أو لكونه مأجورًا، ومن الأمثلة التي تدل على ذلك:
أ- "يعملها الأقرع ويقع فيها أبو شعر"، أي لا يقتص من الشخص الوضيع إذا أساء إلى آخر، وإنما يقتص من أحد وجهاء أسرته.
ب- "اضرب كبيره يعدك"، بمعنى إذا أردت أن تحوز تقدير الجماعة اعتد على كبيرها، كذلك لا تنتقم من أسرة الجاني إلا في شخص الزعيم.
4) الصلح : الصلح في مواطن الثأر وخاصة إذا كان ثمة تفاوت في خسائر الأرواح عملية فاشلة على الرغم من الجهود التي تبذلها لجان الحكم والمصالحة المنتشرة بقرى ونجوع صعيد مصر، إضافة إلى الجهود التي يبذلها رجال الأمن، ولعل ذلك الفشل راجع إلى عنادهم وترفعهم عن قبول مبدأ الصلح الذي يفرض عليهم التنازل عن حق الانتقام من خصمه، وهو الأمر الذي لا يرضى به بأية حال من الأحوال، فالصلح في نظرهم دليل على ضعف منزلة الأسرة التي تقبله، وهو عبارة عن فترة هدوء مؤقت يعقبه صراع جديد، وهو بهذا يتحول إلى أسلوب ماكر يستدرج به أحدهم الآخر بعد أن يأمن جانبه حينا من الزمن، وهو ما تشير إليه الأمثال الآتية:
أ- "صلح عيش وملوخية"، أي صلح عابر ومؤقت لا قيمة له.
ب- "واحد يعكر والتاني يصيد"، أي أن الصلح فرصة لإثارة الخلافات مرة أخرى، فيقوم شخص باستدراج الغريم، بينما ينقض عليه الآخر.
5) احتقار الضعيف :في هذه المجتمعات ينظر عادة إلى الفرد بعين التقدير على أساس قوته أو ضعفه، ولهذا فإن المعيار الذي يحقق للفرد احترام الجماعة له قوة بأسه وسطوته وبطشه فضلا عن انتسابه لأسرة يخشاها الآخرون، وكلما ضعف نفوذ الفرد كلما انحدرت مكانته، واستخف به الناس، وخاصة إذا كان ينتسب لأسرة هذيلة، وليس أبلغ من هذه الأمثال تعبيرًا عن تلك المعاني كما يلي:
أ- "كلب دار ملهوش تار"، ويقصد بهذا المثل معنيان: أولهما أن الشخص الضعيف لا يقتص له إذا اعتدى عليه، والثاني أن الانتقام لا يتم عادة إذا وقع الاعتداء منه على أبيه أو شقيقه.
ب- "شبطة الهايف تعلم الرجالة" بمعنى إياك أن تعبر الشخص التافه أو تتعارك معه حتى لا ترفع من قدره، وهذا إمعان في احتقاره
ثالثا : الثأر اجتماعيا :
يرى علماء الاجتماع أن نظام الثأر بين الجماعات المختلفة في الماضي كان ضروريًا كعامل رئيسي من عوامل الضبط الاجتماعي بتنظيم علاقاتهم فيما بينهم، حيث لا توجد سلطة مركزية تحسم الخلافات بين الجماعات وتحميها من محاولات العدوان على بعضها البعض، وتضمن تصرف الشئون المشتركة فيها بدرجة كافية من العدالة، ويكون من الضرورة بأن تعتمد تلك الجماعات على نظام تلجأ إليه في هذا الشأن، وقد كان الثأر هو النظام في بعض الحالات، وقد أدى الوظيفة التي قام لتحقيقها إلى حد ما.
فالمشكلة إذن ليست في نشأة الثأر، وإنما في بقاء هذه الظاهرة في مجتمعات تخضع الجماعات القرابية المختلفة فيها لسلطة مركزية قوية وعادلة، ففي مجتمعنا الحاضر قانون ينظم العلاقات بين الناس ويقضى بتجريم بعض التصرفات ويحدد العقوبات التي توقع على من يقترفها، مع توافر جهاز قضائي للفصل في المنازعات، وجهاز أمنى قادر غير متحيز، ولكن كل هذا لم يحل دون استمرار ظاهرة الثأر ، ومن هذا المنطلق نسلط الضوء على عدة نقاط لعل أهمها:
1- التفسير السوسيوانثروبولوجى للجريمة :
لا شك في أن فهم وتفسير السلوك الإنساني بصفة عامة والسلوك الإجرامي بصفة خاصة من القضايا المهمة والتي حظيت باهتمام الكثير من الباحثين والمفكرين، فمن المعروف أن سلوك الإنسان يتأثر بعدد هائل من العوامل الفيزيقية والفسيولوجية والوراثية والبيئية والأيكولوجية والسيكولوجية والاجتماعية والثقافية ... وغيرها، وليس بمقدور أي شخص أن يلغى دور أي عامل من هذه العوامل، ولذا ونحن في إطار مجموعة العلوم الاجتماعية، هناك مدارس واتجاهات فرعية تهتم بمجموعة ما من المتغيرات الاجتماعية دون الأخرى، فهناك مثلا اتجاهات راديكالية ومادية تاريخية صراعية وأخرى محافظة ووظيفية واجتماعية وتوازنية (13)، وهناك اتجاهات نوعية ونظريات فردية ركزت على عوامل اجتماعية واقتصادية بعينها في تفسير السلوك الإجرامي، فهناك الاتجاه الأيكولوجى الاجتماعي، اتجاه التفكك الاجتماعي، واتجاه التفاعلية الرمزية (14)، وهناك نظريات أكثر تحديدا مثل نظرية الارتباط الفارق، ونظرية الوصم، ونظرية الفرص المتفاوتة ونظرية الثقافة الجانحة وغيرها من النظريات، وكلها محاولات لفهم وتفسير السلوك الإجرامي (15) ، ولذا يستلزم الأمر تسليط الضوء بإيجاز على بعض النظريات التي تفسر السلوك الإجرامي كما يلي:
أ- كارل ماركس : يرى البعض أمثال "تايلور" أنه لا يوجد دليل على أن ماركس تناول الانحراف والجريمة في كتاباته، وأنه أشار إلى أن الانحراف مجتمعي وليس انحراف الأفراد (16)، ومع ذلك يمكن القول كما يرى ماركس أن النظام الرأسمالي بأكمله كان نظاما منحرفا أنتج ما اسماه ماركس "بالانحطاط" الذي تخلقه الرأسمالية كإفراز طبيعي من داخل تكوينها كأسلوب حياة يفضى إلى كل مظاهر العنف والخلل، ومادام المجتمع الرأسمالي بمجمله منحرف، فإن أي انحراف لفرد أو جماعة داخل هذا النظام لن يمثل موضع اهتمام، فكما يرى أنه إذا زاد ضغط الانحطاط على العمال أكثر من المحتمل فإنهم يتحولون إلى مجرمين ، وهذا يدل على أن ماركس قد أوحى إلى المهتمين بالجريمة بأن الجريمة والانحراف ليسا كامنيين في طبيعة الأفراد بالميلاد وإنما في طبيعة النظام الرأسمالي نفسه .
ب- وليم بونجر : يعد وليم بونجر من الذين اهتموا بالربط بين الثأر والظروف الاقتصادية الاجتماعية في النظام الرأسمالي بالذات، وانطلق من فرضية محورية في نظريته، وهى فكرة الأنانية، حيث أشار إلى أن النزعة الطبيعية لدى الإنسان نحو الأنانية باعتبارها عنصرا في ارتكاب الجريمة، ثم عاد وأرجع ظهور الأنانية إلى النظام الرأسمالي، وحاول في تحليله لأنماط الجريمة أن يقدم دليلا على أن كل أنواع الجرائم ترتبط ارتباطا قويا بالبيئة الرأسمالية التي تشجع الأفعال الأنانية. (17)
جـ - داهر ندورف : يرى "داهر ندورف" أن الصراع هو حالة من النضال من أجل التكيف في مجتمع يمر بحالة افتقاد التوازن، واعتبر أن الانحراف تعبيرًا عن نقص السلطة ودليل على فشل الحكام والمحكومين وصناع القرار ومستقبليه في إقامة علاقة سلطة مستقرة، (18) وينطلق داهر ندورف من فرضية مفادها "أن الناس لديهم القدرة على ممارسة القيادة والتبعية، وأنه في حالة استقرار المجتمع يتقبل كل فرد دوره ولا يقع في الانحراف بينما إذا فشل المجتمع في تحقيق التوازن أو حدثت حالات تغير سريع تؤدى إلى خلق صراع مهني ينتهي بالانحراف".
د- اميل دوركايم : لا شك في أن "لدوركايم" إسهامات عديدة وأفكار هامة في العلوم الاجتماعية، ولعل أول ما يلفت الانتباه فكرته الجادة في تصوير الانحراف والجريمة باعتبارهما ظواهر طبيعية في المجتمع، وأن لهما وظائف إيجابية فيه، وهو تصور يتسق مع بقية تحليلاته للنظام الاجتماعي إلى حد كبير، فهو يرى أن مجتمعا بلا جريمة أو انحراف يعد أمرا مستحيلا، ولا يعنى تأكيد دوركايم على أن الظواهر الانحرافية والإجرامية ظواهر طبيعية في المجتمع أنه يمتدح المنحرف المجرم، أو ينظر إليه باعتباره سوى، وإنما حرصه على التمييز بين هذه الظواهر كحقائق اجتماعية وبين اعتبارها نتيجة لعوامل سيكولوجية داخل الفرد (19) .
ويؤكد دوركايم على أن هبوط نسبة الإجرام والانحراف عن المستوى العادى يصحبه بعض الاضطرابات الاجتماعية مثله مثل ارتفاع الإجرام في ذات المجتمع، إلا أنه لم يشرح لنا كيف نحسب هذا المعدل الذى يعتبره طبيعيا، هذا بالإضافة إلى أن دوركايم لم يوضح اتجاهه بشكل مباشر، واقتصرت أفكاره على دراسة الانتحار كمثال للظواهر الاجتماعية الانحرافية (20) .
هـ - روبرت ميرتون :يعتبر "روبرت ميرتون" من الرواد في فهم وتحليل السلوك الإجرامي في ضوء علاقته بالبناء والثقافة، فهو يؤمن بأن البناء الاجتماعي في أي مجتمع هو البناء التفسيري الأكثر أهمية إن لم يكن الوحيد في تفسير أي ظاهرة اجتماعية، وقد قبل ميرتون فكرة دوركايم عن أن الاغتراب يحدث نظرا لعدم قدرة وسائل الضبط والمعايير الأخلاقية على وضع حدود لطموحات الناس وتطلعاتهم (21) ولكن ميرتون لم يعترف بأن تطلعات الأفراد استجابة طبيعية بيولوجية عندهم، وإنما أكد أنها نزعات ذات طبيعة اجتماعية فهي كامنة في طبيعة البناء الاجتماعي ومنبثقة عنه.
و- سذرلاند : يعتبر "سذرلاند" من أشهر المتخصصين في الجريمة واشتهر بنظريته "الاختلاط الفارقى(22) في إطار محاولته لتفسير الأسباب، التي تدعو شخصا ما إلى أن يسلك سلوكا منحرفا أكد على أن مدخله سيكون تفسيرا تكوينيا تاريخيا يتعامل مع خبرات الشخص الطويلة ومعارفه واتجاهاته، ويرى أن الفعل الإجرامي يقع عندما يتوافر له الموقف المناسب كما يحدده الفرد نفسه، وقد انتهى إلى أن عملية تعلم السلوك الإجرامي تتم من خلال الاتصال الاجتماعي والتفاعل بين الشخص والآخرين، ويشترط فيه أن يتم في مناطق جماعات تقوم بين أعضائها علاقات ودية معينة واتصالات شخصية مباشرة ويتعلم الشخص داخل هذا الإطار من ارتكاب الجريمة والاتجاهات والميول والتبريرات التي تدفع إلى ارتكابها.
ويقرر "سذرلاند" أن أي مجتمع يتضمن جماعات وقوى معادية للجريمة وأخرى معادية للقانون وترجح كفة أي منهما في التأثير على الأشخاص حسب مبدأ "الاختلاط الفارقى"(23) ، أي أن الفرد يصبح أقرب إلى الجريمة كلما توثقت علاقته بالأنماط الإجرامية من جهة، وازدادت عزلته عن الأنماط المعادية للإجرام من جهة أخرى.
ز- والتر ميلر: يعد "ميلر" أفضل مثال لدعاة "نظرية الثقافة الفرعية الخالصة" التي تتميز بتأكيدها على خصائص الثقافة الفرعية الأصلية، كما أنه يمثل امتدادا تراكميا لما سبقه من دراسات وأفكار حول السلوك الإجرامي، وتتبلور اسهاماته في عدة نقاط هي(24) :
1- تتكون لدى كل جماعة إنسانية تعيش معا حياة مستقرة مجموعة متكاملة من العادات والتقاليد والأعراف والفنون وغيرها مما يطلق عليه ثقافة.
2- يصبح ذلك الكل الثقافي موجها أساسيا لسلوكيات أفراده يحدد لهم أهدافهم المشتركة والوسائل المقبولة لتحقيق تلك الأهداف.
3- مع امتداد هذه الجماعة واتساع نطاقها أو حدوث خلل في بنائها نتيجة التأكيد على الأهداف مع غياب التوزيع العادل لفرص تحقيقها تضطر بعض الفئات إلى إعادة صياغة إطار ثقافي محدود يتوافق مع حجم الفرص المتاحة لها، وقد تصيب هذه الفئات أهدافا تكميلية أو حتى مخالفة للأهداف الثقافية العامة، وتسمى هذه الأطر الثقافية الجديدة بالثقافات الفرعية.
4- ينظر المجتمع العام لهذه الثقافات الفرعية باعتبارها مخالفة أو مناهضة للثقافة العامة وبالتالي تتبلور كثقافة فرعية جانحة.
5- تحتوى كل ثقافة فرعية على وسائل لغرس وتدعيم وتوجيه السلوكيات الخاصة بأبنائها بشكل يتوافق معها، ويستجيب لهذا الإطار الثقافي المحدد.
6- تصبح ممارسات الأفراد التي قد ينظر إليها المجتمع عموما باعتبارها ممارسات جانحة أو منحرفة، استجابات طبيعية لثقافتهم الفرعية، وبالتالي لا يمكن فهم أو تفسير أو تعديل هذه الممارسات ما لم يتم فهم الكل الثقافي الفرعي لأصحاب هذه الممارسات.
7- يتميز البناء الثقافي للعصابات المنحرفة التي درسها "ميلر" بعدد من الخواص تتمثل في الإزعاج وإثارة المتاعب والخشونة والدهاء والمكر والإثارة والقدرية والاستقلالية.
ويعتبر "ميلر" الاهتمام بالخشونة هو الخاصية الرئيسية لثقافة الطبقة الدنيا، بينما أن الفرد قد يعبر لفظيا عن التزام واضح بطاعة القانون، بينما يتصرف طبقا لاقتناعه الكامل بأن الدخول في متاعب يمكن أن يحقق نهاية مرغوب فيها لتحقيق مكانة اجتماعية داخل إطار الثقافة الفرعية (25) .
مما سبق يتضح ومن خلال العرض الموجز للنظريات المفسرة للسلوك الإجرامي ما يلي:
أولا: أن هناك نوع من التساند والتكامل بين هذه الاتجاهات والنظريات المفسرة للسلوك الإجرامي، فكل منهم يقدم مستوى معين من مستويات النظر إلى الظاهرة الإجرامية بحيث يبحث في جوانب التناقض والخلل الكامنة في النظام الاجتماعي للمجتمع باعتبارها عوامل أساسية في انتشار الظواهر الإجرامية.
ثانيا: أن اتجاه الثقافة الفرعية يقف من بين كل الاتجاهات السوسيولوجية التفسيرية للانحراف والجريمة موقفا متميزا، حيث يجعل من الجماعة الصغيرة المحيطة بالفرد بثقافتها الفرعية وسيطا أساسيا في تفسير السلوك الإجرامي.
ثالثا: أن المجتمع المصري بصفة عامة، والصعيد بصفة خاصة يعيش واقعا ترتفع فيه معدلات جرائم القتل العمد أو القتل للثأر بصورة ملحوظة، باعتبار أن الثأر عادة قديمة في المجتمع المصري، ومن هذا المنطلق فإن الدراسة الراهنة تتبنى اتجاه أصحاب الثقافة الفرعية كأحد المداخل لتفسير السلوك الإجرامي –وهذا لا يعنى التقليل من أهمية الأطر النظرية الأخرى أو إلغاؤها، فالدراسة السوسيولوجية لا تقبل التفسير الأحادي- وينطلق هذا المدخل من أن الفرد يتأثر بثقافة خاصة لجماعة فرعية ينتمي إليها، إما أن تكون تلك الثقافة منحرفة بالفعل فتدفع الفرد إلى ممارسة الانحراف، وإما أن تكون ثقافة متماسكة لها خصائص مميزة وليست منحرفة في ذاتها، ولكنها تدفع الفرد بناءًا على معاييرها وقيمها إلى ممارسات ينظر إليها المجتمع العام بثقافته ومعاييره على أنها سلوكيات وممارسات إجرامية، فالقاتل من أجل الثأر في عرف تلك الثقافات لا يوصم بالانحراف، بل ربما خلع عليه أبناء عائلته أوصافا محببة رغم كونه مجرما في نظر القانون. ويشكل هذا المدخل توجهاً نظرياً للدراسة الراهنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:02 pm


2- قانون الثأر كنظام اجتماعي :
إن للثأر نظاما يحكمه لأنه وسيلة لغاية، هي إنزال العقاب بالجاني وفقًا لقانون عرفي خرج من وجدان الجماعة عبر الأجيال المتعاقبة، ولهذا القانون قواعده الخاصة التي استمدها من النظام الاجتماعي السائد في تلك العصور، ومن طباع الجماعة التي شكلت هذا النظام ، فالثأر ليس مجرد جريمة قتل ترتكب عشوائيا، بل هو نظام اجتماعي متماسك له ملامحه الأساسية وقوانينه الخاصة التي تحكمه وتميزه عن جرائم القتل العادية، ويمكن تحديد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها قانون الثأر عرفيًا فيما يلي(26) .
أ- قانون الثأر، يقتضى بأن الشخص الذى يُقتل إنما يؤخذ بثأره عن طريق قتل شخص واحد فقط من العائلة المعتدية دون اعتبار لمركز العائلتين، ومع ذلك فإن قتل رب العائلة تنظر له عائلته بنظرة مختلفة وقد يدفعها الشعور بفداحة الخسارة وما لحقها من مهانة ومذلة إلى قتل أكثر من شخص واحد فتصبح بذلك مدينة، ويترتب على ذلك استمرار العداء.
ب- يقضى قانون الثأر بانتهاء المشكلة وإمكان تسويتها حين يتساوى عدد القتلى في الطرفين، وثمة حالات يحدث فيها هذا التساوي بالفعل ومع ذلك تستمر العداوة، ويحدث ذلك عندما تتدخل الحكومة والقضاء ثم يحكم على أحد المتهمين بالإعدام أو حتى بالسجن المؤبد، ففي هذه الحالة يعتبر ذلك الشخص كما لو قتل في المعركة، ويحسب بذلك على الطرف الآخر ويطالب بثأره، ولكن هذا لا يظهر إذا كانت مدة الحكم قصيرة، وهذا يعنى أن تساوى الخسارة في الطرفين عامل أساسي في تقرير مصير العلاقات بينهم، وأن فرصة تحقيق هذا التساوي ضئيلة جدا، مما يترتب عليه استمرار حوادث القتل العمد أو الثأر لأجيال طويلة.
جـ- يقضى قانون الثأر بأن الاعتداء على حياة فرد إنما يعتبر اعتداء على الجماعة القرابية التي ينتمي إليها، كما أن جماعة الجاني تكون مسئولة ككل عن جريمته، والقاتل رغم كل شئ هو المسئول الأول عن فعلته، ويحاول أهل القتيل الاقتصاص منه بشتى الطرق وبقدر الإمكان، فكأن المسئولية رغم شيوعها في البدنة كلها تخضع لمبدأ التدرج، أي أنها ليست قانونًا أعمى تمامًا كما يبدو في الظاهر.
د- يقضى قانون الثأر على البدنة بأن تأخذ بثأر قتيلها بأيدي أبنائها وإلا لطخت بالعار وفقدت الكثير من منزلتها الاجتماعية في نظر البدنات الأخرى –بيد أننا نجد أحيانا أن بعض البدنات قد لا تستطيع أن تثأر لقتيلها فتقوم باستئجار أحد الأشقياء وتكلفه بقتل أحد أفراد البدنة المعادية-.
هـ- يقضى قانون الثأر بأن الثأر لا يؤخذ إلا من الرجل الذكر البالغ القادر على حمل السلاح والدفاع عن نفسه، كما يقضى بعدم التعرض للنساء والأطفال بالأذى، وأن إيذاء المرأة كفيل بوصم الرجل بالعار ويعرض مركزه الاجتماعي للخطر، كما أنه يضر بسمعته داخل وخارج قبيلته.
و- يقوم الثأر بين الوحدات المتميزة، فليس ثمة ثأر في البدنة الأبوية إلا في حالات نادرة أو حين تتفرع البدنة الكبيرة إلى بدنات صغيرة مستقلة اقتصاديا وسياسيا إحداهما عن الأخرى، والحالات التي تنشب فيها العداوة بين أفراد البدنة الواحدة نتيجة لمقتل شخص من نفس بدنة القاتل، فإن مجلس البدنة يسارع ببحث الموضوع والعمل على تسويته ويفرض عقوبات تتراوح بين الغرامة الباهظة وإلزامه بالتكفل بأولاد القتيل وزوجته وقد تصل العقوبة أحيانا إلى إبعاد القاتل وطرده نهائيا من موطنه الأصلي .
مما سبق يمكن القول : بأنه قد يبدو غريبا للوهلة الأولى أن نلحظ بأن الثأر متغير وغير ثابت، ففي الوقت الذى ظلت فيه بداوة وأمية بعض قرى الصعيد ثقافيًا كما هي دون أن يطرأ عليها تغيير حقيقي، وكما أن بعض عائلات الصعيد كانت تستخدم قانون الثأر كنوع من الحماية التي تحفظ لها وحدتها وتماسكها، وجدنا من ناحية أخرى أن هناك بعض الوقائع تشهد على تفكك هذه الوحدة من ناحية أخرى، وبالتالي يصبح استمرار قوانين الثأر أمرًا غير منطقي، ولكن وبقليل من التأنى والرصد الدقيق تزول هذه الدهشة القائمة على تضاد قانونين- قد يبدو أنهما لا يجتمعان- فما حدث فعلا هو أن انهيار قوانين الصعيد واستمرار بعض قوانين الثأر فرضا نوعًا ثالثًا من القوانين يمكن أن نسميه بقانون الفوضى، ولقد رصدت دراسات مبكرة القانون الجديد، كدراسة "أحمد أبوزيد" في إحدى قرى مركز أبو تيج بمحافظة أسيوط أنه قد طرأ على قانون الثأر بعض التغيرات الأساسية نتيجة بعض الأحداث الطارئة وقد تمثل ذلك في التحرر من التقاليد القديمة المتعلقة بوجه خاص بعدم التعرض للنساء أو الأطفال، ويذكر أحمد أبو زيد إحدى الحوادث الدالة على ذلك عندما قتلت عائلة "التكارتة" أحد أطفال عائلة "الحدايبة" وانتقم هؤلاء بعد ذلك بقتل أحد أطفالهم، ورغم أنه أشار في دراسته إلى استنكار أهل القرية لذلك الحدث، إلا أن ذلك يعنى في الوقت ذاته بداية اختراق بعض القوانين الصارمة للثأر، وهو ما تكرر بعد ذلك على نطاق واسع بلغ ذروته في حادث بيت علام الأخير، فقد قتل الجناة طفلا كان يجلس على حجر جده في إحدى سيارتين كانتا تقلان أفراد العائلة لمتابعة تفاصيل إحدى جلسات محاكمة قريبين لهما كانا قد اتهما في مقتل كبير عائلة عبد الحليم .
في حادثة بيت علام الأخيرة لم يكن مقتل الطفل هو الدلالة الوحيدة على عشوائية الحادث وعلى انهيار قوانين آمنت بها أجيالا متعاقبة، ولكن ذلك الانتقام البشع من الجثث ومحو معالمها، ثم هروب الجناة واختبائهم في الجبال دون أن يتقدم أحدهم لسبعة أيام متتالية يتحمل عبء القضية وهو ما وصفه البعض بالخسة، حيث أن قانون الثأر كان يقضى بإعلان القاتل وتسليم نفسه للشرطة واعترافه –في أغلب الأحيان- ليعطى ما يمكن تسميته بإشهار تخليص الثأر.
3) الوظيفة الاجتماعية للثأر : ليس هناك خلاف حول الوظيفة التي تقوم بها ظاهرة القتل بدافع الثأر، فالأمر الذى لا شك فيه أن ظاهرة بهذه الخطورة لا يمكن أن يكون وجودها عرضًا أو صدفة، ولكنها وجدت لتحقيق وظيفة اجتماعية ضرورية هي وظيفة الضبط الاجتماعي.
ومن المعروف أن المجتمع الذى ينتشر فيه الثأر بانقسامه إلى وحدات منعزلة اجتماعيًا إحداها عن الأخرى، ثم دخولها كلها –أو بعضها- في علاقات عدوانية تستمر لفترات طويلة، وإن كان يمكن القول في الوقت نفسه إن هذا التنظيم الانقسامي هو من أهم العوامل التي تؤدى إلى ظهور الثأر كنظام اجتماعي يدخل في تكوين البناء الكلى ويعتبر من أهم خصائصه ومميزاته، وهذا يعنى أن الثأر نظام يتبع في هذا المجتمع المحلى لتحقيق ذلك التعادل الذى كان قائما بالفعل قبل أن تحدث أول جناية قتل استتبعت قيام تلك السلسلة الطويلة من حوادث الثأر وعداوات الدم، والثأر يحقق ذلك التعادل أو التوازن بين هذه الجماعات المتقابلة بطريقة سلبية وذلك عن طريق إنقاص الجماعة المعتدية بنفس النسبة التي نقصت بها الجماعة المعتدى عليها، بيد أن هذا التوازن يتحقق في الوقت نفسه بطريق آخر أكثر إيجابية، فالاعتداء على حياة شخص ما يعتبر بالضرورة اعتداء على كل البدنة التي ينتمي إليها مما يترتب عليه تعرض المركز الاجتماعي الذى تحتله هذه البدنة في النسق الاجتماعي التقليدي للخطر، فالأخذ بالثأر يؤدى إلى رد اعتبار هذه البدنة واستردادها لمكانتها الاجتماعية التقليدية، وعلى ذلك فإنه يؤدى إلى إعادة التوازن القديم (27) .
وقد اعتبر البعض الثأر عاملا من عوامل التوازن الاجتماعي، وإن يكن عاملا من نوع خاص يتطلب وجود مجتمعات ذات بناء خاص أو تتبع نموذجا خاصا كما هو الحال بمجتمعات الدراسة وغيرها من المجتمعات التي تسود بها ظاهرة الأخذ بالثأر، ويتميز هذا النموذج البنائى بأهمية النسق القرابى الذى يعتمد على روابط القرابة العاصبة بحيث تعتبر تلك الروابط القرابية أساسا لكل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وذلك إلى جانب ضعف سلطة الحكومة أو عدم فاعليتها في فرض النظام واستتباب الأمن في المجتمع.(28)
ومهما يكن من شئ فالواقع أن الثأر بقيوده وأحكامه ومنطقه والتزاماته القاسية الدقيقة يحتل في نظر الناس منزلة القانون الصارم الذى يقبله المجتمع المحلى ويتمسك به رغم كل ما قد يبديه الأفراد من آراء وأفكار شخصية تعارض الالتجاء إلى الثأر كوسيلة لتصفية الموقف بين البدنات المختلفة، وليس من شك في أن الناس يخشون سطوة الثأر ويعملون لها حسابها من ناحية ويتدبرون أمره ويتفكرون فيه ويرسمون له الخطط الدقيقة ويحصلون من أجله على أفتك وأسرع الأسلحة من الناحية الأخرى، وهم في هذا كله يدركون مدى ما يتحملونه من جهد ونفقات وخسائر في الأرواح والممتلكات،(29) بحيث يمكن القول إن معظم الناس يكرهون الواقع الذى يعيشون فيه معرضين للقتل والقصاص، ويبدو هذا واضحا عند كثير من الأشخاص الذين أمضوا فترات طويلة في السجون أو الذين عاشوا مدة طويلة في المدن الكبيرة بعيدًا عن القيم الاجتماعية الجماعية المحلية التي ترتكز على روابط القرابة والانتماء للبدنة وإنكار قيمة الفرد.
نخلص مما سبق : أن الثأر وسيلة فعالة لاسترداد المجتمع لتوازنه التقليدي عن طريق إنقاص الجماعة القرابية المعتدية بنفس النسبة التى أنقصت بها الجماعة المعتدى عليها، وبالتالي استرداد الجماعة الموتورة كرامتها وشخصيتها التى أهدرت حين قتل أحد أفرادها، هذا بجانب أن الثأر يعتبر مسئولية جماعية تقع على عاتق الجماعة القرابية التى يستمد منها الفرد كيانه ومقوماته ومكانته الاجتماعية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:02 pm

المبحث الثاني
الدراسات السابقة

تمهيد :
على الرغم من تعدد الدراسات حول ظاهرة الثأر، إلا أن هناك قصورًا في الدراسات التي تتناول الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة الصعيدية، فلا توجد دراسة – في حدود علم الباحث- تناولت ظاهرة الثأر لدى المرأة الصعيدية، ولعل هذا يكون حافزا على إجراء مزيد من الدراسات حول تلك الظاهرة ،ومن خلال مطالعة الأدبيات السابقة حول ظاهرة الثأر لوحظ أن معظم الدراسات ركزت على ما يلي:
أولا: هناك بعض الدراسات الأنثروبولوجية التي قام بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، كدراسة "أحمد أبو زيد" "الثأر دراسة أنثروبولوجية بإحدى قرى الصعيد عام 1958(30) ،وكان يهدف من وراء هذه الدراسة محاولة فهم نظام الثأر كما يمارس بالفعل في قرية بنى سميع التابعة لمركز أبو تيج محافظة أسيوط، كما ركز على دراسة الثأر في ضوء علاقته ببقية النظم السائدة في ذلك المجتمع كالقرابة، ويدرس مدى ارتباط الثأر بالبناء الاجتماعي. فيقرر أن الثأر لا يتوافر إلا في نوع من المجتمعات ذات بناء اجتماعي معين وتتميز بتنظيم اجتماعي فيها يقوم على ثلاث أسس واضحة هي: رابطة الدم، رابطة المكان، عدم التفاضل الاجتماعي والاقتصادي بين الجماعات المكونة لذلك المجتمع ، ويخلص الباحث من دراسته هذه إلى أن الثأر نظام اجتماعي متماسك له ملامحه وقوانينه الخاصة التي تحكمه وتميزه عن جرائم القتل العادية، ويحتل في نظر الناس منزلة القانون الصارم التي يقبله المجتمع المحلى ويتمسك به رغم كل ما يبديه الأفراد من آراء وأفكار شخصية تعارض الالتجاء إلى الثأر كوسيلة لتصفية الموقف بين العائلات المختلفة.
ثانيا: دراسة "كمال سعيد صالح" نظام الثأر والعداوة في مركز دشنا عام 1959وهدفت إلى دراسة نظام الثأر والعداوة في مركز دشنا من خلال وصف الحياة الاجتماعية لسكان هذا المجتمع وتوضيح خصائص بنائهم الاجتماعي، ووصف العلاقات البنائية بين الجماعات والقبائل التي تتكون منها هذه المنطقة،خلص الباحث من دراسته إلى أن الثأر بين الأفراد والجماعات في مجتمع البحث يرجع إلى تغير في ميزان القوى الاقتصادية في المنطقة، كما يرجع إلى عوامل نفسية نشأت عن عدم تغير أنماط السلوك والعلاقات الاجتماعية بين طبقات المجتمع ،أيضا توصل الباحث في دراسته إلى أن الثأر قد أثر بشكل كبير على الحياة الاجتماعية بمجتمع البحث، كما أثر في تماسك البدنات والعائلات المختلفة ، وتعتبر هذه الدراسة من أقدم الدراسات الاستطلاعية التي سعت إلى فهم الأساس الكامن في البناء الاجتماعي والمرتبط بارتفاع معدلات جرائم القتل في مجتمع الصعيد (31) .
ثالثا: دراسة "محمد عاطف غيث" بعنوان "خطورة مشكلة الثأر في المجتمع العربي(32)، وهى من الدراسات الحقلية التي قام بها الباحث في بعض أجزاء المجتمع القروي واضعًا فروضًا قابلة للتحقيق والمناقشة النظرية ، وقد توصلت إلى أن خطورة الثأر ستظل قائمة مهما تغير المجتمع من القروية إلى الحضرية طالما كان الثأر يعكس السمات الثقافية المتغيرة، ويظل يعبر عن ذاته بطرق شتى تتفق مع هذه السمات .
رابعا: هناك بعض الدراسات العربية التي ركزت على دراسة "تقاليد وإجراءات الأخذ بالثأر، كدراسة صفوت الأخرس في سوريا عام 1961(33)، وفيها قام بدراسة لأربع حالات مختلفة لأشخاص ممن ارتكبوا جريمة الأخذ بالثأر لذويهم، وخلص من ذلك إلى أن الشخص الآخذ بالثأر يصبح بعد ارتكابه الحادث نادما على ما فعل وأن هناك دوافع معينة هي التي دفعته إلى ذلك، كما قام الباحث بعد ذلك بإجراء عدة مقابلات مع أهالى المجتمع في القرى والمدن للتعرف على نظرة الناس للثأر، وخلص إلى أن الناس ينقسمون بين مؤيد ومعارض وإن كان تأييد الناس للثأر في القرى أشد من ساكني الحضر ،وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسة إلا أن نتائجها تفتقر إلى الدقة لأن الباحث اعتمد على الإحصاءات، وقرر أن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة الثأر بالنسبة لمختلف أنواع الجرائم الأخرى لا تتجاوز 3.9%، فهناك الكثير من الحالات التي يتستر عليها المجتمع، كما أن الباحث اكتفى فقط بدراسة حالة لأربع أشخاص ممن ارتكبوا جريمة الثأر وهذا لا يصح أن يكون أساسا يعمم منه القول أن هذه الظاهرة لا تمثل مشكلة في المجتمع السوري.
خامسا: من الدراسات الإحصائية التحليلية دراسة "حسين محمد على" عام 1963 بعنوان "الجريمة في الجمهورية العربية المتحدة، دراسة إحصائية تحليلية"، وتتضمن هذه الدراسة عرضا للبيانات التي تتناول الجناة المعلومين والمجني عليهم والجريمة وظروف ارتكابها في قسمين رئيسيين هما (34) :
أ: ويعالج بيانات عامة عن جريمة القتل بدافع الثأر.
ب: ويتناول بعض معالم جريمة الثأر في محافظة أسيوط عام 1961، وقد استأثرت بالنصيب الأوفر من جرائم الثأر في هذا العام إذ بلغت 39.8% من مجموع جنايات القتل لدافع الثأر في الجمهورية إذ وقع بها 122 جناية ثأر ، وتوصل الباحث إلى أن جرائم الثأر وبخاصة في محافظات الوجه القبلي تمثل خطورة بالغة وأنها تحتاج إلى تكاتف الجهود التي تبذلها الهيئات العلمية والعمل على نشر التعليم على مختلف مستوياته في مناطق الثأر لأنه ساعد على الفهم الموضوعي للمشاكل مما يجعلهم ينظرون لظاهرة الثأر نظرة واقعية.
سادسا: دراستان لـ "محمد عثمان نجاتي" بعنوان "ملامح جريمة القتل العمد" عام 1970 (35)، دراسة "عباس شاكر" بعنوان "دراسة إحصائية لجريمة القتل العمد" عام 1973 (36) ، وتناولت هاتان الدراستان القتل العمد في جمهورية مصر العربية، مع تبيان أهم الدوافع لارتكاب جنايات القتل العمد وهو الأخذ بالثأر، كما اتضح أن هناك ارتباط وثيق بين جريمة القتل العمد والحالة التعليمية للسكان، فزيادة المتعلمين يقلل من حجم الجريمة ويزيد بزيادة الأميين، ولذا أوصت الدراستان بضرورة رفع المستوى التعليمي لسكان هذه المجتمعات لأنه عامل هام في القضاء على هذه الظاهرة.
1- سابعا: دراسة محمد الغريب عبد الكريم بعنوان "ظاهرة الأخذ بالثأر" عام 1979 (37)، وقد توصل الباحث في دراسته هذه إلى أن هناك علاقة ارتباطيه موجبة بين السن والاتجاه نحو الرغبة في الأخذ بالثأر، حيث تبين أنه كلما ارتفع السن كلما ارتفعت درجة الاتجاه نحو الرغبة في الأخذ بالثأر والعكس صحيح كلما انخفض سن المبحوثين كلما انخفضت درجة اتجاهاتهم نحو الرغبة في الأخذ بالثأر، كما أكدت الدراسة أن الرغبة في الأخذ بالثأر ترتفع لدى المشتغلين بالعمل الزراعي و تقل لدى فئات الموظفين وأصحاب المهن الحرة ورجال القوات المسلحة.
ثامنا: من الدراسات الشهيرة التي أجريت في مجتمع تقليدي للتعرف على القوى التي تشكل قانون ونظام الثأر في المجتمع البدائي، والكشف عن القواعد التي تعمل كالتزامات إجبارية أو ملزمة فيها دراسة "مالينوفسكى" (38) في جماعة التروبرياند، وتوصل مالينوفسكى في دراسته إلى أنه يشيع في المجتمع البدائى احترام وتقدير التقاليد والعرف والعادة الجمعية.
من خلال هذا العرض الموجز لبعض الدراسات السابقة التي تعرضت لظاهرة الثأر يمكن رصد عدة ملاحظات :
1- أن هذه الدراسات أغلبها دراسات وصفت الظاهرة كما تمارس فى مجتمعاتها كنظام اجتماعي له نظمه وقوانينه التي تحكمه موضحة علاقته بالنظم الاجتماعية السائدة فى المنطقة كدراسة أحمد أبو زيد.
2- أن بعض الدراسات ركزت على تحديد ملامح الظاهرة وظروف ارتكابها، مع الوضع فى الاعتبار خصائص الجناة والمجني عليهم وحالتهم التعليمية، كدراسة حسين محمد على، ودراسة محمد عثمان نجاتى، ودراسة عباس شاكر.
3- أن غالبية هذه الدراسات اعتمدت على المنهج الإحصائي والبيانات الإحصائية المجردة فى تحليلها للبيانات، أي أنها ذات طبيعة وصفية فى الأساس.
4- على الرغم من الخطورة الواضحة التي تشكلها جرائم القتل العمد أو الأخذ بالثأر على الفرد وعلى أمن وسلامة المجتمع، إلا أنها تمثل نسبة محدودة من إجمالي الدراسات التي تجرى حول دراسة الجريمة.
5- أيضا يلاحظ أنه على الرغم من أن قطاع الصعيد يعتبر من أعلى مناطق الجمهورية ارتكابا لجرائم الاعتداء على الأشخاص، إلا أن الدراسات التي أجريت على هذا القطاع تعتبر قليلة جدا بالقياس إلى حجم تلك الظاهرة.
6- أن هذه الدراسات قد أغفلت الأبعاد الاجتماعية والثقافية لظاهرة الثأر في صعيد مصر ، كما اغفلت التطرق لدور المرأة في هذا الشأن.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:03 pm

المبحث الثالث
منهجية البحث
مشكلة الدراسة :
الذين كانوا يذهبون إلى الصعيد حتى نهاية السبعينات كانوا يلاحظون أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلى بيت أبيها إلا مرة واحدة كل عام، وإذا ما خرجت فإن البردة –رداء ثقيل من الصوف يدثر الجسد بأكمله حتى لا يظهر منه شئ- تطمرها وتنفى عنها وجودها، وبالتالي كانوا يظنوا أنها مجرد تابع للرجل فى مجتمع ذكورى، لكن الواقع والأحداث ومن خلال دراسات أكاديمية عن وضع المرأة فى صعيد مصر، أثبتت أن المرأة هى العنصر الفاعل فى حركة الحياة هناك، حتى أن بعضهم وصف ذلك المجتمع بأنه يقبل سرًا حكم المرأة لتصرفاته وأفعاله لأنه حتى هذه اللحظة مجتمع أمومى.
وفى الثأر تقف المرأة على طرفى السكين، فهي التى يتم رفع السلاح من أجل الحفاظ على عرضها وسيرتها، هى أيضا العنصر الرئيسي فى التحريض على الأخذ بثأر عائلتها، ويتخذ هذا التحريض عدة أشكال منها ما هو مباشر وعلني- حيث تصر المرأة على تذكير أبناء عائلتها بدم رجلهم المهدر كلما سنحت فرصة-، أو بطريق غير مباشر- عن طريق ارتدائها الملابس السوداء والعقود الزرقاء المعروفة "بعقد الحزون"، والتعديد من حين لآخر-، وقد يتخذ تحريضها شكلاً آخر أكثر صعوبة على نفوس أبنائها بأن تشم ما بين ليلة وأخرى رائحة دم القتيل التى تظل عالقة بثيابه التى تحتفظ به الزوجة أو الأم أو الأخت حتى يتم أخذ ثأره.
وعلى الرغم من التغيرات التى حدثت فى صعيد مصر بصفة عامة وعلى المرأة بصفة خاصة من أول ارتداء البردة واستبدالها بأحدث صيحات الأزياء لدى فتيات الصعيد والتحاقهن بالجامعات والمعاهد، إلا أن دور المرأة فى التحريض على الثأر يظل الأقوى، فقد يتصور البعض أن الرجال فى الصعيد يلعبون دورًا فى تعليم أولادهم لغة الثأر، لكن الحقيقة غير ذلك، فالابن عادة لا يكون فى حاجة لأن يتعلم من أبيه تعاليم الثأر، فالأجواء التى ينمو فيها هذا الابن تتردد فيها بصفة دائمة أصداء الثأر، فالمناخ فى هذه المنطقة ملبد بكلمة الثأر، والأب عموما لا وقت لديه لأن يجلس مع الصغار ليغذيهم بمفهوم الثأر، وبالتالي تصبح هذه المهمة ملقاة على عاتق الأم.
ليس هذا فحسب، بل أن الأم فى صعيد مصر إذا كانت بلا زوج أو ابن تقتل بيدها ابنتها التى حملت سفاحا لتغسل عارها ولا تقبل فى ذلك نقاشا، فشرف الأسرة أهم لديها من عاطفة الأمومة، أما إذا كان القتيل ابنها أو زوجها أو أخاها فإن الحياة تتوقف بها وتظل صورة القتيل فى وجدانها وفى خاطرها بعكس الرجل الذي يأخذ الأمر بعقله أكثر من عاطفته، وتظل تعانى الألم والحزن سنوات طويلة حتى يتحقق لها ما تريد لأنها نفذت العرف وطبقت التقاليد، وهذا يعنى أن المرأة فى صعيد مصر تتعامل مع الثأر بقلبها ووجدانها.
ومن هذا المنطلق تتحدد مشكلة الدراسة الراهنة فى" التعرف على الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة فى صعيد مصر، دراسة ميدانية بجنوب الوادي " .

أهمية الدراسة:
إن الاهتمام بدراسة الثأر فى صعيد مصر، يرجع إلى أن تقليد الأخذ بالثأر متفشيًا فى صعيد مصر بشكل يثير الرعب والقلق، ولم تستطع النظم القانونية مكافحتها، مما أتاح لهذه الظاهرة أن تستمر رغم كل الجهود والمحاولات التى بذلت، وكان من آثار هذا الشطط اضطراب الأمن وتفكك العُرا وإشاعة الفوضى وجموح التعصب والاستعداد الدائم للحرب والتمرن على فنون القتال ،ولعل أبرز ما تتميز به هذه الجرائم ما تنطوى عليه نفوس مرتكبيها من إصرار قوى دفين، فهي لا تصدر عن أهواء طارئة أو انفعالات عابرة ولكنها تصدر بعد تحريض وتدبير وإعداد من مرتكبيها بقصد الوفاء بالتزاماتهم نحو قيم يؤمنون بها أو يفرض عليهم أن يأخذوا بها وبخاصة من قبل المرأة، فالرجل فى الصعيد من الممكن إقناعه بأن القانون ينبغى أن يأخذ مجراه وحده، ولكن المرأة لا يمكن إقناعها بذلك فهي تأخذ الأمر بصورة مختلفة، وفى سبيل تحقيق هدفها تستخدم كل الوسائل الممكنة لتثير نخوة الرجال حتى تصل إلى ما تريد، وهذا يعنى أن المجتمع قد يجهل –أحيانا- ثقافة تلك المرأة ولم يتفهم طبيعة ظروفها الفردية والاجتماعية المتوارثة فهما صحيحا ، وانطلاقا مما سبق أصبح واضحا أن أهمية الدراسة تنقسم إلى :
أولا: الأهمية العلمية : يقول "هانز فون هيبنتج" أستاذ علم الإجرام: "إلى أننا نفتقر حتى اليوم إلى الدراسة العلمية الكاملة لجريمة القتل، ولا زلنا فى انتظار المؤلف الوافى عن هذه الجناية"، ولذا يرى علماء الاجتماع أن أي تغير اجتماعي يتطلب دراسة الظروف الاجتماعية السائدة بين أفراد المجتمع ومعرفة مدى قابليتها للتحول نحو التغير المطلوب، وفى هذا السياق تأتى الدراسة الحالية للتعرف على العوامل الظاهرة والكامنة المرتبطة بظاهرة الأخذ بالثأر فى مجتمع صعيد مصر لدى المرأة الصعيدية، وكذا رغبة الباحث فى إعداد دراسته هذه كلبنة متواضعة فى صرح البناء العلمي.
ثانيا: الأهمية المجتمعية: وهى محاولة لرسم صورة واضحة المعالم عن الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الأخذ بالثأر لدى المرأة فى صعيد مصر، وأن تكون نتائج تلك الدراسة إضافة تراكمية إلى الدراسات الميدانية التطبيقية، وذلك من خلال ما تسفر عنه من نتائج وتوصيات تستفيد بها جهات عديدة مثل مصلحة الأمن العام، جهاز القضاء، جهاز الشرطة، ووسائل الإعلام، المجلس القومي للمرأة، الرائدات الريفيات، وغيرها من المنظمات المسئولة عن المرأة ، هذا بجانب أن الباحث وهو ابن من أبناء الصعيد مهتم بواقع مجتمعه الذي ينتمي إليه، لأن هذا المجتمع لم يدرس بعد بصورة كافية، كما أن بروز هذه الظاهرة على الساحة أتاح للباحث الفرصة لإخضاع هذا المجتمع لأساليب وقواعد البحث العلمي حتى يتاح له وأعوانه الفهم والمعرفة الدقيقة والملموسة والمعاشة فى إطار الخصوصية التاريخية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي يمكن الحصول على نتائج عملية تعمل على تطوير ونمو هذا المجتمع.
أهداف الدراسة :
إن المذابح التى راح ضحيتها اثنان وعشرون قتيلا وثلاثة مصابين، فضلا عن الأرامل والثكلى واليتامى فى حادث قرية بيت علام التابعة لمركز جرجا بمحافظة سوهاج، قد أثارت ردود أفعال لدى الشعب المصري بجميع فئاته، لذا تستهدف الدراسة تحقيق هدف رئيسي مؤداه: "التعرف على الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة فى صعيد مصر " ، ويتفرع من هذا الهدف الرئيسي أهداف فرعية هى :
1- التعرف على الدور الذي تلعبه المرأة الصعيدية فى التحريض على الثأر وكذا الوسائل التى تستخدمها فى ذلك.
2- التعرف على الدوافع الاجتماعية والثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة فى صعيد مصر وتفهم طبيعتها وظروفها الفردية والاجتماعية فهما صحيحا.
3- التعرف على أهم الآثار الناجمة عن عملية التحريض على الثأر من قبل المرأة وأثر ذلك على تطور المجتمع.
4- التعرف على الظروف البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسكان مجتمع الدراسة.
5- التعرف على الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الأهلية والحكومية من أجل تصحيح بعض الأفكار لدى المرأة فى صعيد مصر الخاصة بالثأر والتوصل إلى بعض المقترحات والتوصيات لمعالجة هذه الظاهرة.
تساؤلات الدراسة :
إن المرأة فى صعيد مصر تظل تعانى الألم والحزن والكآبة سنوات طويلة وتضفى على بيتها جوًا غريبًا مشبعًا بالكراهية والغضب والرغبة فى الانتقام، ولا تتنفس الصعداء إلا إذا تحقق لها ما تريد، ومن هذا المنطلق لا تزال هناك تساؤلات حول قضية الثأر، من أهمها ذلك التساؤل الذي يمثل اهتمام الدراسة الراهنة مؤداه: ما الدوافع الاجتماعية والثقافية التى وراء تحريض المرأة للثأر؟ وما هى الوسائل التى تستخدمها لتحقيق ذلك؟ " ، ومن خلال ذلك التساؤل الرئيسي تم صياغة عدة تساؤلات فرعية تصل بالبحث إلى النتائج المرجوة طورها الباحث فى ضوء الفهم المتصور للعلاقة بين قضايا الدراسة ومفاهيمها الأساسية، مستفيدة فى ذلك بالإطار النظري للدراسة، وتتحدد تلك التساؤلات فيما يلي:
1- ما الأسباب التى وراء حوادث الثأر؟ وما هى العوامل التى تشجع الناس على الأخذ بالثأر؟ وهل هناك دوافع ساهمت فى استمرار جريمة الثأر بمجتمع الدراسة؟
2- ما الدور الذي تلعبه المرأة بمجتمع الدراسة للتحريض على الأخذ بالثأر؟ وما هى الوسائل التى تستخدمها لتحقيق ذلك؟
3- ما الأسباب التى تقف وراء تحريض المرأة لانتماء العائلة للأخذ بالثأر؟
4- ماذا يمثل الثأر بالنسبة للمرأة بمجتمع البحث؟ وما هى الآثار التى يمكن أن تترتب على تحريضها للأخذ بالثأر؟ وما هى متطلباتها حتى يمكن القضاء على هذه الظاهرة؟
5- هل ساهم النظام القبلي السائد بمجتمع الدراسة فى استمرار الثأر والتحريض عليه؟
6- ما الدور الذى قامت به المنظمات الأهلية والحكومية والقيادات بمجتمع الدراسة للحد من جريمة الثأر؟ وهل لعبت وسائل الإعلام دورًا فى توعية المرأة بخطورة جريمة الأخذ بالثأر؟
مفاهيم الدراسة : حددت الدراسة الراهنة مفهوماتها الرئيسية على النحو التالي:
1- مفهوم الثأر: يقول "لويس معلوف": "أن الثأر هو طلب المكافأة بجناية جنيت عليك، والثأر المنيم الكامل الذى إذا أصابه الطالب يكتفي وينام، ومن طلب دمه وقتل القاتل فهو ثائر" (39) ، ويرى "إبراهيم أنيس وآخرون" أن "الثأر هو الدم نفسه، قاتل الحميم والثأر المنيم، الذى إذا أصابه الطالب رضى به فهدأ(40) .
وفى قواميس اللغة الأجنبية، نجد أن كلمة Revenge تعنى نوع من التدبير لإيقاع بعض الضرر على شخص تسبب فى إلحاق ضررًا سابقًا كما هو الحال عند وليم ليتيف (41) Littef، وعند فارشيلد Fairchild يعنى الانتقام الفردى، وهو رد الأذى على المعتدين عن طريق المعتدى عليه وهو لا حدود له(42) .
نخلص مما سبق : أن الثأر هو " دم شخص أو جماعة عند شخص أو مجموعة أشخاص آخرين، يتم فيهم تنفيذ القصاص بطريقة انتقامية وغير مشروعة ".
2- تقليد الأخذ بالثأر: ونعنى به القتل للقتل انتقاما تقوم به جماعة المجني عليه أو من يمثلها ضد جماعة الجاني أو أحد أفرادها، أي أن الثأر انتقام لجريمة قتل سبقته، ويتسم بسمتين هما:
أ- أن العدوان الأول لم يلحق الشخص ذاته الذى يقوم بالرد عليه بعدوان مماثل.
ب- أن المجتمع كله يعترف بحق ذلك الشخص أو الأشخاص فى رد العدوان بعدوان مماثل طبقًا لشروط معينة، وهذا يعطى الثأر صفة النظام الاجتماعي .
3- المرأة الصعيدية: بالرغم من أن مفهوم المرأة من المفهومان الواضحة، إلا أنه قد يجد أي باحث صعوبة بالغة عند تحديده لهذا المفهوم، وبصدد هذه الدراسة كانت الصعوبة تتمثل فى هل يمكن التركيز على المرأة فى صعيد مصر بصفة عامة التى تقطن القرية والمدينة والنجوع والعزب؟ أم أن المرأة المتعلمة وغير المتعلمة والعاملة وغير العاملة؟ أو التى قتل زوجها أو أبيها أو أخيها أو ابنها؟، وقد استقر رأى الباحث على أن المرأة الصعيدية هى تلك المرأة التى تقطن القرى المتعلمة وغير المتعلمة العاملة وغير العاملة التى قتل أحد أقاربها عمدًا بقصد الثأر أو سمعت أو شاهدت حالات قتل بدافع الثأر.
4- الصعيد: يقصد به الإقليم الذى يبدأ من الجيزة شمالا حتى أسوان جنوبا، وقد تم استقرار الباحث فى دراسته على أربع قرى بمحافظتي قنا وسوهاج لارتفاع معدلات ظاهرة الثأر بهما فى السنوات الأخيرة.
الأساليب المنهجية :
لا شك فى أن الأساليب المنهجية ترتبط بموضوع الدراسة وأهدافها، والدراسة الراهنة "الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة، دراسة ميدانية بجنوب الوادي، اعتمدت على عدة طرق وأدوات بحثية فى جمع معطيات الدراسة وهى:
1- تلاحظ أن ظاهرة الثأر فى المجتمع المصري بصفة عامة ومجتمع الصعيد بصفة خاصة لم تحظ بالدراسات المستفيضة على الرغم من خطورة تلك المشكلة، ومن هذا المنطلق نجد أن الدراسة الوصفية هى من أنسب الأنواع لهذه الدراسة من أجل التعرف على الظاهرة وتحديد ملامحها الأساسية كخطوة أولى نحو المزيد من التعمق فى بحث الظاهرة.
2- يعتبر المسح الاجتماعي بالعينة من أكثر الأساليب التى تساعد فى التعرف على الظروف الاجتماعية للظاهرة المدروسة داخل المجتمع، بجانب التعرف على أهم الأبعاد الاجتماعية والثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة فى صعيد مصر، كما يتم التركيز على دراسة الظروف البيئية والأيكولوجية والأسرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية لسكان مجتمع الدراسة.
3- ولجمع البيانات استخدمت الدراسة مجموعة من الأدوات هى:
أ‌- استمارة استبيان بالمقابلة.
ب‌- الملاحظة العلمية.
جـ- السجلات الرسمية.
د- الإخباريين.
مجالات الدراسة : وتحددت فى ثلاثة:
1- المجال الجغرافي: وقع الاختيار على محافظتي قنا وسوهاج نظرًا لارتفاع عدد حوادث الثأر بهما فى السنوات الأخيرة طبقا للإحصاءات الواردة من مديرتي قنا وسوهاج ومصلحة الأمن العام، فهناك مئات الحالات التى لم تغلق ملفاتها حتى الآن، ونظرًا لظروف الباحث اختار أربع قرى من المحافظتين نظرًا لارتفاع عدد حوادث القتل بهم وهم "قرية بيت علام" التابعة لمركز جرجا بمحافظة سوهاج، وقريتي حجازة قبلي وبحرى التابعتين لمركز قوص بمحافظة قنا، وقرية الحجيرات التابعة لمحافظة قنا. وقد لاحظ الباحث أن هذه القرى تتفشى بها جرائم القتل بدافع الثأر، كما أنها تتسم بشيء من التجانس ولم يطرأ عليها أي تغيرات جذرية ثقافية أو اجتماعية، وبالتالي تمكن الباحث من ملاحظة سلوك أفرادها وتصرفاتهم.
2- المجال الزمني: استغرقت الدراسة نحو ستة شهور واشتملت على مرحلتين تداخل العمل فيهما، ففي المرحلة الأولى انصب الاهتمام على التأصيل النظري للدراسة وصياغة التساؤلات، إلى جانب إعداد أدوات البحث، أما المرحلة الثانية فشملت الدراسة الميدانية، وتضمنت اختيار العينة وجمع البيانات وتصنيفها وتحليلها واستخلاص النتائج وكتابة التقرير النهائي للدراسة.
3- المجال البشرى: تحددت عينة الدراسة فى عينة قوامها 150 مفردة من الذكور والإناث بمناطق الدراسة الأربع التى وقع عليها اختيار الباحث ويشترط فيها :
1- أن يكون أحد أقاربهم قد قتل فى حادث ثأر.
2- أن يكون قد شاهد بنفسه حالة ثأر.
3- أن يكون قد سمع عن حالات ثأر من سكان المجتمع.

أساليب التحليل والتفسير :
فى هذه الدراسة تم استخدام أسلوب التحليل الكيفي وأسلوب التحليل الكمي، بحيث تكامل الأسلوبان لتقديم البيانات الأمبيريقية فى ضوء أهداف الدراسة وتساؤلاتها، أما عن أساليب التفسير، فجمعت الدراسة بين التفسير الكلى والتفسير الجزئي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:04 pm

المبحث الرابع
نتائج الدراسة وتوصياتها

تمهيد:
أصبح من المؤكد أن ظاهرة الثأر متأصلة في صعيد مصر، ضاربة بجذورها في عمق الريف المصري، مما جعلها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنظمه الثقافية وعقائده الدينية وقوانينه الوضعية وعاداته الاجتماعية، لذا فنحن بحاجة ماسة إلى إجراء العديد والعديد من الدراسات والبحوث السوسيولوجية التي تنطلق من الواقع الاجتماعي والثقافي والتاريخي والاقتصادي حتى يمكن أن تؤدى إلى إثراء النظرية السوسيولوجية.
ولعرض هذه النتائج كانت الضرورة ملحة أن نقدم لها بالإجابة على التساؤلات التي تم وضعها في البداية، وذلك من خلال ربط النتائج التي انتهت إليها الدراسة بشقيها النظري والميداني في إطار متصل، تلك النتائج التي اعتمدت أساسا على ما جاء الدراسة النظرية من مقدمات وتحليلات نظرية، والدراسة الامبيريقية من معطيات وشواهد تجريبية.
أولا : الإجابة عن تساؤلات الدراسة : يجدر بنا ختام هذه الدراسة أن يتم مناقشة تساؤلات الدراسة المتعلقة بموضوع الدراسة، والإجابة عليها حتى يمكن استخلاص عدد من النتائج الهامة على النحو التالي:
1- فيما يتصل بخصائص عينة الدراسة :
من حيث الحالة العمرية، أكدت الدراسة أن ما يقرب من 80.66% من إجمالي العينة يقعون في الفئات العمرية الشابة والكبيرة والتي تبدأ من 35 سنة فأكثر، ولعل هذا يتفق والدراسة الراهنة، فعند اختيار العينة روعيت الفئات التى يمكن أن ترصد لنا تلك القضية، فهى الأكثر قدرة على توضيح ملامح الثأر وأبعاده.
أما من حيث النوع، أبانت الدراسة الراهنة أن الباحثين كانوا يجدون صعوبة لإجراء مقابلة مع امرأة تقطن فى صعيد مصر، ولكن فى الآونة الأخيرة، ومع تغير وضع المرأة استطاعت أن تكون العنصر الفاعل فى حركة الحياة بمجتمع الدراسة، ولذا استعان الباحث بما يقرب من 45.33% من إجمالي العينة لاستكمال دراسته.
ومن حيث الحالة الاجتماعية لعينة البحث أثبتت الدراسة الراهنة أن النسبة الغالبة من عينة الدراسة والتى تقدر بنحو 71.33% من إجمالى العينة متزوجون، ولعل هذا يوضح أن مجتمع الدراسة يقدس الزواج المبكر وبخاصة بين الإناث، كما أشارت الدراسة إلى وجود اتجاه نحو تقليص ظاهرة الطلاق لأنهم يحرصون على تفعيل الروابط الأسرية التى تظهر وقت الأزمات كالثأر الذى له تأثير كبير فى تماسك العائلات بمجتمع البحث.
كما يُعد الاقبال على التعليم أحد الصور البارزة بمجتمع البحث، فكما أكدت العينة وبنسبة 51.33% بحصولهم على شهادات علمية، إلا أن نسبة كبيرة منهم لا يمكن إقناعها وبخاصة المرأة عن التخلى عن فكرة الثأر، لأنهم يتعاملون مع قانون الثأر بقلبهم ووجدانهم، وهذا يدل على أن التعليم تم توظيفه لتطوير الأخذ بالثأر بمجتمع الدراسة.
ومن حيث المستوى المهنى، أبانت الدراسة أن عينة البحث تتسم بالتنوع المهنى والاتجاه إلى الاشتغال فى أنشطة أخرى غير الزراعة، كالعمل فى المجال الحكومي والقطاع الخاص والتجارة والأعمال الحرفية، وهذا يدل على أن النشاط الاقتصادي لسكان مجتمع الدراسة لم يقتصر على الزراعة فقط، بل امتد ليشمل أنشطة أخرى بلغت 48.66% من إجمالى العينة.
أما فيما يتصل بوعى المبحوثين بحالات الثأر التى حدثت بمجتمع الدراسة، دلت نتائج الدراسة على أن ما يقرب من 82.66% من إجمالى العينة قالوا بأن أقاربهم تعرضوا لحالات قتل بدافع الثأر، وأنهم شاهدوا حوادث ثأر بمجتمع الدراسة، ولعل هذا يوضح أنه على الرغم من امتداد رقعة التعليم وظهور جيل جديد من الشباب المثقفين، إلا أن أعراف وتقاليد الثأر ظلت حاضرة وهذا ما أفرزته الدراسة الراهنة.
وعن درجة قرابة القتيل للمبحوثين أوضحت نتائج الدراسة أن ظاهرة الثأر من أبشع الجرائم وأخطرها التى تقضى على الروابط الإنسانية، ومع ذلك لا زال الثأر يمثل قيمة وممارسة اجتماعية لها مكوناتها وتقاليدها، كما أنه يمثل هيبة وكرامة العائلة بمجتمع البحث.
2- وللإجابة على تساؤل الدراسة الأول الذى مؤداه : "ما الأسباب التى وراء حوادث الثأر؟ وما هي العوامل التى تشجع الناس على الأخذ بالثأر؟ وهل هناك دوافع ساهمت فى استمرار جريمة الثأر بمجتمع الدراسة؟ ".
أ- فيما يتصل بأسباب حوادث الثأر بمجتمع الدراسة ، أبانت الدراسة أن مجتمع الدراسة يتوفر به المناخ الملائم لاستمرار تنامي ظاهرة الأخذ بالثأر، وأن هناك مجموعة من العوامل التى أدت إلى حدوث واستمرار الثأر، أبرزها النزاع على حدود الأرض، الانتخابات، الميراث، الخلاف على ري الأرض الزراعية، مس السمعة والشرف، لعب الأطفال، كلها عوامل شكلت أرضية خصبة لانتشار الثأر واستمراره، ولذا وكما أكدت الدراسة أن الثأر يرتبط بالدفاع عن الأرض والعرض، وإذا كانت الثروة والأرض والمنصب الانتخابي تحمى وحدة العائلة ضد عائلات أخرى فى قرية ما بالصعيد، فإنها تحمى العائلات نفسها ضد السلطة أيضا.
ب- ومن حيث العوامل التى تشجع على الثأر، أبانت الدراسة الميدانية أن هناك مجموعة من العوامل التى تشجع الناس بمجتمع البحث على الأخذ بالثأر يأتى فى مقدمتها تحريض المرأة المستمر كما رأت أكثر من ثلث عينة الدراسة وبنسبة 34.66%، المعايرة من قبل العائلات الأخرى بنسبة 26%، انتشار تجارة السلاح فى أوساط مجتمع الصعيد وسهولة الحصول عليه بنسبة 14.66%، أيضا ضعف الأداة الحكومية والأمنية وعدم قدرتها على القيام بواجباتها المتمثلة منع الجريمة قبل وقوعها، وأخيرا وجود المطاريد والهاربين الذين تستعين بهم العائلات الضعيفة لأخذ ثأرهم مقابل أموال تدفع لهم.
جـ- ولمعرفة متى تكثر عمليات الثأر بمجتمع البحث؟، أكدت الدراسة الميدانية على أن الثأر كقانون عرفي موجود منذ آلاف السنين فى صعيد مصر، وأنه كان فى وقت ما أحد العوامل المهمة لحفظ كيان الصعيد وعائلاته، إلا أن تلك العوامل الطارئة على ذلك المجتمع المغلق صاحب القوانين الخاصة والمعقدة ساهمت فى أن يتحول هذا القانون الثأري إلى مسخ، والدليل على ذلك أن غالبية عمليات الثأر تتم فى مواسم الحصاد وفى الأفراح والمناسبات وهذا ما أكدت عليه 66.33% من إجمالى العينة، أيضا لا يمكن أن نغفل دور المرأة فى الثأر فنتيجة لتجمع النساء فى المآتم تكثر عمليات الثأر هذا ما أوضحته 36.67% من إجمالى العينة.
د- أما فيما يتصل بالعوامل والدوافع التى ساهمت فى استمرار جريمة الثأر بمجتمع البحث، أبانت الدراسة الميدانية أن هناك مجموعة من العوامل التى ساهمت فى استمرار الثأر وهى الواقع الاجتماعي والإرث القبلي الذى لا يزال يشكل أرضية خصبة لانتشار تلك الجريمة واستمرارها، كذا الفقر الشديد وقلة فرص العمل، وضيق المساحة الزراعية، وقلة وتنوع المحاصيل الزراعية، وعدم توافر المشروعات الإنتاجية، أيضا التجمع فى الساحات والجلوس على المقاهي والاشتراك فى الألعاب الخشنة كالتحطيب، كما أن الانتخابات ساهمت إلى حد كبير فى إشعال واستمرار نيران الثأر بين الكثير من القبائل والعائلات، وهذا يوضح أن الثأر قد أثر تأثيرا كبيرا فى الحياة الاجتماعية بمجتمع الدراسة.
3- فيما يتعلق بسؤال الدراسة الذى مؤداه : "هل بطء العدالة وعدم فعالية القوانين الوضعية وطول إجراءات التقاضي وغيرها صور لأهل القتيل أن العدالة شريكة بشكل أو بآخر فى الأخذ بالثأر مما أتاح لظاهرة الثأر أن تستمر؟ " ، خلصت الدراسة الميدانية إلى عدة نتائج منها :
أ- فيما يتصل بكيفية تصرف أهل القتيل بعد حادثة الثأر، أبانت الدراسة الميدانية أن نسبة كبيرة من عينة البحث بلغت 68% من إجمالى العينة يفكرون فى الأخذ بالثأر بعد مقتل أحد أقاربهم، فهم يؤكدون أن جرائم الثأر متأصلة فى مجتمع الصعيد ومرتبطة بشرف وكرامة العائلة.
ب- وعن عدم ترك القصاص للجهات المسئولة أثبتت الدراسة الراهنة أن أهل القتيل لا يعترفون بأحكام القضاء، ويعتبرون أن الأخذ بالثأر هو الطريق الوحيد لحفظ حقوقهم وصيانة أرواحهم واسترداد كرامتهم وهيبتهم، ولعل هذا يدل على أن الثأر ظاهرة متأصلة فى المجتمع العربي ساعد فى استمرارها مجموعة من العوامل لعل أهمها العصبية والقبلية والتحريض المستمر من المرأة.
جـ- أكدت الدراسة الميدانية على أن غالبية عينة الدراسة وبنسبة 92.67% من إجمالى العينة رأوا بأن عدم العدالة فى تطبيق القانون لعبت دورًا كبيرًا فى استمرار جريمة الثأر بمجتمع الدراسة، وهذا يدل على أن الثأر له قانونه الخاص به.
د- وعن الدور الذى لعبه القانون فى استمرار الثأر أثبتت الدراسة الميدانية أن استمرار ظاهرة الثأر بمجتمع البحث ترجع لعوامل من أهمها، عدم العدالة فى القصاص وطول إجراءات التقاضي، وكذا عدم القناعة بأحكام القانون الملئ بالثغرات، وبطء العدالة فى القصاص وإمكانية اختراق أوراق القضايا مما أدى إلى ضياع حقوق الضعفاء، ولذلك أبانت الدراسة الراهنة أن أهل القتيل يفضلون أخذ حقوقهم بعيدا عن القانون ويستبعدون الحكومات عن هذا الأمر ويعتبرونه شأنهم الخاص.
4- لا تخلو حالات الثأر بمجتمع الدراسة من دور للمرأة تلعب فيه دور الحارس على استمرار تلك الآفة التى أريقت من أجلها الدماء، ومن هذا المنطلق يمكن الإجابة على تساؤل الدراسة الذى مؤداه: "ما الدور الذى تلعبه المرأة بمجتمع الدراسة للتحريض على الأخذ بالثأر؟ وما هي الوسائل التى تستخدمها لتحقيق ذلك؟ " ،وتخلص الدراسة الميدانية إلى عدة نتائج منها:
أ- فيما يتصل برأي عينة الدراسة فى هل للمرأة دور فى تدعيم واستمرار الثأر بمجتمع الدراسة؟، أبانت الدراسة الميدانية أن نسبة كبيرة من عينة البحث بلغت 92% يرون بأن للمرأة دور فى تدعيم واستمرار الثأر، وذلك راجع إلى المناخ الاجتماعي الذى تتربى فيه المرأة الصعيدية المشحون والقائم على الأخذ بالثأر دون ترك الأمر للجهات المسئولة للقصاص من القاتل، وبالتالي تظل المرأة أسيرة لعادات وتقاليد يصعب التخلص منها، أيضا أكدت الدراسة الميدانية أن البعض قد يتصور أن الرجال بمجتمع الدراسة يلعبون دورًا فاعلاً فى تعليم أولادهم لغة الثأر، لكن الحقيقة غير ذلك، فالابن عادة لا يكون فى حاجة لأن يتعلم من أبيه تعاليم الثأر، فالمناخ فى هذه المنطقة ملبد بكلمة الثأر، والأب عموما ليس لديه وقت لأن يجلس مع أبنائه ليغذيهم بمفهوم الثأر، وبالتالي تصبح هذه المهمة ملقاة على عاتق الأم.
ب- وعن الدور الذى تلعبه المرأة لتدعيم واستمرار الثأر، أكدت الدراسة الميدانية على أن التحريض على الثأر صناعة نسائية، فهى دائما التى تذكر الشباب والرجال بالثأر، وتعمل على إذكاء روح الحقد والكراهية تجاه القاتل، وتحاول باستمرار إشعال الخلافات داخل القبيلة إذا لم يتم لها المراد، كما أنها تتهم بمن يتقاعس عن أخذ ثأره بعدم الرجولة، كما أثبتت الدراسة أن المرأة بمجتمع البحث على استعداد كامل لأن توهب حياتها للثأر وتتصدى لأية محاولات للصلح وقبول الدية أو القودة، كما أبانت الدراسة أيضا أنها ترضع ابنها وتربى شقيقها على أن الثأر قدر محتوم لا مفر منه، كما أنها لا تترد فى تهديد أقاربها وذويها بأنها سوف تأخذ الثأر بنفسها إذا تقاعس الرجال عن أخذ ثأرهم.
جـ- وفيما يتعلق بالوسائل التى تستخدمها المرأة فى التحريض على الثأر أثبتت الدراسة الميدانية أن المرأة بمجتمع البحث تملك العديد من الوسائل لتحريض الرجل على الثأر، فالكثير من الوقائع والأحداث أثبتت أن المرأة فى جنوب الوادي هي العنصر الفاعل فى حركة الحياة وأن التحريض لديها يتخذ عدة أشكال ووسائل منها ما هو مباشر وعلني –حيث تصر الأم على تذكير أبناء عائلتها بدم رجلهم المهدر- أو بطريق غير مباشر عن طريق ارتدائها الملابس السوداء والتعديد من حين لآخر.
5- وفيما يتعلق بسؤال الدراسة الذى مؤداه: "ما الأسباب التى تقف وراء إشعال المرأة لجريمة الثأر؟ وما هي مواصفات تلك المرأة؟ " ، أكدت الدراسة الميدانية على عدة نتائج هي :
أ- فيما يتصل بالأسباب التى وراء إشعال المرأة لفتنة الثأر، أثبتت الدراسة الميدانية أن المرأة عندما يقتل عزيز لديها تتوقف الحياة كلها، وتظل صورة القتيل فى وجدانها وفى خاطرها، وتظل تعانى الألم والحزن والكآبة وتضفى على بيتها جوًا غريبًا مشبعًا بالكراهية والغضب والرغبة فى الانتقام، ولا تتنفس الصعداء إلا إذا تحقق لها ما تريد، ولا يهمها أن يلقى بابنها فى السجن أو أن يعيش معرضا للثأر، وإنما الذى يهمها أنها نفذت العرف وطبقت التقاليد.
ب- وعن مواصفات تلك المرأة التى تحرض على الثأر أكدت نتائج الدراسة الميدانية بأنها امرأة تضحى بما تملك فى سبيل أخذ ثأرها، كما أنها تشعر الرجال بعدم عدالة القانون وتضفى عليهم جوا مشبعا بالكراهية والانتقام من القاتل، كما أنها تتصف بالجهل على الرغم من كونها قد تحتل مكانة اجتماعية متميزة بين أفراد عائلتها، وهذا يدل على أن المرأة بمجتمع الدراسة تلعب دورًا كبيرا فى إشعال فتنة الثأر.
جـ- أثبتت الدراسة الراهنة أن المرأة بمجتمع الدراسة على الرغم من القهر الذى يمارس ضدها، إلا أن المدقق يلحظ أنها تحتل مكانة رفيعة داخل عائلتها، فهى الرافد الأساسي لتواصل عادة الثأر، فضلا عن أن ثقافة الثأر نفسها تبدأ وتنتهي عند المرأة الصعيدية، وأكدت نتائج الدراسة أنا تهب حياتها وكل ما تملك من أجل الأخذ بالثأر، هي ترى أن الثأر مرادفًا للرجولة ورمزًا لشرف العائلة والحفاظ على كيانها وهيبتها.
د- أبانت الدراسة أن المرأة مدعمة ومحرضة للثأر، فترى نسبة 54% بأن من يفرط فى ثأره هو عار على عائلته وتطعن فى رجولته وتطالبه بارتداء ملابس النساء، فى حين أن النسبة الباقية وقدرها 46% ترى بأن المرأة تنظر للرجل الذى يرفض أخذ ثأره بأنه ضحى بسمعة وشرف العائلة، كما تتهمه بأن دم القتيل رخيص عنده وليس له قيمة.
6- لا شك فى أن الثأر أصبح يمثل عائقا أمام التنمية، ومن هذا المنطلق حاولت الدراسة الميدانية الإجابة على ذلك التساؤل الذى مؤداه: "ماذا يمثل الثأر بالنسبة للمرأة بمجتمع البحث؟ وما هي الآثار التي يمكن أن تترتب على تحريضها للأخذ بالثأر؟ وما هي متطلباتها حتى يمكن القضاء على هذه الظاهرة؟ "، ولذا توصلت الدراسة الميدانية إلى عدة نتائج هي :
أ- فيما يتصل بماذا يمثل الثأر بالنسبة للمرأة؟، أبانت الدراسة الراهنة أن الثأر بالنسبة للمرأة يمثل استردادًا لكرامتها وشفاءًا لغليلها، كما أنه يمثل قيمة لشرف وكرامة العائلة، فالمدقق للأمور قد يرى أن الثأر يرتبط فى ظاهره بعالم الذكور الذين ينخرطون فى الثأر دون الإناث، لكن الواقع يؤكد أن المرأة ينحصر دورها فى تحميس وتشجيع الرجال للأخذ بالثأر، بل وقيامهن بالعمل على تدعيم ثقافة الثأر.
كما نلحظ أيضًا وكما أكدت مفردات العينة أن المرأة بمجتمع البحث لا تقبل نقاشًا حول الثأر، فشرف العائلة ودم القتيل أهم لديها من عاطفة الأمومة، فهى تتخذ الثأر وسيلة للتفاخر بين العائلات، كما أكدت الدراسة أن المرأة لا تقف عند حد التحريض، بل تحمل السلاح وتأخذ بثأرها كما حدث بالفعل فى الكثير من قرى الصعيد.
ب-وعن الآثار التى يمكن أن تترتب على تحريض المرأة للثأر، أبانت الدراسة الراهنة أن من أهم تلك الآثار ما هو استمرار العداوة وتوارثها عبر الأجيال وإشعال نيران الفتنة باستمرار واستنزاف الموارد المادية والبشرية مما يؤدى إلى ارتفاع معدل الأرامل واليتامى، أيضا أثبتت الدراسة أن من أهم تلك الآثار أن آفة الثأر تجعل هذه المجتمعات سوقا رائجا لتجارة السلاح الذى يرتبط ارتباطا مباشرا بعادة اقتناء السلاح الأمر الذى يضر بمشروعات التنمية والتطوير فى هذه المجتمعات.
جـ-وفيما يتصل بكيفية إيقاف تحريض المرأة أثبتت الدراسة الميدانية أن نسبة كبيرة من عينة البحث بلغت 71.33% رأت بأن السبيل الوحيد لإيقاف تحريض المرأة هو القصاص العادل والعاجل من القاتل، وسرعة الإجراءات والتقاضى، فكلما غاب العدل وكذا عدم البت فى القضايا كلما ضاعت حقوق أهل القتيل الأمر الذى أدى إلى فقدان الثقة فى العدالة وأصبح تفكير أهل القتيل هو الأخذ بالثأر الذى تحرص عليه وتدعمه باستمرار المرأة ، أيضًا أثبتت الدراسة الميدانية أنه من الضروري للحد من تحريض المرأة المستمر للأخذ بالثأر لابد من وجود هيئات أهلية وحكومية ترعى أسرة القتيل وتبصر المرأة بالآثار التى يمكن أن تحدثه تلك الآفة على الفرد والمجتمع.
7-وللإجابة عن تساؤل الدراسة الذى مؤداه: "هل ساهم النظام القبلي السائد بمجتمع الدراسة فى استمرار الثأر والتحريض عليه؟ "، أبانت الدراسة الميدانية ما يلي:
أ-للتعرف على دور نظام القرابة فى استمرار الثأر، أكدت الدراسة الميدانية أن الظروف البيئية والاقتصادية المرتبطة بنظام القرابة السائد بمجتمع البحث أدى إلى استمرار الثأر لأجيال قادمة، هذا ما أكدت عليه غالبية عينة البحث وبنسبة 95.33% من إجمالى العينة.
ب-وفيما يتصل بكيفية تحريض القبيلة للأخذ بالثأر أثبتت الدراسة الميدانية أن هناك مجموعة من الوسائل المباشرة وغير المباشرة التى تتخذها القبيلة لتحريض أفرادها على الأخذ بالثأر، فنجد أن ما يقرب من 51.74% من العينة رأوا بأن التعاون الاقتصادي لشراء السلاح والتماسك وقت الأزمات يدل على أن الثأر هو نظام اجتماعي متماسك له ملامحه الأساسية التى تحكمه وتميزه عن جرائم القتل العادية، كما أبانت الدراسة أيضا أن ما يقرب من 48.26% رأوا بان القبيلة غرست فى أبنائها أن الاعتداء على حياة فرد إنما يعتبر اعتداءًا على الجماعة القرابية التى ينتمي إليها، وبالتالي تعمل القبيلة على إذكاء روح الانتقام لدى أفرادها مما يؤدى إلى استمرار الثأر.
جـ-ولمعرفة من الذى يرتب للثأر داخل القبيلة؟، أبانت الدراسة أن نظام القرابة يجعل كل فرد من أفراد القبيلة ملتزما بكل ما تمليه عليه القبيلة من التزامات وخاصة فيما يتعلق بالثأر، ولذلك فكما ترى عينة الدراسة أن القبيلة تختار بعض الأفراد الذين يعتبرون فى نظر باقي الأفراد الآخرين هم الموجهين والمحركين، وهم الذين يرتبون للأخذ بالثأر، وهم مجلس القبيلة، المرأة، كبار السن، شيخ القبيلة، رؤساء العائلات، كما أوضحت نسبة 11.88% من إجمالى العينة بان للمرأة دورًا كبيرًا فى توجيه وتحريك وكذا الترتيب للثأر، وهذا يدل على أن المرأة تلعب دورا أساسيا فى نظام الثأر، فهى المحرض والمغذى للثأر.
8- وفيما يتعلق بسؤال الدراسة "ما الدور الذى قامت به المنظمات الأهلية والحكومية والقيادات بمجتمع الدراسة للحد من جريمة الثأر؟ وهل لعبت وسائل الإعلام دورًا فى توعية المرأة بخطورة جريمة الثأر؟ ، توصلت الدراسة الميدانية إلى عدة نتائج كما يلي:
أ-فيما يتصل بدور المنظمات الأهلية والحكومية للحد من جريمة الثأر أكدت الدراسة الميدانية أن نسبة كبيرة من عينة البحث بلغت 65.34% من إجمالى العينة قالت بأن المنظمات الأهلية والحكومية لم يكن لها دور بمجتمع الدراسة للحد من جريمة الثأر، فى حين أن نسبة بلغت 34.66% رأت بأن الهيئات الأهلية والحكومية لعبت دورًا كبيرًا للحد من جريمة الثأر تمثل فى عقد جلسات للصلح بين أطراف النزاع، وعقد ندوات للتوعية ضد الأخذ بالثأر، رعاية أسر المجني عليهم بتقديم المعونات والرعاية اللازمة لهم.
ب-أما عن القيادات أبانت الدراسة الميدانية أن نسبة 54% رأت بأن القيادات بمجتمع البحث لعبت دورًا كبيرًا لإيقاف نزيف الدم تمثل فى تكوين لجان للصلح، وتوفير فرص عمل للشباب، وإخماد فتن الثأر، وإقامة العديد من المشروعات، وهذا يدل على أن القيادات الرسمية والشعبية لها الدور الأكبر فى إخماد فتن الثأر والعمل على تغيير المفاهيم الخاطئة ومقاومة ثقافة المجتمع التى تعتبر أن الثأر هو منهاج الحياة، وعلى الجانب الآخر أكدت نسبة 46% من إجمالى العينة أن القيادات لم يكن لها دور للحد من جريمة الثأر لانشغالهم بمصالحهم الشخصية وانتشار العصبيات والقبليات بمجتمع البحث.
جـ- ولتوضيح دور وسائل الإعلام لتوعية المرأة بخطورة تلك الجريمة، أكدت نسبة 90% من إجمالى العينة بأن وسائل الإعلام لم يكن لها دورا فاعلا فى توعية المرأة بخطورة تلك المشكلة، فبعض المواد الإعلانية حرضت المرأة على الأخذ بالثأر، وساهمت فى إثارة الفتن بين العائلات، كما أن الإعلام لم يتعرض لمشكلة الثأر بشكل جيد ولم يراع خصوصية مجتمع الصعيد، وهذا يعنى أن الإعلام فشل –إلى حد كبير- فى المساهمة للحد من تلك الجريمة.
9-ولمعرفة الخطط والبدائل للقضاء على تلك الآفة التى أرقت السلطات الأمنية والسياسية كان تساؤل الدراسة المتمثل فى: ما هي الخطط والبدائل القادرة على مواجهة ظاهرة الأخذ بالثأر بمجتمع البحث؟ ، وتوصلت الدراسة الميدانية إلى النتائج التالية:
أ-فيما يتصل بالدور الذى يجب أن تقوم به الجهات الحكومية للقضاء على الثأر، أبانت الدراسة الميدانية أن أكثر من نصف عينة الدراسة وبنسبة 54.66% رأت بأنه يجب على الجهات الحكومية القضاء على جريمة الثأر بضرورة القصاص العادل والعاجل من القاتل، والاهتمام بأسر المجني عليهم وتوفير حياة كريمة لهم، مع مراعاة اختيار العمد والمشايخ بدقة وعناية، والتزام الحياد والنزاهة أثناء الانتخابات، كما أكدت نسبة 45.34% من العينة أنه يجب عليها أن تهتم بمجتمع الصعيد بإقامة المشروعات لتشغيل الشباب، وإنشاء مراكز للشباب لقضاء أوقات فراغهم، كما أوضحت الدراسة أيضا أنه يجب على الجهات الحكومية أن تضع مجتمع الصعيد فى مقدمة أولوياتها مراعاة لظروفه الجغرافية وضيق واديه وأن تقيم المشروعات العملاقة حتى يمكنها استيعاب الشباب الذى يعدم الحيلة فى كثير من الأحيان.
ب-وعن الدور الذى يجب أن تقوم به القيادات للقضاء على الثأر، أثبتت الدراسة الميدانية أن نسبة كبيرة من عينة البحث بلغت 72.67% قالت بأنه يجب على القيادات أن تغلب مصالح المجتمع على مصالحها الشخصية، وأن تهتم بهموم المواطنين وتسعى لحل مشكلاتهم، كما تبذل قصارى جهدها لإقامة المشروعات لتشغيل الشباب، كما أكدت نسبة 27.33% أنه يجب عليها أن تعمل على وأد الفتن والصراعات القبلية، وأن تقرب وجهات النظر بين أطراف الصراع.
جـ-ولمعرفة الدور الذى يجب أن يقوم به رجال الأمن تجاه تلك المشكلة، أكدت الدراسة الميدانية على أن نسبة 82.67% من إجمالى العينة رأت بأنه يجب على رجال الأمن سرعة إلقاء القبض على مرتكبي الجرائم، والعمل على منع حدوث الجريمة قبل وقوعها، كما يجب عليهم القضاء على تجار السلاح وأوكار الهاربين والمطاريد، ولن يتأتى ذلك إلا باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة، كما أكدت نسبة 17.34% من إجمالى العينة أنه يجب على رجال الأمن أن يتعرفوا على مجتمع الصعيد وأن يتعاملوا بحنكة وحيادية مع بؤر الصراع القبلية.
د- وعن دور شيوخ القبائل بمجتمع الدراسة، أبانت الدراسة الميدانية أن نسبة 37.33% من إجمالى العينة رأت بأنه يجب على شيوخ القبائل تكميم أفواه النساء اللاتي يحرضن على الثأر ويخضن فى أعراض الناس، كما رأت نسبة 62.67% أنه يجب عليهم أن يتركوا القصاص لولى الأمر، والتريث وعدم الاندفاع الأعمى لزيادة برك الدماء، وتوعية الشباب بضرورة احترام مشاعر الخصم، وأن يوجهوا المال الذى ينفق لشراء السلاح لمشروعات يعمل بها الشباب.
هـ-أما الدور الذى يجب أن يقوم به رجال الدين للقضاء على الثأر، أن يتفهموا طبيعة دورهم والأمانة الملقاة على عاقتهم فى ضرورة تبيان معنى الإنسانية وحرمة الدم، وأن يوضحوا كيفية توزيع المواريث حسب الشرع، كما يجب علهم أن يعقدوا جلسات صلح بين أطراف النزاع.
و-أما الدور المنوط به وسائل الإعلام فكما أكدت نسبة 55.33% من إجمالى العينة بأنه يجب عليها أن تقوم بمخاطبة المرأة وتوعيتها بالآثار السيئة للثأر، وعدم تقديم مواد إعلامية تثير وتشعل الثأر هذا ما أكدت عليه 28% من إجمالى العينة، كما ترى نسبة 16.67% أنه يجب عليها أن تراعى خصوصية مجتمع الصعيد وأن تحترم عاداته وتقاليده، وعدم الاستخفاف والسخرية من أعرافه وطقوسه.
ز-وللتعرف عن الدور التى تقوم به الجمعيات النسائية للقضاء على الثأر، أكدت نسبة 8.67% من العينة أنه يجب أن تقوم تلك الجمعيات بتحذير المرأة من التحريض المستمر على الأخذ بالثأر، وهذا يتأتى بعقد الندوات لتصحيح معنى الشرع فى القصاص، وأن تعمل تلك الجمعيات على غرس قيم المحبة والمودة وتوضح لها دورها تجاه المجتمع، كما أوضحت نسبة 19.33% أنه يجب عليها أن توضح للمرأة خطورة تناول أعراض الناس وبقدحهم مما ليس فيهم حفاظًا على عدم الانزلاق والاندفاع نحو برك الدماء التى يئن منها مجتمع الصعيد.
ثانيا: هدفت الدراسة الراهنة إلى "التعرف على الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة فى صعيد مصر"، وبعد مناقشة تساؤلات الدراسة والإجابة عليها، يمكن التوصل إلى مجموعة من النتائج العامة كما يلي:
1- أثبتت الدراسة الميدانية أن هناك مجموعة من العوامل التى أدت إلى حدوث الثأر واستمراره بمجتمع البحث، منها النزاع على حدود الأرض، الانتخابات، الميراث، الخلاف على ري الأراضي الزراعية، مس السمعة والشرف، لعب الأطفال.
2- أكدت الدراسة الميدانية على أن هناك مجموعة من العوامل التى تشجع الناس بمجتمع الدراسة على الثأر، يأتى فى مقدمتها كما رأت نسبة ضعيفة 34.66% التحريض المستمر من قبل المرأة، يليها المعايرة من قبل العائلات الأخرى بنسبة 26%، انتشار تجارة السلاح بنسبة 84.66%، ضعف الإدارة الحكومية والأمنية، وجود المطاريد والهاربين.
3- أثبتت الدراسة أن المرأة بمجتمع البحث تلعب دور الحارس على استمرار الثأر، فكما أكدت نسبة 92% من العينة بان للمرأة دور فى تدعيم واستمرار الثأر، فهى التى تذكر الشباب والرجال دائما بالثأر، وتعمل على إذكاء روح الحقد والكراهية تجاه القاتل وتحاول باستمرار إشعال الخلافات داخل القبيلة إذا لم يتم لها المراد، كما أنها تتهم بمن يتقاعس عن أخذ ثأره بعدم الرجولة، كما أنها تهدد أهلها وذويها بأنها سوف تأخذ ثأرها بنفسها إذا تقاعس الرجال عن أخذ ثأرهم.
5- أكدت الدراسة الميدانية أن المرأة بمجتمع الدراسة على الرغم من القهر الذى يمارس ضدها، إلا أنها تحتل مكانة رفيعة داخل عائلتها، فهى الرافد الأساسي لتواصل عادة الثأر، فضلا عن أن ثقافة الثأر تبدأ وتنتهي عند المرأة، كما أشارت نتائج الدراسة بان المرأة بمجتمع البحث تهب حياتها وكل ما تملك من أجل الأخذ بالثأر، فهى ترى أن الثأر مرادفا للرجولة ورمزًا لشرف العائلة والحفاظ على كيانها وهيبتها.
6- أبانت الدراسة الميدانية أن الثأر بالنسبة للمرأة يمثل استردادًا لكرامتها، كما أنه قيمة وشرفًا لعائلتها، فهى التى تحمس وتشجع الرجال لأخذ ثأرهم، كما أنها لا تقبل نقاشا حول الثأر، لأن شرف العائلة ودم القتيل أهم لديها من عاطفة الأمومة، فهى تتخذ الثأر وسيلة للتفاخر بين العائلات، كما أكدت الدراسة بان الثأر لدى المرأة لا يقف عند حد التحريض بل يتعدى ذلك فهى التى تحمل السلاح لأخذ الثأر.
7- أثبتت الدراسة وبنسبة 95.33% من إجمالى العينة أن نظام القرابة السائد بمجتمع البحث لعب دورًا فى استمرار الثأر، وأن هناك مجموعة من الوسائل التى تتخذها القبيلة لتحريض أفرادها على الأخذ بالثأر، منها التعاون الاقتصادي لشراء السلاح، إذكاء روح الحقد والانتقام لدى أفرادها، كما أكدت الدراسة أن القبيلة تقوم باختيار بعض الأفراد لتوجيه وترتيب عمليات الثأر واتضح بان للمرأة دورًا كبيرًا فى توجيه وتحريك الثأر وهذا ما أكدت عليه نسبة 11.88% من إجمالى العينة.
8- أكدت الدراسة الميدانية وبنسبة 65.34% على أن المنظمات الأهلية والحكومية لم يكن لها الدور الفاعل للحد من جريمة الثأر، فى حين أن 54% من إجمالى العينة رأت بأن القيادات بمجتمع البحث لعبت دورًا كبيرًا لإيقاف جريمة الثأر، كما أوضحت نسبة 90% من إجمالى العينة بان وسائل الإعلام لم يكن لها دورًا فاعلاً فى توعية المرأة بخطورة تلك المشكلة.
ثالثا : توصيات الدراسة : فى ضوء ما انتهت إليه الدراسة الراهنة "الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة فى صعيد مصر"، من نتائج توصى بمجموعة من الاقتراحات العامة والخاصة، وتتحدد أهم تلك التوصيات فيما يلي:
1- يجب أن تهتم الجهات المسئولة عن التعليم وبخاصة فى مراحله الأولى بوضع برامج دراسية تدعو إلى الحد من التعصب وإنكار تقاليد الثأر البالية وإزالتها وبث روح التسامح واحترام القانون.
2- أوضحت نتائج الدراسة أن أهم أسباب استمرار الثأر بمجتمع البحث عدم فعالية القوانين والبطء فى إجراءات التقاضي، لذا وجب على القائمين على هذا الأمر أن يراعوا تعديل هذه المواد القانونية حفاظًا على حقوق الضعفاء حتى يشعر أهل القتيل أن ولى الأمر سوف يقتص لهم مما يجعلهم يثقون فى القضاء ويفضلون اللجوء إليه.
3- توصى الدراسة بضرورة القصاص العادل من القاتل بتطبيق شرع الله شريطة أن تتم عملية القصاص بأقصى سرعة وبنزاهة مطلقة حتى يشعر أهل القتيل بالرضا ويبتعدون عن شياطين الأنس الذين يحرضونهم على الثأر .
4- يجب على وزارة الداخلية أن تختار من بين رجالها الذين لديهم المقدرة لتفهم خصوصية وعادات وتقاليد مجتمع الصعيد، وأن تكون نظرتهم لتلك المجتمعات نظرة تقدير واحترام كي يكتسب ثقة أهالي هذه المجتمعات ضمانا لتعاونهم من أجل ضبط الجناة والقضاء على أوكار الهاربين والمطاريد وتجار السلاح.
5- من الواضح وكما أكدت نتائج الدراسة أن المرأة بمجتمع الصعيد رغم الضغوط التى تمارس ضدها، إلا أنها هي المحرك والمحرض للثأر بمجتمع البحث، ولذا توصى الدراسة بضرورة وضع المرأة ضمن خطط التنمية والاستفادة بالعنصر النسائي فى تنمية وتطوير المجتمع.
6- ضرورة أن تكون هناك عدة جمعيات أهلية ونسائية تهيمن عليها فتيات ونساء تلك القرى المتعلمات لتوعية المرأة بخطورة جريمة الثأر وآثارها السيئة على الفرد والمجتمع وتوضيح صحيح الدين لها.
7- توصى الدراسة القيادات الشعبية والرسمية بضرورة تكثيف جهودهم للاهتمام بمجتمع الصعيد بإقامة المشروعات التنموية والمصانع لاستغلال طاقات الشباب فيما يفيد، لأن وجود الشباب فى مثل هذه المشروعات يخلق بينهم نوعا من الألفة والتسامح وتجعلهم لا يفكرون إلا فى عملهم، كما توصى بضرورة الدقة وتوخى الحذر عند اختيار العمد والمشايخ، والتزام الحياد والنزاهة أثناء الانتخابات.
9- تفعيل الدور الذى تقوم به لجان الصلح والتحكيم ورجال الدين بمجتمع الدراسة، بحيث يسند هذا الأمر إلى رجال يشهد لهم بالحياد والنزاهة حتى يأخذ الصلح جوا من الرضا والتسامح وحتى لا يشعر الناس بأن جلسات الصلح هي فترة هدوء مؤقت يعقبها القتل والثأر.
10- توصى الدراسة ومن خلال نتائجها أن يكون لوسائل الإعلام دورًا فاعلاً فى توعية الناس ضد أخطار تلك المشكلة وأن تعمل على تقديم برامج توعوية بآثار جريمة الثأر، مع عدم الاستخفاف والاستهانة بعادات وتقاليد مجتمع الصعيد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي   الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 1:05 pm

الهوامش
(1) أحمد أبو زيد : العوامل المشجعة لظاهرة الثأر في الإقليم الجنوبي، أعمال الحلقة الأولى لمكافحة الجريمة، منشورات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1961، ص7.
(2) سورة المائدة آية 27-31.
(3) حسين محمد على: الجريمة في الجمهورية العربية المتحدة، دراسة إحصائية تحليلية، مكتبة الخدمات التعليمية بمصر، القاهرة، 1963، ص9.
(4) أحمد أبو زيد: الثأر دراسة أنثروبولوجية في إحدى قرى الصعيد، دار المعارف، القاهرة، 1965، ص13.
(5) فوزي قابيل همام: الحاجات النفسية المرتبطة بظاهرة الأخذ بالثأر فى الصعيد وعلاقتها بالمستوى التعليمي، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية بقنا، جامعة أسيوط، 1980، ص3.
(6) محمد البابلي: الإجرام في مصر، أسبابه وطرق علاجه، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1971، ص ص 21-23.
(7) أنور حجازي: الندم والقصاص، قصة من واقع الحياة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1983، ص24.
(8) حسن نجيلة: ذكرياتي في البادية، دار الخرطوم للطباعة والنشر، الخرطوم، 1994، ص13.
(9) أحمد أبو زيد: الثأر، دراسة أنثروبولوجية فى إحدى قرى الصعيد، مرجع سابق، ص ص 15-16.
(10) محمد البابلي: مرجع سابق، ص ص 26-27.
(11) سمير عوض: معالم الثأر فى الأدب الشعبي، مجلة الأمن العام، القاهرة، العدد الرابع، 1961، ص39.
(12) حسين محمد على: مرجع سابق، ص322.
(13) لمزيد من التفصيل انظر: أنتونى جيدنز: مقدمة نقدية فى علم الاجتماع، ترجمة أحمد زايد وآخرون، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، جامعة القاهرة، القاهرة، 2002، ص27.
(14) Jeorge, B., Vold and Thomas J. Bernard: Theoretical Criminology, Oxford Univ. Press, Oxford, 1980, P. 54.
(15) محمد عارف: الجريمة فى المجتمع، مكتبة الأنجلو المصرية، ط2، القاهرة، 1981، ص111.
(16) Jan Taylor and Others: The New Criminology For a social theory of Deviance, Harper and Row, Com. New York, 1974, P. 209.
(17) Donald Taft, Criminology: A Cultural Interpretation, The Macmillan Company, N. Y., 1953, P. 134.
(18) Jan Taylor and Others: Op. cit, P. 239.
(19) عبود السراج: علم الإجرام وعلم العقاب، دراسة تحليلية فى أسباب الجريمة وعلاج السلوك الإجرامي، ط2، مطبوعات الكويت، الكويت، 1983، ص300.
(20) محمد عارف: مرجع سابق، ص225.
(21) محمود عبد الرشيد بدران، أحمد محمد السيد: الثقافة الثأرية والثقافة المسالمة، مطبوعات مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 2003، ص ص 37-38.
(22) Jan Taylor and Others: Op. cit. P. 96.
(23) عبود السراج: مرجع سابق، ص224.
(24) Welter B. Miller: Lower Class Culture as a Generation Miliev of Gang Deliquency, American Journal of Sociology, N.Y, 1958, P. 30.
(25) محمود عبد الرشيد بدران، أحمد محمد السيد: مرجع سابق، ص56.
(26) فوزي قابيل همام: مرجع سابق، ص ص 46-47.
(27) أحمد أبو زيد: الثأر، دراسة أنثروبولوجية فى إحدى قرى الصعيد، مرجع سابق، ص 72.
(28) فوزي قابيل همام: مرجع سابق، ص48.
(29) أحمد أبو زيد: الثأر، دراسة أنثروبولوجية فى إحدى قرى الصعيد، مرجع سابق ، ص77.
(30) أحمد أبو زيد: الثأر، دراسة أنثروبولوجية فى إحدى قرى الصعيد، مرجع سابق ، ص78.
(31) كمال سعيد صالح: نظام الثأر والعداوة فى مركز دشنا، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، 1959.
(32) محمد عاطف غيث: خطورة مشكلة الثأر فى المجتمع العربي، أعمال الحلقة الأولى لمكافحة الجريمة، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1961.
(33) صفوت الأخرس: تقاليد وإجراءات الأخذ بالثأر فى الإقليم الشمالي، أعمال الحلقة الأولى لمكافحة الجريمة، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1961.
(34) حسين محمد على: مرجع سابق.
(35) محمد عثمان نجاتي: ملامح جريمة القتل العمد، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1970
(36) عباس شاكر: دراسة إحصائية لجريمة القتل العمد، مجلة الأمن العام، العدد 61، السنة الخامسة، أبريل 1963.
(37) محمد الغريب عبد الكريم: ظاهرة الأخذ بالثأر، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، 1981.
(38) Malinoviski: Crime in Sovage Society, Routledge, Vegan, London, 1949.
(39) لويس معلوف: المنجد، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1925.
(40) إبراهيم أنيس وآخرون: المعجم الوسيط، جـ1، مجمع اللغة العربية، دار المعارف، القاهرة، 1972.
(41) William Liettef: "The Shorter Oxford English Dictionary on Historical Principles", Third Edition, Volume II, London, 1959.
(42) Fair Child, H.P.; Dictionary of Sociology, New York, 1944.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأبعاد الاجتماعية الثقافية لظاهرة الثأر لدى المرأة في صعيد مصر دراسة ميدانية بجنوب الوادي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدوافع الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة الهجرة غير الشرعية : دراسة ميدانية لقريتين مصريتين بمحافظة الفيوم /
» الدوافع الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة الهجرة غير الشرعية : دراسة ميدانية لقريتين مصريتين بمحافظة الفيوم /
» الأبعاد الاجتماعية للتحرش الجنسي -فى الحياة اليومية- دراسة ميدانية بمحافظة سوهاج
» المتغيرات الاجتماعية والثقافية لظاهرة الطلاق (دراسة انثروبولوجية في بلدة الطرة)
»  الشباب المصري وتحديات العولمة الثقافية : دراسة ميدانية لمستخدمي الإنترنت /2011.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: