المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
الاجتماعية كتاب اساسيات المرحله التخلف الاجتماعي البحث الشباب التغير في الجوهري موريس الخدمة والاجتماعية العمل الجريمة الالكترونية تنمية الاجتماع الجماعات المجتمع العنف التنمية التلاميذ محمد المجتمعات
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Empty
مُساهمةموضوع: العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال   العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالسبت يناير 05, 2013 4:12 am

العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال
من إعداد الأستاذ : فتال توفيق
متحصل على شهادة الماجستير في علم الاجتماع تخصص علم الجريمة و الانحراف
البريد الالكتروني : toufik.crime@yahoo.fr

تمهيد :
يعتبر موضوع التنشئة الاجتماعية من المواضيع الهامة التي تناولها الباحثون في مجال علم النفس و الاجتماع و الدين، سواء من ناحية المضامين أو الأساليب، و هذا راجع لأهمية هذا الموضوع في إعداد الأجيال القادمة التي ستحافظ على استمرارية وجود المجتمع ماديا و معنويا، حيث تعد التنشئة الاجتماعية بمثابة القناة الرئيسية التي تسمح بمرور مختلف المعايير و القيم داخل المجتمع، فهي الوسيلة التي يحفظ بها النظام الاجتماعي كيانه و دوام استمرار يته.
I. تعريف العنف الرمزي :
يتحدث بيير بورديو عن العنف الرمزي الذي هو عنف غير فيزيائي، يتم أساسا عبر وسائل التربية وتلقين المعرفة والإيديولوجيات، وهو شكل لطيف وغير محسوس من العنف، وهو غير مرئي بالنسبة لضحاياهم أنفسهم. وينتقد بورديو الفكر الماركسي الذي لم يولي اهتماما كبيرا للأشكال المختلفة للعنف الرمزي، مهتما أكثرا بأشكال العنف المادي والاقتصادي. كما أشار بورديو إلى أن العنف الرمزي يمارس تأثيره حتى في المجال الاقتصادي نفسه، كما أنه فعال ويحقق نتائج أكثر من تلك التي يمكن أن يحققها العنف المادي أو البوليسي.هكذا يتبين أن العنف يتخذ شكلين رئيسيين؛ الأول هو العنف المادي و مظاهره المختلفة، والثاني هو العنف الرمزي الذي بين بورديو بعض وسائله ومدى فعاليته في تثبيت دعائم الدولة والسلطة السياسية. من هنا يبدو أنه من المستحيل الحديث عن مجتمعات إنسانية خالية من العنف؛ فهو ظاهرة أكيدة في تاريخ المجتمعات البشرية. ومن الجدير ذكره، أنه بالإمكان تهديم شخص ما من دون أن يلاحظ المحيطون به هذا الأمر، عن طريق الكلمات البريئة ظاهرياً أو الإشارات أو الافتراضات أو مجرد الإبعاد.هذا العنف (الخفي) لكن المتكرر، المزمن وأحياناً اليومي، الذي يصيب نفسية الإنسان ليس جسده بالإرهاق الشديد والألم الذي يعاني منه غالباً بصمت والذي يقوده بالتالي إلى الانكماش والانكفاء نحو الذات، قاتلاً فيه ومقصياً أفضل طاقاته وإبداعاته، مما ينسحب بالتالي إلى طريقة تعامله مع محيطه الصغير أو الكبير، والى عدم التحسب لردود أفعاله التي تتسم غالباً بسمات الطيش والتهور مفضية بالتالي به وبغيره إلى دوامة التطرف والعنف.
فبرأي بيار بورديو، العنف الرمزي هو عنف هادئ، غير مرئي ومقّنع. (لكونه غير معروف بهذه الصفات، فقد نختاره بقدر ما نعانيه). هكذا فهو يميز فرض التراتبيات في المعارف المشروعة، والأذواق الفنية، وأصول اللياقة، الخ. هذا التعريف لا يأخذ إذاً في اعتباره التجربة الذاتية لمعاناة الفرد. ولكن توجد ظواهر سياسية عديدة، كبيرة الأهمية، ترتبط بشكل آخر من العنف الرمزي تسهل ملاحظته، أي الذي ينتج عن إيذاء تقدير الذات أو التمثيليات الجماعية للذات، فيشكل مصدراً لتراجع الهوية. هكذا مثلاً الخطابات المعادية للأجانب والعنصرية، أو أيضاً إظهار ألقاب التفوق التي تعتبر غير مشروعة (الاستعلاء الأرستقراطي عشية الثورة الفرنسية، الوطنية المتعصبة، إيديولوجيات الشعب المختار أو الطبقة الحاكمة).
II. العنف الرمزي الذي تمارسه مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال :
إن مؤسسات التنشئة الاجتماعية هي عبرة عن هياكل قاعدية يقوم المجتمع بإرسالها من أجل جعل فضاء واسع يسمح لديمومة و صيرورة عملية التنشئة الاجتماعية و كذلك من أجل السماح للفرد بأن ينمي استعداداته الفكرية ، وتحقيقها بعد ذلك إلى سلوكيات على أرض الواقع ، وهذا ما يسمح لهم بأن يؤهل للحياة الاجتماعية الخاضعة للقيم و المعايير و العادات و الأعراف السائدة في المجتمع .
و هذا سيتناول بالتفصيل أهم هذه المؤسسات، مع تبيان أهميتها على الفرد خاصة و المجتمع عامة و هي كالآتي: ( الأسرة، المدرسة، جماعة الوفاق، دور العبادة، وسائل الإعلام ).
1. الأسـرة:
إن الأسرة تعد من أهم و أقوى الجماعات الأولية في حياة الفرد، و أكثر تأثيرا في تنشئته، و في سلوكه الاجتماعي، و بناء شخصيته، فالأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، فإذا كانت الأسرة صالحة، فتخيل كم أسرة في مجتمع واحد، و تخيل كيف سيكون حال هذا المجتمع إذا كانت كل أسرة صالحة، فالأسرة هي التي تهذب الطفل و تجعل سلوكه مقبولا، اجتماعيا، و هي التي تغرس في الطفل جل القيم و الاتجاهات التي يرتضيها المجتمع و يتقبلها. "فالأسرة كمؤسسة اجتماعية تقوم أساسا على دعائم فطرية، و هي خاصة من خواص الإنسان الفطرية، مثلها مثل سائر المؤسسات الاجتماعية الأخرى، و لكن الأسرة هي الأكثر ثباتا و استقرارا منها كما عرفت الأسرة على أنها جماعة من الأشخاص يرتبطون برابطة الزواج و الدم، و يعيشون معيشة واحدة، و يتفاعل كل مع الآخر، في حدود أدوار الزوج و الزوجة، الأم، الأب، الأخ، الأخت، و يشكلون ثقافة مشتركة، حيث من مهام الأسرة كمؤسسة اجتماعية فهي تعمل جاهدة على أن تغرس في شخصية طفلها كل المعايير و القيم و الأعراف و اللغة السائدة داخل الأسرة و في المجتمع ككل، لكن الأسرة بوجه الخصوص، لأنها أول محيط اجتماعي يحتك معه الطفل عند ولادته، فالأسرة هي الجماعة الأولى التي يتلقى فيها الطفل الكثير من عادات المجتمع و التقاليد الدينية و الأخلاقية.
فالأسرة إذن هي من المؤسسات التي تكسب طابع التأثير في شخصية الفرد، كنوع العلاقة بين الوالدين، ميولات الوالدين، و رغباتهم نحو نفسهم من ناحية، و نحو أطفالهم من ناحية أخرى، ضف إلى ذلك العلاقة بين الأخوة، المكانة الاجتماعية والطبقية للأسرة، ضف إلى ذلك المستوى الثقافي من للأسرة.
و هنا نلاحظ أن الأسرة، و خاصة الأسرة الجزائرية سواء كانت تقليدية محافظة، أو معاصرة متفتحة، فإنها تعرض كثيرا على تلقين أطفالهم أحسن السلوكيات، و أحسن المعارف، و أحسن المعايير، كل عاداته و تقاليده، سواء كان صحراوي، أو ميزابي، أو قبائلي، حتى يتمكن فيما بعد طفلها من أن تسهل له عملية التكيف و التأقلم مع المجتمع، و مختلف مؤسساته الاجتماعية التي لها دور كبير هي الأخرى، في عملية التنشئة الاجتماعية، فالأسرة هي الأساس المتين للمؤسسات الأخرى التي تعاني بالتنشئة الاجتماعية
أما أن تصبح الأسرة مكان تمارس فيه أشكال مختلفة من العنف ضد الأطفال فهذا ما لا يمكن السكوت عنه و من أنواع العنف الممارس داخل الأسرة نجد العنف الرمزي الذي أصبح بديلا للعنف اللفظي و الجسدي داخل العديد من الأسر نظرا لدرجة الضرر الكبيرة التي يتركها هذا النوع من العنف في نفسية الطفل فغياب الحوار و الحرمان العاطفي و توجيه رموز و دلالات و ايحاات و حركات تدل على العنف و العدوانية من شانها أن تترك اثأرا نفسية عميقة لدى الطفل و التي تعود عليه بعد ذلك بالسلب في مراحل حياته خاصة فيما تعلق بتكوين شخصيته و تنمية قدراته العقلية و العاطفية في ظل جو مفعم بالعنف الرمزي الذي تكون عواقبه أكثر شدة و قسوة من مظاهر العنف الأخرى
2. المدرسة:
المدرسة هي إحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتخصصة والتي أنشأها المجتمع عن قصد، حيث تعمل على تلقين العلم و المعرفة و نقل الثقافة بجذورها الأصلية من جيل إلى جيل، و هي التي تسعى بذلك إلى تحقيق نمو التلميذ عقليا و جسميا وجدانيا واجتماعيا، كما تعمل على تربيته على بعض القيم و المعايير والاتجاهات الاجتماعية، و إعداده بشكل يؤهله لكي يندمج إيجابا في مجتمعه. فالمدرسة تعمل على تكملة العمل الذي بدأته الأسرة في تنشئة الأطفال في حلقة متكاملة المهام و الواجبات، حيث تعتبر ضرورة حتمية في حياة الطفل و هذا لإدماجه في أسرته و بيئته. ضف إلى ذلك أن المدرسة تعمل على توسيع نطاق علاقات الطفل مع أشخاص آخرين منهم المدير، المعلم، زملائه في المدرسة،"فأبرز أثر للمدرسة في مجال التنشئة الاجتماعية هو القضاء على ما يتسم من تمركز حول الذات نتيجة العلاقات الأسرية السابقة، فتجعله المدرسة يهتم بالآخرين و التعامل معهم، و الاهتمام أيضا بالمدرسين، و قانون المدرسة الداخلي و مختلف العادات المعمول بها داخل المدرسة"
فالطفل يذهب إلى المدرسة و لديه شخصية تشكلت في الأسرة، من خلال معايير و قيم و اتجاهات خاصة، ففي المدرسة يصبح في عالم أخر و موقف جديد و في أول اختبار حقيقي البيئة الخارجية عن نطاق الأسرة، فيبدأ بالتعرف على شخصيات متعددة، فيحدث تفاعل اجتماعي داخل المدرسة قائم على الأخذ و العطاء " ومن خلال ذلك يعمل الطفل على توسيع دائرة اتصالاته و أن ينوعها مع مختلف الأطفال ذوي الطبقات الاجتماعية المختلفة"
غير أن المدرسة لها سلطة خاصة و تنظيم خاص بها وفق قانون أساسي، حيث تجعل المدرسة تلك التفاعلات متوقفة على أسس و ضوابط محددة كاحترام قيمه و احترام تفكيره، و جعله هو الأخر أي التلميذ يحترم كل من له صلة مباشرة بالمدرسة، لأن المحيط المدرسي السليم يدفع بالطفل التلميذ إلى القيام بأعمال جبارة من شأنها أن يطور مواهبه الذهنية و الفنية و حتى الرياضية، لأن المدرسة هي محيط للإبداع، و ذلك ببث الرغبة لديه في ذلك، و العكس حينما تصبح المدرسة مكان غير مرغوب فيه " ما يجعل هذه المؤسسة الاجتماعية نقمة على التلميذ بعد أن كانت نعمة، و هذا ما ينجر عنه مشاكل عديدة (كعدم الذهاب إلى المدرسة، الشجار مع الآخرين، التسرب المدرسي، التدخين .... الخ) من المشاكل و لهذا كان لزاما على المدرسة أن ترجع إلى خصائص و المميزات التي تميزها عن باقي المؤسسات الأخرى، و من هذه الخصائص نجد:
• أنها بيئة تربوية مبسطة، حيث ترى المدرسة أنه من واجبها أن تبسط ما في المجتمع للتلميذ حتى يستطيع أن يستوعب الأمور على حالها، و أن يفهمها و يتقبلها حسب عمره و مراحل نموه، من خلال الأسلوب التدريجي و التسلسل المنطقي في كل طور دراسي.
• المدرسة هي بيئة تربوية مطهرة، فتحرص على أن تنقل للجيل الجديد سوى حب الخير، و حب العلم و التعلم، و تنقيه من الفساد.
• تعمل المدرسة على إيجاد نوعا من التقارب بين مختلف التلاميذ من ذوي المستويات الاجتماعية و الثقافية و المختلفة، و تحارب أن تقارب بين أنماط سلوكهم لأجل تحديد وحدة الأفراد، و إكسابهم أساليب التفكير العلمي و تحفيزهم على الأداء و الانجاز و الإتقان في العمل، و هذا بإرشادهم لاختيار المجال التعليمي الذي يرغبون فيه و ما يترتب عليه فيما بعد في توجيه ميول و رغبات التلميذ في حياته المستقبلية.
فالمدرسة إذن هي المؤسسة الاجتماعية التي كان المجتمع على صواب عندما قال بحتمية إقامة مدرسة، و هذا لكي تقابل حاجة من حاجته الأساسية، و هي العمل على تطبيع أفراده تطبيعا اجتماعيا، يجعل منهم أعضاء صالحين، بحيث أصبحت هي الوحيدة القادرة على توفير الفرص الكافية لإكساب تلاميذها الخبرات التعليمية، و أن يكتشفوا ميولاتهم و رغباتهم، و مواهبهم، و أن يستثمرها كل فرد حسب مهنته التي تناسبه في المستقبل، و هذا بتعليمهم الاعتماد عن النفس في سن مبكرة، و لهذا أصبحت المدرسة قوة اجتماعية موجهة تعمل على بناء الشخصية السوية.
و من خلال ما سبق ذكره، نقول بأن المدرسة تعتبر المؤسسة الاجتماعية الثانية بعد الأسرة للقيام بوظيفة التنشئة الاجتماعية للأطفال و الأجيال الشابة، إذ تقوم بإعدادهم من جميع النواحي الروحية و المعرفية و السلوكية و البدنية و الأخلاقية، كل ذلك من أجل تحقق للأفراد اكتساب العضوية في المجتمع، و المساهمة في نشاطات الحياة الاجتماعية المختلفة.
المدرسة في مجتمعنا هي إحدى مؤسسات المجتمع المدني الأساسية التي تنتظم في نسق كلي للمجتمع وفق قواعد محددة، وتخصصت تاريخيا في مجال الممارسة التربوية الثقافية، وتلتقي بذلك في وظيفتها وتتكامل مع الأسرة في مجال التنشئة الاجتماعية الثقافية، وقد نشأت المدرسة في المجتمع البشري الذي عرف تقسيم العمل وتشكل الدولة لتكون رديفا للأسرة في الوقت الذي استحال فيه على الأسرة تلقين النشء مختلف المعارف الثقافية، وهي تؤدي دورها هذا المنوط بها تحت هيمنة الدولة، والطبقة السائدة. فهي إحدى أجهزة الدولة الإيديولوجية في مجال الفعل التربوي
إن النظام التربوي في المجتمعات ذات التفاوت الطبقي كما يرى بورديو يعتبر أحد الآليات الأساسية الفعالة في ترسيخ النمط الاجتماعي السائد في تلك المجتمعات،وهذا يبدو جليا من خلال بنية الفرصة النسبية المتاحة لأبناء الطبقات المختلفة لدخول النظام التعليمي في مراحله المختلفة،هذا من جهة ومن جهة أخرى ثمة مظهر آخر لهذا العنف الممارس القوى السائدة وهو في تنوع المدارس في المجتمع الواحد واختلاف مستوياتها باختلاف أصول الطبقية للتلاميذ الداخلين إليها،فأبناء الطبقات العليا هم الذين يحتلون المدارس ذات النوعية الرفيعة،وعلى ذلك فالتنوع في المدارس واختلاف مستوياتها إنما يعكس صور هذا التفاوت الطبقي ويجسد بشكل واضح أحد أهم مظاهر العنف الثقافي في المجتمعات الحديثة. فعند دراستنا للحقل المدرسي نلاحظ أن فيها تعسفا رمزيا تشرعه القوانين والتقاليد المدرسية التي تشتمل في مكوناتها الظاهرة على عدالة مصدرها تكافؤ الفرص وخضوع الجميع للقانون. وعليه فالسلطة المدرسية تتسلم في واقع الأمر تفويضا من الطبقات المهيمنة لفرض التعسف الثقافي، فعن طريق هذا التفويض يتم تمرير العنف الرمزي بلطف. فلو أخذنا مثالا كاللغة سنجد أن التلميذ الغني يختزن في ذاكرته رصيدا لغويا هائلا بالمقارنة مع التلميذ الفقير. فالأول يستعمل لغة تجريدية وله بروتوكول وإتيكيت عالي المستوى وله اهتمامات ثقافية ومدى اجتماعي واسع من العلاقات ورصيد من السلوكات والخبرات لم تكن متاحة لزميله الفقير، وحين يتقدم الاثنان إلى الامتحانات من الطبيعي أن تكون فرصة الطالب الغني في النجاح وتحصيل القدر الأكبر من العلامات أكثر من فرصة الطالب الفقير. هذا الواقع ينطوي على تعسف ثقافي مشروع يعترف به الجميع دون أن يدركوا ظلمه وفداحته، فليس من العدل أن يخضع التلميذان لامتحان من نفس النوع والمستوى في حين يتمايزان بشدة فيما لديهما من رصيد وفرص للنجاح.
ومن مظاهر العنف الرمزي للمدرسة نجد بعض الأسباب التي يمكن حصرها فيما يلي
A. أسباب متعلقة بالمدرسة
• مكان أو منطقة تواجدها سواء كانت مناطق حضرية أو ريفية
• التسيب داخل المدرسة وغياب المسؤولية من طرف الساهرين عليها
• حجم المدرسة و الاكتظاظ داخل الأقسام
• نوعية الأساتذة المؤطرين فقد بينت العديد من الدراسات في علم الاجتماع و علم النفس أن لنوعية المؤطرين علاقة بكل من التحصيل و السلوك العنيف داخل المدرسة
B. أسباب متعلقة بالمعلم
• شخصية المعلم مسالمة أو عدوانية
• الاهانة و الاحتقار
• التمييز بين المتعلمين
• عدم احترام مشاعر التلاميذ
C. أسباب متعلقة بمضمون التعليم
فنحن دائما مشغولون بتعليم اللغة و التاريخ و البيولوجيات ضف إلى ذلك الحوار و الجدل حول القضايا التقليدية المملة مثل هل نعلم الانجليزية في المرحلة الابتدائية أم الأساسية منشغلون بالسلم الدراسي هل يزداد سنة أخرى ام ينقص و غيرها من الأمور الكلاسيكية الفاقدة للدلالة و المعنى و العلامات
فكل شيء في المدرسة يأخذ شكل الإكراه و الإلزام و الإخضاع و الضغط الرمزي حيث يجب على التلميذ أن يفعل دائما ما يقوله المعلم أو ما يمليه عليه أن يفعله افتح الكتاب أغلقه انظر إلى السبورة قف اجلس لا تتكلم ادخل لا تحرمك راسك الخ
و في هذا الصدد نجد كل من استابليه و بودلوه في كتابهما المشهور المدرسة الرأسمالية في فرنسا يقولون )أن المدرسة في فرنسا ليست سوى آلة برجوازية في خدمة الطبقة البرجوازية الفرنسية(
3. جماعة الرفاق :
هي نوع من المؤسسات الاجتماعية التي لها تأثير كبير في تربية الإنسان و التنبؤ بسلوكه المستقبلي، انطلاقا من كونه (للفرد) كائنا حيا اجتماعيا يميل بفطرته إلى الاجتماع بغيره، و لذلك فإن جماعة الرفاق في أي مجتمع كانت تعد بمثابة جماعة أولية شأنها شأن الأسرة في الغالب، لأنها صغيرة العدد، و تكون عضوية الفرد تبعا لرابطة الجوار، التركيبة العمرية، الميول، و الدور الذي يؤديه الفرد في الجماعة، و من أشكال جماعة الرفاق ما يلي:
• جماعة اللعب و تتكون تلقائيا لغرض اللهو و اللعب و المرح.
• جماعة النادي و تنشأ في وسط رسمي، يشرف عليها الراشدون، و تتيح فرصة النشاط الجسمي و النمو العقلي و التفريغ و التعلم الاجتماعي.
• العصبة و هي جماعة أكثر تعقيدا و لها رموزها الخاصة و المشتركة.
و يظهر تأثير الرفاق في سن ما قبل المدرسة حيث يطٍرأ على سلوك اللعب عند الفل تغير ظاهر يتمثل في الانتقال من اللعب الانعزالي إلى اللعب الاجتماعي، و يلاحظ أن هناك تفضيلا للعب مع الرفاق من مستوى السن عن الكبار" و من جماعات الرفاق، نجد ما تعرف بالجماعة الرسمية، و هنا تجدر الإشارة إلى أماكن العمل حيث يغلب عليها الطابع الرسمي في العادة فيما يخص العلاقات بين العمال، فهي مؤسسات اجتماعية ذات تأثير هام على تربية الإنسان عامة، نظرا لما يترتب على الاحتكاك الحاصل بين الأفراد، حيث أن الشخص يقضي في مقر عمله جزءا ليس باليسير من وقته داخل نفس المؤسسة ما يجعله يكتسب خلاله الكثير من المهارات، و العادات، و الطباع، و مختلف الخبرات، و معنى ذلك أن جماعة الرفاق تمارس مختلف نشاطاتها في المكان الذي يجتمع فيه أفرادها.
كما أن لكل جماعة من جماعات الرفاق ثقافة خاصة بهم، و هي ما يعرف بالثقافة الفرعية، وهي متناسبة مع مستوياتهم العقلية و العمرية، و خبراتهم الشخصية.
و نظرا لأهمية جماعة من جماعات الرفاق في تنشئة الأفراد اجتماعيا نجد أن الدين اهتمّ هو الآخر بدورها الفاعل في التأثير على سلوك الأفراد سواء كان ذلك التأثير سلبيا أم إيجابيا ، و لعل خير دليل على ذلك ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مثل الجليس الصالح و السوء كحامل المسك و نافخ الكير، فحامل المسك إما أن يهديك، و إما أن تبتاع منه، و إما أن تجد منه ريحا طيبة، و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، و إما أن تجد منه ريحا خبيثة "
4. دور العبادة:
تعتبر دور العبادة على اختلاف أنواعها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي لها وزن ثقيل في مجال تنشئة الأفراد تنشئة سوية سليمة، و هذا بتلقينهم كل التعاليم و القيم الدينية و الأخلاقية التي تحت على ضرورة تمسك الطفل بدينه، و كل ما له صلة بالدين الذي ينتمي إليه. حيث لا يمكن القول أن للتنشئة الدينية دخل في ظهور بعض السلوك المنحرفة لدى بعض الأفراد ، بل على العكس من ذلك فإن التنشئة الدينية هي التي تعمل للقضاء على السلوكيات المنحرفة و الإجرامية .
و لهذا تعد التنشئة الدينية: " هي من أكثر التنشأت قوة و تأثيرا على سلوك المنشأ ، و هي أكثر ديمومة و استمرارية عير المراحل العمرية لأنها لا تتوقف عند واحدة منها و لا تقتصر على مكان واحد، بل تشمل جميع المراحل العمرية، و معظم الأماكن التي ينشأ فيها المنشأ، و بذات الوقت هي من أقوى الضوابط الاجتماعية للسلوك الإنساني" حيث تمارس دور العبادة تأثيرها الفعال في الأفراد بانتهاجها أساليب نفسية اجتماعية، كالترغيب و الترهيب، و الدعوة أيضا لنتهاج السلوك السوي، و هذا من أجل الحصول على الثواب و المغفرة و الابتعاد عن كل ما يؤدي إلى السلوك المنحرف، تجنبا للعقاب.
ضف إلى ذلك انتهاج أسلوب الوعظ و الإرشاد، و سرد القصص النبوية، حتى يكون لها قوة مقنعة تجعل الأفراد ملمين كثيرا بهذا النوع من التنشئة الاجتماعية.
دور العبادة التي تساهم في تنشئة الأفراد نجد كل من (المسجد، المدرسة القرآنية، المنزل، الزاوية) لكن القسط الكبير من التنشئة الدينية يتلقاه الفرد في المؤسسة الدينية المقدسة و هي المسجد، فالمسجد لم يكن أبدا مجرد مكان يلتقي فيه الأفراد للصلاة فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من بناء الشخصية السلامية السوسة، لقوله تعالى " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة و آتى الزكاة و لم يخشى إلا الله"
فوظيفة المسجد تساوي في حجم وظائفه، جزء من وظائف المؤسسات الاجتماعية في المجتمع بأكمله " فقد كان للمسجد إلى عهد قريب مكانة عظمى و دور نشط خلاق في صياغة الجماعة الإسلامية على كل المستويات الدينية و الخلقية و الروحية".
إن الذي يقوم بالتنشئة الدينية كالإمام و الداعية، لا يتصرف بشكل حر و طليق في قيامه بعمله، بل يستند إلى مراجع أساسية لا يمكن الاستغناء عنها لأن ربنا عز و جل حثنا على الاقتداء و العمل بهما ألا و هما القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لقد تركت فيكم أمران، إن استعملتموهم فلن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله و سنة نبيه فالقرآن الكريم هو المرجع الأول في التنشئة الدينية لما جاء فيه من آيات بينات تحث الإنسان على العمل الصالح و السوي، و الابتعاد عن كل الموبقات و المحرمات، للحصول على جنة الخلد و رضوان الله تعالى، أما السيرة النبوية فهي المنهج المبسط للدين الإسلامي و القرآن و للمنهج أللتربوي أيضا، وهو العمل بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه و سلم مع آل بيته و أصحابه رضوان الله عليهم جميعا، و هذا بالتطرق إلى حياته صلى الله عليه و سلم، و إتباع كيفية معاملة الناس جميعا.فالهدف الأسمى و الغاية التي يسعى إليها المسجد هو إعداد فرد مسلم متكامل البناء من كل النواحي النفسية الروحية و العقلية و حتى الجسمية، و كذا توطيد العلاقة بينه و بين خالقه تعالى و بنفسه أيضا، و مع الآخرين.
و من خلال هذا نعلم أن للمسجد و مختلف المؤسسات الدينية الأخرى التي لا تقل أهمية عن أهمية المسجد، يلعب دور مؤثر و فعال يتخلص من خلاله الفرد المسلم من كل الاضطرابات التي يعاني منها الإنسان، حيث أن المسجد يعلم الفرد الاقتداء بالسلف الصالح، و كذلك الصبر على البلاء و المعاصي، و عدم تقبل استدراج الشيطان له لإتباع شهواته و نزواته الحيوانية، التي تلقي به في بحر الذنوب و المعاصي ، فلا يتمكن بعد ذلك الخروج.و بالتالي كان لزاما عليه أن يحافظ على حياته و مصالحه و هذا بالحفاظ على دينه و عقله و عرضه و نسله، ' فهي شريعة رب الإنسان من أجل صالح الإنسان".
و هنا نقول أن دور العبادة يعد بمثابة البنيان المرصوص الذي منه تبدأ عملية التنشئة الدينية الصحيحة، و أن وقوع أي خلل أو إهمال لهذه التنشئة من طرف المجتمع، و عدم تقدير أهمية الحياة الاجتماعية، فانه يدفع الأفراد للإقبال على السلوكيات الانحرافة و الإجرامية.فإذا كان الفرد يعاني من فراغ روحي، و غياب تام للوازع الديني فإنه لا يلبث إلا و سلك الطريق المنحرف، و منه فسوف تنحط قيمته و يصبح عالة على أهله خاصة و مجتمعه عامة
" لهذا وجب تشييع القيم الدينية بين جميع الفأت والأعمار، و تنمية الوازع الديني في نفوس الأفراد، و إيقاظ ضمائرهم، السعي وراء إرضاء الله تعالى" و بالتالي هذا كله و أهداف أخرى ستشكل حصنا ذاتيا منيعا من أجل عدم القيام بقتل النفس مهما آلت إليه حالة الأفراد الاجتماعية، الاقتصادية، و حتى النفسية.
5. وسائل الإعلام:
هي مؤسسات اجتماعية تربوية إعلامية هادفة تكون في العادة مرئية، أو مسموعة، أو مكتوبة. و تعتبر هذه الوسائل على اختلاف أنواعها من أهم و أبرز الوسائط التربوية في عصرنا الحاضر، التي تصل الفرد بالعائلة و المجتمع ككل.لأنها أكثر تأثيرا على تربية و ثقافة و وعي الإنسان، حيث تقدم برامج مختلفة و متنوعة من خلال وسائلها المختلفة التي منها ( التلفزيون، الإذاعة، الصحافة المكتوبة، الانترنيت، المسرح، المعارض، المتاحف) و غيرها من الوسائل الأخرى، التي الغاية منها هي مخاطبة جميع الفيآت و الشرائح الاجتماعية، حيث تدخل كل بيت و تصل إلى كل مكان، و في أي وقت أرادت، حيث تمتاز وسائل الإعلام بقدراتها الفائقة على جذب اهتمام الناس من مختلف الأعمار و مختلف الثقافات، و المستويات الاجتماعية، كما تتميز بأن لها تأثيرا قويا على الرأي العام في مختلف الظروف، و لهذا فوجب الاستثمار في هذه الوسائل و الإفادة و الاستفادة منها، و العمل على توسيع نطاق عملها بشتى الطرق و الكيفيات لخدمة أهداف و أغراض التنشئة الاجتماعية بصفة عامة.
و من أهم خصائص وسائل الإعلام التي تبرز أثرها في عملية التنشئة الاجتماعية " أنها غير شخصية، و أنها تعكس جوانب مختلفة و متنوعة من الثقافة، و أن أثرها يزداد تعظما و أهمية في المجتمع الحديث".و لعل أهم وسيلة إعلامية مؤثرة هي التلفزيون لما له من حيوية في الصور المرئية و وضوح الأفلام و البرامج المقدمة من خلاله، حيث أن جل الأعمال التي تبث على التلفزيون تلقى اهتماما واسعا من الجمهور، فهي تستقطب أكبر عدد من المتتبعين في المجتمع، و ربما" استمد التلفزيون هذه الأهمية نظرا لكونه يجمع بين الرؤية و الحركة و الصوت اللون و الجاذبية"
و لا يقف تأثير التلفزيون عند هذا الحد، لأن الأسر الجزائرية دورها أخذ في الانكماش و الاهتمام بتحقيق الرفاهية المادية فقط، حيث خرجت الأمهات إلى جانب الآباء أيضا للعمل، و أصبح الأطفال يستوعبون المعارف و السلوكيات و القيم من وسائل الإعلام، و في مقدمتها التلفزيون، الذي بات يهدد كيان الأسرة، ببعث رياح الانحراف في داخل أفرادها و خاصة الأطفال، مما يؤدي إلى الانسلاخ الثقافي، خاصة في ظل تطور التكنولوجيا، حيث تهاطلت المحطات الفضائية في مجتمعنا بشكل خطير جدا، حيث لا يخلو منزل و لو فوضوي من الهوائيات المقعرة، التي تبث قنوات فضائية تحمل في طياتها ثقافات دخيلة و غريبة عن مجتمعنا الأصيل المحافظ، الذي أصبح لا يفرق بين الأصالة و المعاصرة، حيث تسعى هذه القنوات إلى جلب المشاهدين، و المهووسين بالحياة في أوروبا، و كأنها الجنة بحد ذاتها، و هذا بتفننها في تقديم صور الحس و الجمال و الحياة بكل أنواعها، و في هذا الصدد قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي " سأفتح نوافذي على العالم، شريطة أن لا تقتلعني الرياح من جذوري" و هذا دليل على أنه من الواجب الحفاظ على الأصل، و الابتعاد عن كل ما هو سلبي مشجع للتخلي عن القيم و المعايير السائدة في المجتمع، لأن كل ما هو مقدم من طرف وسائل الإعلام و خاصة الأجنبية ليس قابلا للاستهلاك و المشاهدة و خاصة مشاهد العنف، الغش، الخداع، السرقة فهي سلوكيات تشجع الأفراد على الانحراف. وبالرغم من اجتهاد العاملين في حقل التربية و التوجيه في تقديم النصائح من أجل تفادي الاستهلاك السلبي لوسائل الإعلام، من خلال تأسيس قنوات دينية موازية تعمل على غرس القيم و المبادئ الدينية لدى الناشئين، لتقويم سلوكهم، إلا أن وسائل الإعلام لا تزال تشكل خطرا كبيرا في عملية التنشئة الاجتماعية، و هذا ما خلص إليه الدكتور عبد الغاني مغربي حينما قال " إن وسائل الإعلام (تلفزيون، سينما، مذياع، كتب، جرائد) تساهم في زعزعة النظام الداخلي للعائلة خاصة على مستوى النسق ألقيمي، و هذا مع العلم أن القيم و الرموز التي تبثها هذه الوسائل خاصة التلفزيون و السينما من نتائج دائرة ثقافية أخرى تختلف عن المعادلة الاجتماعية أو البنية التقليدية للمجتمع الجزائري و عن معطياته السوسيو ثقافية" فالإعلام هو سلاح ذو حدين، بقدر ما هو ايجابي، فهو سلبي في نفس الوقت، خاصة إذا تعلق الأمر بكيفية و نوعية، الاستهلاك لهذه الوسائل الإعلامية، فإذا أحسن استخدامه و كيفية التعلم منه و أخذ بكل ما هو ضروري، فإنه يصبح وسيلة فعالة تساعد في إرساء القواعد الخلقية و الدينية للمجتمع و تثبيتها، أما إذا أسيئ استخدامه، فانه يؤدي إلى اكتساب العادات و السلوكيات السيئة، لأن الطفل عادة ما يقوم بتقليد ما يشاهده أو يقرأه سواء كان ذلك من خلال المسلسلات، الكتب، أو المجلات.
"و لهذا فالعنف الزائد والمبالغ فيه المقدم من طرف وسائل الإعلام كلها،لا بد أن تكون له تأثيرات عميقة في سلوك الأطفال،إذ يؤدي إلى ارتكابهم سلوك عدواني في حقهم أو في حق الآخرين"، فلا شك في أن التلفزيون أصبح يلعب دوراً أساسياً ومهماً في حياتنا من خلال المتابعة اليومية لما يبث من خلاله من برامج وأخبار ومشاهدات مرغوب فيها وأخرى غير مرغوب فيها وما لبث وأن أطلق البعض على هذا الجهاز “بالضيف الإجباري” . ومن غير المبالغ فيه أن نقول بأن التلفزيون يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تربيتنا لأولادنا وإعدادهم للمستقبل القادم و على هذا الصعيد أود أن أشير ألي سلسلة من من الآليات التي تثبت أن التلفزيون يمارس نوعاً من “العنف الرمزي” المفسد والمؤذي .وأبرز مظاهر هذا العنف أن التلفزيون يملأ أوقات الناس بالأشياء غير الهامة و غير الضرورية وهو يستهلك زمنهم في قول أشياء تافهة تخفي في الحقيقة بالقدر نفسه الأشياء الثمينة , وبهذا المعني فان التلفزيون يسهم في تدمير الوعي حينما ينشر وعياً زائفاً أو يحجب المعلومات عبر لعبة اسميها “لعبة المنع بواسطة العرض”
فتبدو الأشياء أقل وضوحاً في التلفزيون أثناء عرضها وهنا وجه من وجوه التناقض : أشياء يتم إخفاؤها عن طريق عرضها أو “بواسطة عرض شئ آخر غير ذلك الذي يجب عرضه ” والطريف هنا أن الصورة التي يقدمها التلفزيون ويقوم بتضخيمها ويمنحها صفات درامية وتراجيدية , وإنما يفعل ذلك باستخدام كلمات كبيرة فالكلمات المعتادة لا تثير دهشة أحد وبهذا تهيمن الكلمات علي الصورة فالصورة لاتعني شيئاً دون التفسير للذي يجب أن تتم قراءته
ينطلق بورديو من فكرة أن التلفزيون يشكل راهناً أداة للقمع الرمزي (نظراً للمستوى الثقافي أو المعرفي المتدنِّي للمشاهدين الذين يميلون إلى تصديق ما يعرض عليهم بعامة). وهو يأمل في أن يتحول التلفزيون إلى أداة للديمقراطية المباشرة لو تم رفع المستوى العلمي للمشاهدين وتقوية استقلالية التلفزيون عبر إدراك العوامل التي تعمل على ضرب تلك الاستقلالية. و العوامل غير المرئية التي تُمارَس الرقابة من خلالها تجعل من التلفزيون أداة عظيمة لتثبيت النظام الرمزي ( تواطؤ المتلقِّين والذين يمارسونه). وهكذا يغدو التلفزيون أداة لخلق الحقيقة وللتحكيم الاجتماعي والسياسي، وليس، كما يُدَّعى، أداة لتسجيل الواقع. وهو ليس ملائماً للتعبير عن الفكر أو الرأي؛ إذ يمنح أهمية للتفكير السريع وللغذاء الثقافي السريع المقترن بأفكار مسبقة. وحول هذا الموضوع يقدم بورديو أفكاراً للتحديد وللتحقق منها، بوصفها أموراً معقدة جداً لا يمكن معرفتها إلا من خلال عمل أمبيريقي مهم، ارتكازاً على ملاحظات من الواقع.
خلاصة
نستخلص مما سبق ذكره أن مثلما لمؤسسات التنشئة الاجتماعية أهمية و فائدة تعود على المجتمع بالفائدة، في تكوين أجيال المستقبل، لها أيضا خطورة و سلبيات تعود على المجتمع، إذا لم يحسن استغلال كل موارد التنشئة الاجتماعية بطريقة جيدة، و أيضا لعدم معرفتها بمفهوم التنشئة الاجتماعية العميق، فالرجوع إلى التنشئة الاجتماعية لأي فرد ترفع الغموض عن شخصيته، و عن الكثير من طباعه، و مختلف السلوكات التي يقوم بها، فالتنشئة الاجتماعية هي مرآة الفرد، التي يراها الأشخاص، و بعدها يقومون بالحكم على شخصيتك و خصالك، كما قال المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي في أحد الملتقيات الفكرية الإسلامية في الجزائر " ليس بالضرورة أن تأتي إلي أنت كشخص لتقول لي من أنت و من تكون، لأن لكل فرد منا سبورة (لوحة) خاصة به، تكون معلقة به، فهي التي تنبئنا من أنت و من تكون، و ذلك من خلال تنشئتك و خلقك و شخصيتك".
و هذا ما يدفعنا للقول أن طبيعة التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد من مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية لها علاقة وطيدة بإقدام البعض على ارتكاب السلوكات الإنحرافية و الإجرامية
قائمة المراجع:
د/علي اسعد وطفة: الطاقة التدميرية للعنف السيكولوجي في التربية, مجلة تصدر عن وزارة الثقافة في سوريا,
العدد 534 ,2008
- بيير بورديو و جون كلود باسرون: إعادة الإنتاج- في سبيل نظرية عامة لنسق التعليم- ,ترجمة ماهر تريمش , المنظمة العربية للترجمة, بيروت,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
amostafa
عضو نشيط جدا
عضو  نشيط جدا



التخصص : اجتماع
عدد المساهمات : 30
نقاط : 30
تاريخ التسجيل : 21/02/2012
العمر : 53

العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Empty
مُساهمةموضوع: رد: العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال   العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال Emptyالإثنين أكتوبر 28, 2013 6:53 am

عمل ممتازززز بارك الله لكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العنف الرمزي الممارس من طرف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ضد الأطفال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نظرية العنف الثقافي الرمزي: بين التكذيب والتهويل
» دور مؤسسات المجتمع المدني في التنشئة السياسية
» ملخص بحث بعنوان / تقييم بعض مؤسسات رياض الأطفال في ضوء احتياجات نمو طفل ما قبل المدرس
» رسالة ماجستير ، التغيرات الاجتماعية ودورها فى التنشئة الاجتماعية فى الأسرة المصرية : الثابت والمتحول فى علاقة الذكر بالأنثى 2012
» التنشئة الاجتماعية: Socialization

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: