المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
التلاميذ المجتمعات الجريمة الجماعات المرحله الشباب محمد العنف التغير التنمية الخدمة موريس المجتمع العمل الاجتماعية الالكترونية والاجتماعية الاجتماعي البحث كتاب الاجتماع في تنمية الجوهري اساسيات التخلف
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 لمحات عن العولمة من منظور إسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:27 am


ملخص
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي
د. سعود بن سلمان آل سعود
قسم الثقافة الإسلامية – كلية التربية- جامعة الملك سعود

جسدت العولمة بحضورها الطاغي وقضاياها المتشابكة وسبل البحوث الجارفة التي تناولتها ـ تبشيراً بها، أو نقداً لها ـ مدى الأهمية البالغة للظاهرة العولمية، ومدى تأثيرها في عالمنا المعاصر واهتمامه به.
فإذا كانت الآراء والمواقف والتصورات قد تباينت إلى حد التناقض بشأن العولمة وما يكتنفها من غموض وطوباوية ومزاعم وأكاذيب وتجليات وبشائر بأحلامها المستقبلية.
فإن الضرورة التاريخية والعلمية تستلزم معالجة منهجية للظاهرة لتقويم رؤية متكاملة لا تقتصر على جانب دون آخر، سعياً إلى الظفر بإجابات مقنعة، وحلول جدية، واقتراحات بناءة، وصياغة محكمة لتلك المشكلة المعاصرة.
وذلك من خلال منهج استقرائي تحليلي نقدي يتصدى لتجلية حقيقة العولمة من منظور إسلامي علمي موضوعي في مباحث ثمانية:
المبحث الأول : عالج مشكلة مصطلح العولمة والغموض المحيط به والاضطراب حول مفهومه، وانتهى إلى أنها لا تكشف عن مذهبية جديدة أو نظرية اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.
والثاني : بيَّن القضايا التي أفرزتها العولمة مثل: نظرية نهاية التاريخ فوكاياما وارتباطها بالنظام العالمي الجديد، ونظرية صدام الحضارات لصموئيل هنتجتون ودورها في ترهيب معارضي العولمة.
والثالث : كشف البعد الاقتصادي في الهيمنة العولمية على العالم النامي وتكرس الهوة بين فقراء الجنوب وأغنياء الشمال الأوربي.
والرابع : أبرز البعد السياسي للعولمة في إلغاء سيادة الدولة وإيجاد الدولة الرخوة التي سيناط بها تنفيذ سياسات العولمة ومخططاتها.
والخامس : أوضح الطابع الاستعماري في الفكر العولمي من خلال ما تنطق به الاتفاقات والمواثيق والمنظمات العلمية الكبرى، مثل اتفاقية الجات.
والسادس : أبان مخاطر التذويب الثقافي وفقدان الهوية وتكريس ثقافة أحادية الاتجاه هي رمز لسيطرة الغالب ودحره لثقافته المغلوب ونفيها.
والسابع : بحث دلائل الفلسفة اللادينية والغاية اللاأخلاقية للعولمة من خلال مقررات ومطالب المؤتمرات العالمية العولمية في مجال السكان مثل مؤتمري القاهرة وبكين، وغير ذلك من مظاهر انتشار المفاهيم الانحلالية.
أما الثامن فحدد الموقف الإسلامي من العولمة المتلخص في عدم العداء المطلق للعولمة، بل في إمكانية الإفادة من المجالات المفيدة في العولمة، دون فقد الخصوصية الحضارية أو ذوبان الذات الإسلامية في الأخر، ثم بين ما تفرضه المسؤولية التاريخية على العالم الإسلامي تجاه العولمة.


:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألاّ إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله رحمة للعاملين بشيراً ونذيراً، وأصلى وأسلم على آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد :
فإن قضية من القضايا المعاصرة ربما لم تنل قط مثل ما استحوذت عليه قضية العولمة من حضور طاعٍ، واهتمام حارٍ، وأهمية بالغلة وقد يكون ذلك سبباً كافياً لانشغالنا بمسألة العولمة، لكنه في الحقيقة ليس الوحيد، فهناك دوافع أخر وراء هذا الانشغال منها :
أولاً : الاختلاف الواسع بين الباحثين حول المنظور الذي تراءت لهم العولمة من خلاله: أهي مشكلة حضارية ؟ أم همٌّ من هموم الإنسان المعاصر ؟ أم قضية أيديولوجية ؟ أم ظاهرة من ظواهر المجتمع الحديث ؟ أم توجّه سياسي ؟ أم نظام اقتصادي مؤداه هيمنة سياسية ؟
ثانياً : الغموض الكبير المحيط بالعولمة، والذي خلّف احتمالات غير محددة لنتائج بحوث الدارسين والباحثين في العولمة.
ثالثاً : ظهور اتجاه واضح يضع العولمة في مركب التغريب Westernization الذي يقود عملية استلاب العالم العربي واغترابه عن ثقافته وحضارته، وحشره في قوالب المبادئ، والقيم، والسلوك، ومناهج الفكر، والحياة الغربية.
رابعاً : المشروع الطوباوي الحالم الذي تمثله العولمة بوصفها سلوكاً إمبراطورياً استعمارياً تتبناه الإمبراطوريات العالمية المعاصرة، كما تتبنه الإمبراطوريات القديمة التي نأت بأنفسها عن استهلاك واستنفاذ مواردها في حروب السيطرة والتملك، واستعاضت عن ذلك باختراع وترويج منظومة من الشعارات والمعادلات والدعايات الكفيلة بتحقيق السيطرة للجنس المتفوق، مثلما عرف العالم ما يسمى بـ «السلام الروماني» في العهد الروماني، و«السلام البريطاني» في عهد الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، ومبادئ موزو والأمم المتحدة في عصر الحرب الباردة، والنظام العالمي الجديد New World Order في عصر الهيمنة الجديدة.
خامساً : طبقة الفلاسفة والكُتّاب والمفكرين الذين أفرزتهم العولمة، فرسموا لها الإطار الفكري والنظري والرؤية المستقبلية، الجنس البشري عملاً مشروعاً بل رسالة حضارية.
سادساً : تباين المعالجات التي قدمت لحل مشكلة العولمة تبعاً لاختلاف دائرة اهتمام المعالج وتخصصه، فعالجها السياسي بمنظور السياسة، وعالجها الاقتصادي بعين اقتصادية، أما المختصون بالثقافات والحضارات والأديان، فعالجها كلُّ وفق اختصاصه.
وكل هذه الدوافع وغيرها أوجدت لدينا الحافز على تناول المشكلة برؤية متكاملة لا تقتصر على جانب دون آخر، رجاء الظفر بإجابات مقنعات، وحلول جدّيَّات، واقتراحات بنَّاءات، وصياغة علمية محكمة لواحدة من أهم القضايا المعاصرة.
وقد جاء البحث في ثمانية مباحث عالجت الجانب الاصطلاحي للعولمة والقضايا التي أفرزتها وبيَّنت الأبعاد الاقتصادية والسياسية والثقافية الظاهرة، وكشفت علاقة العولمة بالهيمنة والاحتلال، وأبرزت إشكالية العولمة في التحديات الحضارية المعاصرة، واختُتمت بتجلية موقف الفكر الإسلامي من قضايا العولمة.
والله أسأل أن أكون قد وُفِّقتُ فيما استهدفتُ، وأن يكون في هذا العمل إسهام حقيقي ـ ولو بجهد المُقِلِّ ـ في تنمية الوعي الثقافي لمجتمعنا خاصة ولأمتنا عامة، وفي تحديث بحوثنا العلمية ـ ومواكبتها مستحدثات العصر ومجدات العلوم الإنسانية والاجتماعية والتجريبية.
د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود

المبحث الأول : إشكالية المصطلح

عندما ساد في التسعينات من القرن العشرين مصطلح الـ (Globalization) في الإنجليزية، وفي الفرنسية (Mondialisation) بإزاء أو مرادفة اصطلاح الـ (New World Order).
بدا وكأن اللغة لا تعرف معنى معجمياً لهذه المفردات، فقد أشكلت هذه الألفاظ على دوائر البحث العلمي ومتعاطي الفكر ومنتجي الثقافة.
وظهر ذلك الإشكال بوضوح في مظهرين :
الأول : ترجمة المصطلح إلى العربية، فنُقل بثلاثة ألفاظ ربما يكون تعددها راجعاً إلى موسوعة اللغة العربية، وهي (العولمة، الكونية، الكوكبية).
الثاني : الغموض في تحديد التعريف والمفهوم على نحو غير مألوف في مثل هذه الاصطلاحات المهمة التي شغلت الدنيا بأسرها، مما حدا بـ (روزيناد) أن يصرح بصعوبة وضع تعريف واضح للعولمة، وأنه من المبكر جداً الطموح إلى الحصول على تعريف دقيق يلائم التنوع الضخم في ظواهر العولمة ( ) .
وتتعد دلائل هذا الغموض والاضطراب في تحديد تعريف جامع مانع للعولمة، في كمِّ المحاولات التي تعرض أصحابها للظاهرة في بحوثهم ومقالاتهم، على النحو التالي :
1- يعرف (جون قوملسنون) رئيس مركز أبحاث الاتصالات والثقافة العالمية بجامعة ترنت البريطانية العولمة بأنها: «الحركة الاجتماعية التي ينعكس فيها البعد الزماني والمكاني مما يجعل العولمة صغيراً، وذلك إشارة إلى الاتصالات الاندماجية المعقدة بين المجتمعات والثقافات والمؤسسات والأفراد على النطاق العالمي» ( ) .
2- يركز رولاند روبرآسون في كتابه «ثقافة العولمة على طرق ومراحل الوعي بالعولمة»، وهي خمس: المرحلة الجينية، والمرحلة الأولية، ومرحلة الانطلاق، ومرحلة الصراع والهيمنة، ومرحلة الشك والتأزم ( ) .
3- جعل المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة العولمة واقعاً وليس اختياراً؛ لأن الإنسان يمارسها مرغماً حيث تناول إفطاره من بلد، ويشرب قهوته من بلد آخر، ويستخدم حاسوباً مصًّنفاً في بلد ثالث، بينما سيارته تأتي من بلد رابع( ).
4- رأى فيها (شارك ميون) إطاراً لاقتصادٍ عالمي موحد ( ) .
5- العولمة لدى سمير أمين «محاولة ليبرالية جديد لإنتاج مزيد من الاستقطاب العالمي باتجاه المزيد من الاضطراب والانفجار» ( ) .
6- توماس فريدمان الأمريكي في كتابه «السيارة ليكساس وشجرة الزيتون محاولة لفهم العولمة» يؤكد على جانب رأسمالية السوق الحرة التنافسية في العولمة، والتي يزدهر معها الاقتصاد ( ) .
7- بينما تعوِّل تعريفات أخرى على إبراز معنى إلغاء حدود الدولة القومية بتكثيف العلاقات الاجتماعية والثقافية والتجارية بين أفراد النظام العالمي الجديد ( ) .
ويمكن القول بأن هذه التعريفات تكشف عن أبعاد ثلاثة للعولمة :
البعد الأول : مضمون فلسفي حائر.
البعد الثاني : تيار حركي جائر.
البعد الثالث : تصور مستقبلي ثار.
لكنها لا تصل إلى أبعد من ذلك، إذ لا إنها لا تكشف عن مذهبية جديدة، أو عقيدة تبشيرية، أو حتى نظرية اجتماعية، أو سياسية، أو اقتصادية.
فالعولمة تظل في رأينا مجرد مشروع مولود في منعطف تاريخي يتطلع مهندسوه ومرِّوجوه إلى تحقيق الهيمنة على الآخر، وانتزاع كل ما لديه من قوى ومقاومة، وذلك من خلال آليات ووسائل إذابة وتذويب، ونفي وإبعاد، بعيدة المدى وكذلك منها الآنيّ والعاجل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:28 am

المبحث الثاني : مفرزات العولمة

كان ميلاد النظام العالمي الجديد سواء موازياً أو مرادفاً للعولمة إيذاناً بمخاضٍ جديد أفرز من رحم الثقافة والفكر الغربي نظريتين جديدتين تصبّان في النهر نفسه أو تغذيانه وتمدانه بروافد تنشيطية تذهب به إلى أقصى مرافئه التي يمكن أن يصل إليها على أنقاض نظام العالم القديم.
وقد ظهرت النظريتان مترافقتين لا تفصلهما سوى أشهر معدودة لا يلتفت إليها في عمر الأفكار والطروحات والفلسفات التي تنضج عبر مُددٍ زمنية مديدة، وهما على الترتيب :

أولاً : نظرية نهاية التاريخ :

بشّر بها الباحث الأمريكي الياباني الأصل فوكوياما أحد خبراء مركز البحوث التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في صيف عام 1989م بمقالة في مجلة المصلحة القومية نُشرت بعنوان «نهاية التاريخ؟» وهي مبنية على محاضرة ألقاها في جامعة شيكاغو بمعهد مختص لها بشؤون الديمقراطية وتطبيقاتها.
ثم أعقب ذلك بإصدار كتابه الشهير «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» في عام 1992م.
وقد تناولت الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة هذا الطرح وحوّلته إلى مسألة إنسانية مصيرية، وجعلته موضوعاً لسجال ومطارحات نقدية سياسية ذات أبعاد كونية، وتم من خلال ذلك الربط بين أطروحة فوكوياما وطروحات النظام العالمي الجديد ( ) .
والنظرة التأملية لأطروحة فوكوياما ترصد ملاحظات خمسة :
الأولى : البعد غير الأخلاقي في ذلك الطرح الساعي لإيجاد المبرر لإحكام سيطرة القوى الغنية المتفوقة على الدول الفقيرة ( ) .
وذلك ما جعل أصواتاً أمريكية أخرى تصحيح في وجه أطروحة فوكوياما: لقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أول مجتمع غير أخلاقي في التاريخ الحديث على حد تعبير (بيير هيجي).
الثانية : أن الإنسان الأخير في أطروحة فوكوياما يختلف عن الإنسان المرجو في بشارة الفيلسوف نيتشه بنهاية التاريخ، فإنسان فوكوياما الأخير بربري وفوضوي يتصرف بحيوانية ووحشية صارخة تنمُّ عن عدم الرضى والقناعة بالحقوق المدنية والمساواة والعدالة المتاحة له.
الثالثة : خطأ فاحش وقع فيه فوكوياما نتيجة عدم إلمامه بالنهج الاستقرائي في قراءة التاريخ، وذلك عندما تصور أنه (نتيجة التقارب الجوهري حول مسائل السياسة والدين والعلم، فإن الأيديولوجيات المعاصرة ـ بخاصة الإسلام ـ سوف يطاح بها عاجلاً أم آجلاً؛ لإفساح المجال لليبرالية والديمقراطية الغربية).
فهذه التنبؤة الفوكويامية قد أخفقت في تحقيقها ألفان من سنوات الصراح الحضاري الأممي ضد الإسلام، بدءاً بإمبراطوريتي فارس والروم، ومروراً بالحروب الصليبية، وانتهاء بالاستعمار التقليدي في ثوبه الجديد إبان القرن التاسع عشر، وفي ثوبه المعاصر فيما نراه في واقع حياتنا الآنية.
الرابعة : وترتبط بالملاحظة الثالثة حول تحول العالم صوب الليبرالية الغربية وديمقراطيتها، وهو ما يكذبه واقع رفض الاتحاد الأوربي اندماج تركيا التي ارتدت القبعة الأوربية في عالمه وفي اتحاد دوله وسوقه المشتركة.
الخامسة : أن الانتصار النهائي الذي تحقق ووضع أمريكا قطباً أوحد للعالم، استطاع إبادة الشيوعية وسحق العراق كما يرى فوكوياما، هذا الانتصار جاء فوق جثث ثلاث ( ) :
1- الخصوصية القومية من ثقافة واقتصاد وسياسة لصالح العولمة.
2- التعددية والوطنية لصالح الفردية.
3- القيم الإنسانية لصالح المنفعة.
4- الترابط العضوي الإنساني لصالح الميكنة.

ثانياً : نظرية صدام الحضارات :

وهي فرضية صموئيل هنتجتون أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد ومدير مؤسسة الدراسات الاستراتيجية بها.
وتقوم فرضيته على أن الغرب بحاجة إلى عدو جديد يكون عاملاً على توحيد صفوفه من أجل حتمية الصراع الضروري اللازم لبناء الحضارة الإنسانية التالية، وذلك بعد نجاح الغرب في الإطاحة بالشيوعية أخر أعدائه الحاليين ( ) .
وقد استلهم هنتجتون أطروحته من المستشرق اليهودي ماكسيم رودنسون، أول من شبّه علاقة العالم الإسلامي ـ المسيحي بالصراع الأيديولوجي بين النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي؛ لأن كليهما على طرفي نقيض ( ) .
ذلك التشبيه الذي بنى عليه المستشرق برنار لويس مفهوم العلاقة التصادمية بين الإسلام والغرب، تلك العلاقة التي استخرجها من تاريخ الصراع والهجمات المضادة بينهما لقرابة قرن ونصف من الزمان، وقد أصبحت فيه الولايات المتحدة الأمريكية قائدة العالم الغربي ورمزه في ذلك الصراع ضد الإسلام والمسلمين ( ) .
فتلقف هنتجتون تعبير (الصدام بين حضارتين)، فأسّس عليه أطروحته التي ضمّنها محاضرته في 18 أكتوبر 1992م بعنوان «إصدار الحضارات»، وقد قصر الصدام فيها على الصدام بين العالم الإسلامي والعالم الغربي، ثم توسع ـ جلباً لرداء الموضوعية ـ في مقاله بمجلة (فورين أفريز) صيف عام 1993م، إلى جعل الصدام بين الغرب والآخرين (The West and The Rest).
ثم تعمق أكثر في أطروحته فأصدر كتاباً حمَّله عنوان «صدام الحضارات وصياغة العالم الجديد»، الذي اعتبره هنري كيسنجر أهم كتاب صدر بعد الحرب العالمية الباردة ( ) .
وتبدو ـ لنا ـ العلاقة بين وقع العولمة وواقع صدام الحضارات كالعلاقة قين طرفي الترغيب والترهيب من جهة تحقيق الأهداف المسبقة.
فالعولمة تمثل جانب الترغيب للشعوب التي تسلِّم بمنطق الرؤية الواحدة والحضارة الأمريكية الواحدة السائدة، أما الصدام الحضاري فهو الكمين الأمريكي لمن ينازع في التفرد الحضاري الوحدوي لأمريكا بدعوى امتلاكه للخصوصية الحضارية المكافئة أو البديل الثقافي والفكري والديني الذي عبر بأصحابه مراحل تاريخية عدة قادتهم إلى الريادة الحضارية قرابة ألف من سنوات العالم في عصوره الوسطية والحديثة.
وسيكون لذلك الصدام آليات متنوعة تتأرجح بين توظيف المنظمات الدولية والقوى الإعلامية والنفوذ الاقتصادي، وبين الآلة العسكرية الكفيلة بتحقيق السيطرة النهائية على المقدرات والموارد والحدود الجغرافية.
وبذلك يكون النظام العالمي الجديد قد استعاض عن سندان الشيوعية ومطرقتها، بالعولمة وصدام الحضارات، فلا خيار إلا أحدهما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:29 am

المبحث الثالث : العولمة والبعد الحضاري

لاشك أن الجانب الاقتصادي هو أبرز مجالات العولمة، فقد شكّلت العولمة في جانبها الاقتصادي تياراً هادراً متصاعداً من أجل فتح الأسواق أمام حرية التجارة، وما يرتبط بذلك من إزالة الحواجز أمام تدفق السلع والخدمات والبرمجيات في ظل التكتلات الاقتصادية الكبرى، وبواسطة الشركات العملاقة عابرة القارات، ومن خلال المؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية ... الخ.
وذلك في الوقت الذي تتحول فيه اقتصاديات الدول النامية إلى اقتصاد السوق، وهي اقتصاديات هشة يطلقون عليها (اقتصاديات الفقاعات) أي أن شكلها جميل ولكنها جوفاء، إذ إنها بدون أعمدة اقتصادية قوية، فهي تعاني: تصدعاً في نظم الإنتاج وتدِّنياً في مستوياته، وتراجعاً في معدلات النمو والاستثمار والدخول القومية ومتوسط الدخل الفردي، وتصاعداً في معدلات البطالة والتضخم والأمية ومشكلات الصحة والإسكان والتعليم، وضعفاً في البنى التحتية والأساسية، وتآكلاً في الموارد ( ) .
وهنا يكمن فخ العولمة أو الكذبات العشر كما يسميها جيرالد بوكسبرغر ـ هارالد كليتنا، إذ إن ما تبشِّر به العولمة أو تكذب به على العالمين لن يتحقق منه شيء.
في ظل الهوة السحيقة بين مستوى القوى الاقتصادية للغرب وبين القوة الاقتصادية للدول النامية، بل إن الكارثة المحققة ستقع حتماً في ضوء تقارير الأمم المتحدة عن حال التنمية البشرية في عالم على مستوى الدول والأفراد ( ) :
فحصة الدول الصناعية من الناتج العالمي المتحقق في عام 1993م كان (18) تريليون دولاراً، وكانت حصة الدول النامية (5) تريليونات فقط مع أنها تضم زهاء (80%) من عدد سكان العالم.
وفي تقرير الأمم المتحدة للعام 1998م كان نادي المليارديرات وهم بضع فئات من البشر يملكون ثروة تُقدر بأكثر من تريليون دولار أي ما يعادل الدخل السنور لأفقر (47%) من سكان العالم وعددهم (2.45) مليار نسمة.
فهل يُنتظر لمجتمع العولمة الاقتصادي إلا ما أخبر به ركاردو بتريلا: أن تنضوي تحت لواء منطق الحرب، حيث لا خيار لك إلا أن تقتل أو تُقتل ؟؟ ( ) .



المبحث الرابع : العولمة والبعد السياسي

إذ كانت العولمة في جانبها الاقتصادي تمثل تياراً هادراً يجتاح كل المعوقات أمام فتح الأسواق وحرية التجارة، فإن العولمة في جانبها السياسي تفرض تساؤلات خطيراً مؤداه: هل ستُنهي العولمة دور الدولة القومية بما تتضمنه من السيادة والأمن القومي والمصلحة الوطنية ؟ وهل سيحل محلها شكل آخر من أشكال الحكم ؟
إذ يبدو أن فكرة تلاشي الدولة التي روّج لها الفوضويون كثيراً تُلح بقوة على منظَّري العولمة وإن اختلفت وسائل وأدوات وآليات تنفيذها ومراحلها.
فلم تعد الدولة في عصر العولمة هي الفاعل الوحيد على المسرح السياسي العالمي، ولكن توجد إلى جانبها هيئات متعددة الجنسية، ومنظمات عالمية، وجماعات دولية فاعلة في تقليص السيادة الفعلية للدولة وتقييد حريتها في التصرف( ) .
فليست العولمة إلا مشروعاً سياسياً واعياً لدور الاقتصاد في التأثير على إعادة الهيكلة، وإزالة القيود الجمركية، وتحرير أسعار صرف العملات الوطنية، وإقامة المناطق التجارية الجمركية، وسيولة حركة رأس المال، وفي معاقبة المجتمعات المناوئة بالحرمان من رأس المال وتدفقه في شرايينها ومصارفها ( ) .
ومن أهم سمات هذا المشروع السياسي العولمي هو انحصار الحدود القومية وتهشم الحدود الجغرافية، وانتهاء دور الدولة كوعاء أصغر لتفاعل قوى التطور وتفعيل العلاقة مع العالم، وإيذان ببدء التفاعل المباشر بين الفرد والعالم بتخطي الحدود والقوالب التقليدية، وتحول نحو نمط جديد من التراكيب الاجتماعية والبنيوية والاقتصادية والسياسية في إطار ترابط عالمي عابر للحدود وبمعزل عن القوميات والأعراق والأجناس ( ) .
وفي مواجهة هذه السمات للمشروع العولمي يرى بعض دارسي العولمة أن الدولة تظل خياراً لابد منه أمام المشروع العولمي فهي المؤسسة المحورية الوحيدة القادرة على خلق شروط التحكم الفعال من خلال حقها في التعبير عن أفراد شعبها المرتبطين بها بجوازات سفرهم وتأشيرات الدخول والخروج ومؤهلات العمل والإقامة وتنظيم السكان ( ) .
ويبرِّر أصحاب هذا الاتجاه رؤيتهم لأهمية دور الدولة في المشروع العولمي بالأسباب التالية ( ) :
1- امتلاك الدولة لاثنتين من مقومات الوجود هما: الهوية والشرعية، وهما غير موجودين على صعيد ما فوق الدولة أو الصعيد العالمي.
2- كون الدولة هي الرابط بين النشاط الاقتصادي العالمي والقومي.
3- الدولة هي الكيان الصغير الذي يضفي المشروعية على آليات التحكم فوق القومية.
4- أهمية الدولة في توفير الهياكل الارتكازية والسلع العامة التي تحتاجها الشركات العملاقة بأدنى التكاليف الممكنة.
ونستطيع أن نقول ـ باطمئنان ـ إن لكل فريق من الفريقين بعض الحق فيما ذهب إليه، ويمكننا أن نستخلص من ذلك الخلاف وجهة ثالثة أكثر شمولاً ف النظرة وأوسع استيعاباً لمواضع الاختلاف، ومؤداها :
أن إضعاف الدولة وتذويبها هدف عام للعولمة؛ لأن الدولة القوية المتماسكة يمكن أن تشكل عقبة أمام العولمة التي تعتمد على آليات استعمارية تتجاوز المصالح الوطنية والقومية.
لكن العولمة لا تستهدف القضاء المبرم على الدولة، بل تريد ما يسمى بالدولة الرخوة The Soft State .
فالشركات متعددة الجنسيات بقدر تعاظم وازدياد قوتها، يتعاظم ويزداد احتياجها إلى تواجد الدولة إلى جانبها، ليس فقط من أجل تمويل البنية التحتية الوطنية المكلفة، أو من أجل تشجيع استثماراتها في البحث والتطوير، أو من أجل تمكينها من العقود الوطنية ذات المردود العالي، أو من أجل اعتماد التشريعات المرنة في سوق العمل، بل كذلك من أجل مساعدة الشركات قانونياً وتجارياً ودبلوماسياً وسياسياً في صراع البقاء في السوق العالمي ( ) .
وهذه الدولة الرخوة المنشودة دولة تفكِّك ولا تبني، تقوم بوظيفة «الإجلاء والتسليم» أي سحب يدها من كل ما كانت تضعها عليه من قبل، وتقوم بتسليمه إلى الأجنبي؛ ليقوم بتلك المهمة نيابة عنها، مع القيام بالترويح لهذه المهمة بأنها تحقيق للمصلحة العامة ( ) .
ومن المهام الموكلة إلى الدولة الرخوة تكفيك وتفتيت البنية الداخلية التكاملية لشعبها المرتكزة على الولاءات الأساسية الأولية القائمة على الدين أو الاثنية (السلالة، العرق، الأمة، صور التعبير الثقافي للأقليات)، وبناء قوة تجانس جديدة تتمحور حول الأنماط الاستهلاكية للسلع على النطاق العالمي ( ) .
كذلك يناط بالدولة الرخوة حماية حق الملكية الفكرية، وهو القانون المسنون من أجل احتكار الدول الصناعية أسباب العلم والمعرفة وبحوث التطور وتقنية التقدم، وهي أهم أسلحة التحدي العصري.
وذلك يعني حجب تلك المعرفة وحرمان العالم الفقير من فرص الإنجاز والإبداع وممارسة تجريب عمليات البحث والتطوير وهو ما يعني كذلك تكريس مبدأ عنصرية العلم والتقدم، حيث يبقى العلم والتقدم إنتاجاً خاصاً بالرجل الأبيض، وتبقى التبعية والتخلف والجمود خصيصة للعالم النامي ( ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:29 am

المبحث الخامس : العولمة والهيمنة والاحتلال

ربما لم يَعنَّ لكثيرين التساؤل حول مظاهر العولمة المتمثلة في ازدياد سرعة النقل والمواصلات، واتساع السوق، وزوال الحواجز أمام انتقال السلع والخدمات والأشخاص والمعلومات والأفكار.
ما طبيعة هذه السلع والخدمات والمعلومات والأفكار التي تُبث بهذه السرعة؟
لاشك أن نجاحنا في استخلاص هذا السؤال وفي القدرة على الإجابة عنه ستكون هي ذاتها سبيلاً للإجابة عن تساؤل آخر يلحُّ على الجميع، وهو :
هل العولمة استعمار مُقَنَّع في ثوب عصري ؟
إن المتأمل في طبيعة السلع والخدمات والمعلومات والأفكار المنسابة إلى عالمنا بوسائط عصر العولمة يجدها سلعاً ذات طبيعة وخصائص أفرزتها ثقافة معيَّنة تمس نمطاً حياتنا معيناً دون التزام أخلاقي أو ديني أو اجتماعي أو قانوني يراعي الخصوصية الحضارية والدينية للعالم النامي ( ) .
بل إن هذه الثقافة التي تعبّر عنها تلك السلع لا يحتاج المرء إلى ذكاء شديد أو حتى بلاهة أشد ليدرك أنها الثقافة الغربية في ثوبها المتغطرس والمتعالي ذي الأيديولوجية المتسلطة متسلحة بكل وسائل القهر المادي والسياسي والنفسي والعقلي لتصدير ما هو خاص على أنه إنساني عام ( ) .
إذن فالعولمة أسلوب جديد في الاحتلال الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهو يفرض نفسه بالترغيب في مكاسب العولمة وبالترهيب بواسطة صدام الحضارات، وذلك ما يمكن أن يُستدل عليه من الدلائل القالية :
1- انبثاق العولمة ليس من رسالة عالمية دينية أو إصلاحية دنيوية أو شعور إنساني بتوحد سفينة الحضارة وبحاجة البشرية إلى التكاتف الاجتماعي والتعاون الأممي من أجل خير الإنسان في ظل التقدم العلمي وعالم القرية الاليكترونية.
بل من جانب الحضارة المادية الأوربية ـ الأمريكية ذات التاريخ المشهود والتجارب المشهودة المحفورة في الوعي التاريخي للإنسانية بإبادتها أجناساً بشرية كاملة قبل الهنود الحمر، وتدير مدن ومناطق بأكملها مثل: هيروشيما، ونجازاكي، ومشروعات الإبادة المنظمة والمتدرجة لمسلمي فلسطين، ومسلمي منطقة البلقان.
2- وضوح الطابع الاستعماري للعولمة في اتفاقية (الجات) التي فرضت إزالة الحواجز الجمركية لغرض منتجاتها بأرخص الأسعار لتفجير المنتجات القومية عن المنافسة، في الوقت الذي تضع فيه الحواجز السميكة والقيود الصارمة أمام التبادل المعرفي والإفادة التكنولوجية لقطع الطريق على الدول النامية وإبعادها عن عمليات الاختراع والإبداع لتبقى دوماً في ظل التبعية.
3- المتاجرة بالشعارات لخداع الشعوب وتمرير المخططات ففي الوقت الذي ينادي فيه مروِّجو العولمة بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان ويقومون باسم القانون الدولية بتدمير مقدرات مخالفيهم، يقومون في الوقت نفسه بغض الطرف عن جرائم إسرائيل في إبادة الفلسطينيين وانتهاك جميع الأعراف والقوانين الدولية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:30 am

المبحث السادس : العولمة والبعد الثقافي

إذا كانت العولمة في جانبها الاقتصادي والسياسي باتت تمثل تهديداً لإنسان الدول النامية في وقته، وحريته في اتخاذ قراره، فإن البعد الثقافي للعولمة يمثل تحطيماً للهوية وتذويباً للشخصية وإلغاء للخصوصية القومية والوطنية.
لكن هذا التهديد الذي تمثله العولمة اختلفت الآراء حول طبيعته ومداه وإمكانية التكيف معه، وذلك في أطروحات ثلاثة حول أثر العولمة في ثقافة الشعوب المعولمة، وهي ( ) :
1- ذوبان الهويات الثقافية للمجتمعات المعولمة ببروز ثقافة كونية موحدة.
2- استمرار الخصوصيات الثقافية للمجتمعات وتنوعها، وعدم قدرة العولمة على صهرها.
3- ثقافة العولمة هي ثقافة الغالب وهي ثقافة أحادية الاتجاه تشكل رمزاً لسيطرة الغالب وانتصاره ودحراً لثقافة المغلوب ونفيها.
ويستند أصحاب الأطروحة الأولى إلى رؤية لجنة اليونسكو المكلفة بالإعداد لمؤتمر السياسات الثقافية من أجل التنمية المنعقد في ستكلهوم عام 1998م، والتي قامت على أن «التنميط الثقافي Cultural Unforma» أو «التوحيد الثقافي» Cultural unification سيتم باستغلال ثورة شبكة الاتصالات العالمية، وهيكلها الاقتصادي الإنتاجي المتمثل في شبكات نقل المعلومات والسلع وتحريك رؤوس الأموال ( ) .
وهو ما يؤكد مخاطر الاقتلاع الثقافي، والخوف من فقدان الهوية لدى العديد من الشعوب والأمم والطبقات الاجتماعية المراد تعميق هامشيتها وضياعها ومسخ شخصيتها.
وتعتمد الأطروحة الثانية على عدم نجاح العولمة الثقافية في إزاحة ثقافة دول البلقان وشعوب الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي السباق، بل أن استجابتهم للعولمة لم تكن اندماجاً وإنما مزيد من التشبث بالهوية ( ) .
ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك ويرون أن الخصوصية الثقافية مستجد مكاناً في منظومة الثقافة المعولمة الموحدة، بشرط أن تكون وجهتها مستقبلية مختلفة في جوهرها عن الموروث القديم ( ) .
أما الأطروحة الثالثة فترى في الخطاب الأيديولوجي التبريري والدعائي الذي يجعل من الرأسمالية الليبرالية الغربية تتويجاً لمسيرة التاريخ الإنساني وغايته القصوى، ترى في ذلك هيمنة أحادية الجانب لثقافة الغرب الغالب، وتكريساً للتفاوت بينها وبين ثقافة الشرق الفقير المهزوم أمامها ( ) .
وليس لنا أن نسقط في فخ التصميم والتحديد بالانسياق وراء أطروحة بعينها والانحياز لها كخيار وحيد لبيان أثر العولمة في المجال الثقافي.
فإذا أردنا التماس إجابة شافية موضوعية علمية، فلابد لنا من الاستعانة بمتطلبات المنهجية العلمية، وذلك بسلوك الطريق الاستقرائي؛ لنقف من خلاله على ماهية الثقافة أولاً، ثم على إمكانية وجود ما يمسى بالثقافة الموحدة، ثم العلاقة بين دوائر ومستويات الثقافة والهوية، ومدى مخاطر العولمة الثقافية، وهل بالإمكان أم لا ؟.
ولعل النقاط العشر التي استخلصها الدكتور عايد الجابري تشكل المدخل الملائم لذلك الطريق الاستقرائي، فهو يرى أن ( ) :
1- الثقافة هي المعبِّر الأصيل عن الخصوصية التاريخية لأمة من الأمم وعن نظرتها إلى الكون، والحياة، والموت، والإنسان وقدرته ومهامه وما ينبغي له أن يعمل وما لا ينبغي. ومن هنا فلا توجد ثقافة موحدة، وليس من المحتمل أن توجد في يوم ما.
2- الهوية الثقافية في مدٍّ وجزر دائمين ولا تعرف الثبات، وتتحدد حركتها بموقع الأنا من الآخر في مستويات الهوية الثقافية، فالفرد داخل الجماعة هو الأنا وهي الأخر، وتصبح الجماعة هي الأنا بين جماعات الأمة الواحدة، وتغدو الأمة هي الأنا بين الألم الأخرى.
3- عدم اكتمال الهوية الثقافية إلا إذا كانت مرجعيتها جماع الوطن والأمة والدولة، فكل مسٍّ بأحدهما مسٌّ بالأخر.
4- العولمة أيديولوجية تعكس إرادة الهيمنة على العالم.
5- العولمة (Globalization) نفي للآخر بإحلال الاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي، وقمع له بإقصاء خصوصيته، وهي بخلاف العالمية (Univertsalisma) التي هي انفتاح على الأخر وعلى ثقافته مع الاحتفاظ بالخصوصية والخلاف الأيديولوجي.
6- ثقافة الاختراق تقوم على تكريس الهيمنة والتبعية الحضارية بغرض مكونات الثقافة الجماهيرية في الولايات المتحدة على شعوب العالم لضرب هويتها الثقافية، وتقوم مكونات الثقافة الجماهيرية في أمريكا على بث أوهام ستة: وهم الخيار الشخصي، وهم الفردية، وهم الحياد، وهم الطبيعة البشرية التي لا تتغير، وهم غياب الصراع الاجتماعي.
7- ثقافة الاختراق هي نظام يعمل على إفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى، ودفعها إلى التفتت والتشتت لربط الناس بعالم اللاوطن واللاأمة واللادولة.
8- العولمة تكريس للأنشطار في الهوية الثقافة العربية.
9- تجديد الثقافة لا يكون إلا من داخلها بتحديث معطياتها، والتماس وجوه الفهم والتأويل بما يسمح ربط الحاضر بالمضي في اتجاه المستقبل.
10- الدفاع عن الهوية الثقافية لا يقل عن الحاجة إلى اكتساب أدوات دخول عصر العلم والثقافة وفي مقدمة ذلك العقلانية والديمقراطية.
ويمكننا أن نستكمل بينان الرؤية الاستقرائية بالإشارة إلى أن منطق العولمة ـ وهو الزحف المعمِّم للقيم المادية والرمزية ـ لا يحمل في طياته تحللاً للنظام السياسي والثقافي في دول المصدر (الغرب)؛ لأن دول المصبّ (الجنوب والشرق) لا ينطبق عليها وصف الدولة الوطنية المستقلة؛ نظراً لتبعيتها للغرب تبعية غير مباشرة منذ أن تخلصت من الاحتلال المباشر ( ) .
وفي نهاية تتبعنا الاستقرائي لآثار العولمة في جانبها الثقافي نستطيع أن نحدَّد وجهتنا بأن الضرورة التاريخية تفرض علينا الأخذ بتقنيات العولمة في جوانبها المختلفة ومنها الثقافي، ولكن في ظل استراتيجية 1اتية تحدُّ من نفوذ الهيمنة الثقافية للغرب.
فالسيطرة الثقافية لجانب ما لا تعني بالضرورة سلب الثقافات الأخرى نسقها الداخلي وقدرتها الإبداعية، أو قدرتها على البقاء والاستمرار والصراع والمشاركة مع الآخر.
ولكن كيف السبيل إلى بناء تلك الاستراتيجية الدفاعية؟ أول أركان تلك الاستراتيجية إصلاح أهم مؤسستين تربويتين في عالمنا العربي والإسلامي، وهما( ) :
1- الأسرة: وهي أول وأهم مصانع إنتاج وتكوين الوجدان الثقافي الوطني من خلال شبكة القيم التي يتلقاها الطفل إلى جانب عقيدته وأخلاقه وسلوكه والمبادئ المؤسسة لهوية الجماعة الوطنية.
2- المدرسة، وهي استكمال لعمل المؤسسة الأولى، وتزيد عليها بقدرتها على صقل الفرد، والانتقال بوعيه إلى رحاب الجماعة الوطنية وبناء أسس الثقافة الوطنية.
الركن الثاني في تلك الاستراتيجية إطلاق منظمة الأخلاق والقيم والمعايير الخاصة الكفيلة بتحييد نزعة النفعية والفردية الأنانية والنزوع المادي الغرائزي وهو الجوهر الذي تقوم عليه ثقافة العولمة.
أما ثالث الأركان فهو مواجهة ثقافة الصورة السمعية المبثوثة من خلال ضخ ملايين الصور يومياً تعد المفتاح السحري للنظام الثقافي الجديد باستقبال مئات الملايين من البشر لهان وبقدرتها على تحطيم الحاجز اللغوي، ويتلقى الفرد لها بوصفها مادة استعمالية ذات عائد تكويني أو جمالي مؤثر.
وتكون تلك المواجهة بإطلاق الثقافة الأصيلة المكتوبة التي تؤسس ملكة الفكر والتمحيص والرؤية النقد وتنمي الحصانة اللازمة لحماية الوعي الثقافي من السقوط في إغراء الخداع، وتقف سداً منيعاً أمام انهيار ملكة التحوط، وأمام تحول الوعي إلى مجال مستباح لكل أطياف الاختراق ( ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:31 am

المبحث السابع : العولمة وتحديات الحضارة المعاصرة

ليس هناك أدل على الفلسفة اللادينية والغاية اللاأخلاقية للعولمة من مقررات ومطالب المؤتمرات العالمية العولمية في مجال السكان، مثل مؤتمري القاهرة وبكين ( ) :
فوثيقة مؤتمر المرأة العالمي السابع في بكين قد احتقرت عمل المرأة في بيتها كزوجة وأم، وذلك بوصف هذا العمل بأنه عمل غير مربح Unremunesrted .
وتتبع الوثيقة حملتها في الحديث عن حقوق المرأة الخاصة بحياتها الجنسية والإنجابية وكأنها تعيش منفردة بدون رباط أسري، أو كأن الرباط الأسري لا قيمة له.
ولا تكتفي الوثيقة بذلك بل تتمادى في إظهار الاستغناء عن مؤسسة الأسرة بوصفها محصناً طبيعياً لتنشئة الأطفال في إطار من الألفة والحب والحنان الذي لا يتحقق من خلال أية مؤسسة أخرى.
فتتجنب الوثيقة الإشارة إلى الطفل الذي ولد خارج إطار الزواج والأسرة على أنه طفل غير شرعي كما كان في الماضي، بل يصبح في الوثيقة طفل الحب (Love Baby).
وفي إطار نشر المفاهيم الانحلالية وإشاعة الفوضى الجنسية في العالم حرص مروجو العولمة على تطوير حرب المتاجرة بجسد المرأة في السينما، والمسرح، والأندية، والأفلام الجنسية وشبه الجنسية، والإعلانات، والأغنيات المصورة، التي أصبح جسد المرأة فيها هو حجر الزاوية الذي تتراكم فوقه المشاهد والمعاني وتدور حوله الأحداث.
بل أصبحت هناك عروض مستقلة تتفنن في طمس الشخصية الإنسانية والاجتماعية للمرأة، وتحولها إلى سلعة طبيعية مادية عامة لا خصوصية لها، وتطرحها في سوق المشتريات لمن يقدر على التمويل والشراء والاقتناء، ولأجل تسويق هذه السلعة نشأت صناعات عديدة تكلفت مليارات الدولارات، لتجميل وتزيين تلك السلعة بمستحضرات التجمل والعطور، والأزياء والأخرية ...الخ.
ومن هذه العروض عروض الأزياء وعروض ملكات الجمال ذات الطقوس والمناسبات والهيئات العالمية التي يُدعى لها المحكمون المتخصصون في مقاسات الأجساد، وقد يُسمح للجمهور من المتفجرين بإبداء الرأي في الجسد الذي يعجبه فيفوز بالأغلبية ( ) .
إن التهديد الذي تطرحه العولمة في مجال التحديات المعاصرة كبير وخطير يستشعره بعض أبناء الغرب الذي أدركوا مخاطره على منظمة القيم البروفيسور ليسترثورو أستاذ الاقتصاد في جامعة MIT الأمريكية الشهيرة: إن الجريمة أصحبت نشاطاً اقتصادياً في النظام العالمي الجديد، غذ لا توجد واجبات أو التزامات على المرء، ولكن الوجود فقط لعمليات السوق، وبذلك يصبح هذا النظام قابلاً لكل شيء مجيزاً لآية ممارسة ( ) .
فأصبح المال والرقي الاقتصادي هدفاً صنمياً يٌعيد من دون الله في الفكر العولمي، ولأجل تحقيق هذا الهدف لا يُهم الثمن سواء أكان أشلاء الإنسان الأخر أم أشلاء جثث القيم والأخلاقيات الإنسانية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:31 am

المبحث الثامن : الفكر الإسلامي وقضايا العولمة

إذا كانت المباحث السبعة السابقة قد أخذت على عاتقها مهمة تجلية أبعاد العولمة وبيان حقيقتها وكشف خباياها وأهدافها، والتي يمكن بدون غلو أو مجافاة للمنهجية العلمية أن نخلصها في كون العولمة مشروعاً رأسمالياً استعمارياً هدفه النهائي الهيمنة على الأخر ونفيه أو اختزاله في هيئة مستهلك وسق لمنتجات العولمة.
فإن الضرورة الدينية والعليمة تستوجب علينا بيان موقفنا الإسلامي ومسؤوليتنا التاريخية تجاه العولمة وقضاياها وتجلياتها وآثارها.
وسوف نحمل ذلك في نقطتين :

أولاً : موقفنا الإسلامي من العولمة :

لم يكن الإسلام يوماً ما خصماً للعالمية بمعنى الانفتاح على الآخر، فالعالمية من أخص خصائص رسالة الإسلام لقوله تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ( ) ، وقوله تعالى:  قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ  ( ) وقوله  «وكان النبي يعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة» ( ) .
وهناك فارق بين عالمية الإسلامية المنفتحة على الأخر والمقرة بوجود وعدم مصادرة حقه في الوجود والتدين والأمن، وبين العولمة الاستعمارية التي تقهر الأخر وتحتكر قوته وتحرمه حقه في التدين والحياة الحرة الآمنة، كما عبرت عن ذلك المذكرة التي عُممت على السفارات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية: «عندنا حوالي 50% من ثروات العالم، وفقط 6.3% من سكانه، مهمتنا الحقيقية في الفترة القادمة هي ترتيب نموذج للعلاقات يحافظ على استمرار ذلك التفاوت ... ولكن يكون بعيداً اليوم الذي نضطر فيه للتعامل بمنطق القوة» ( ) .
لكن هذه العولمة النافية للآخر مرفوضة بمنطق خصائص الإسلام وجوهر رسالته التي كفلت له معايير الوجود ومقومات البقاء في خصوصية وعلو وليس في دونية وتحللٍ بفقدان الذات؛ لأنه يمتلك الحقيقة المطلقة القائمة على الوحي الصحيح القادر على إجابة متطلبات الإنسان بتوازن واعتدال وعدالة في التوزيع تشمل الإنسانية جمعاء في كل زمان ومكان.
وإذا كانت فكرة الهيمنة العولمية من قبل الأخر واستلاب الذاب وذوبانها مرفوضة من جانب الإسلام، فإن ذلك لا يقف حائلاً أو مانعاً دون وجود ضرورية تاريخية وعلمية تفرض علينا الإفادة من العولمة والأخذ بتقنياتها وبالمفيد منها في شتى المجالات، ولكن في ظل استراتيجية ذاتية تحد من نفوذ أصحاب العولمة وتحيد هيمنتهم.
وعلينا ألا ننسى أن العالم الإسلامي ذو تجربة رائدة في مجال الانفتاح على الآخر واستيعاب منتجاته المعرفة وغير المعرفية وصهرها في بوتقة الفكر الإسلامي للشكل لبنة جديدة في بنية الحضارة الإسلامية، ثم قيام تلك الحضارة بدورها العالمي في النقل التوصيل إلى الآخر، كما حدث في استقبال منتجات الحضارة اليونانية وتمثلها وإعادة تشكيلها، ثم نقلها إلى الغرب الأوربي.

ثانياً : مسؤوليتنا التاريخية تجاه العولمة :

إذا كنا قد انتهينا من تقرير موقفنا من العولمة أنه ليس موقف الخصومة المطلقة والعداء الموسع والحرب الشاملة عليها؛ لما يفرضه علينا الدين والتاريخ من ضرورة الإفادة من العلوم والمعارف النافعة أياً كان مصدرها دون الخضوع لأيديولوجيتها أو التنازل عن الخصوصية الدينية والحضارية الإسلامية.
وكذلك لأن العالم الإسلامي الآن ممزق مخترق متخلف في كثير من جوانبه مهيمن عليه من قوى العولمة في المجالات العسكرية والاقتصادية والعلمية والسياسية، بما تملكه تلك القوى من مقدرات، وإمكانات، وولاء لقضيتها وحضارتها، وتوحد وراء هذا الولاء يفتقده العالم الإسلامي كثيراً.
فإن مسؤوليتنا التاريخية تجاه العولمة تقتضي مواجهتها بالعودة إلى الذات بكل مقوماتها وثوابتها وقسماتها الحضارية، تحصيناً للأمة، وحماية لها من الذوبان، وتجنيباً لوقوعها في أسر الفكر الذيلي والتبعية الطفيلية، وكي نمكنها من إطلاق قدراتها وطاقاتها لتكون منافساً حضارياً حقيقياً يمتلك قواعد المشروع الحضاري الثابت والقادر على التعايش والمنافسة في السباق الحضاري.
فهذه العودة إلى الذات وبعث المشروع الحضاري الإسلامي هي الخيار الوحيد المطروح أمام العالم الإسلامي لمواجهة التبشير العوملي بحتمية العولمة وأنها قطار الحضارة الوحيد وأنها نهاية التاريخ، وكذلك من أجل إنقاذ البشرية من خطرها الداهم الذي يجتاح الإنسانية ويخدرها بأفيون الشعارات الكاذبة مع مصادرة حقوقها ونقيها إن أمكن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمحات عن العولمة من منظور إسلامي    لمحات عن العولمة من منظور إسلامي  Emptyالأحد أكتوبر 02, 2011 9:32 am

مصادر ومراجع البحث

أولاً: القرآن الكريم.
ثانياً : كتب السنة النبوية :
 صحيح البخاري.
ثالثاً : مراجع أخرى :
1- أحمد ثابت، العولمة والعرب: خيارات اقتصادية مرّة بين التهميش والإقصاء، مجلة الاجتهاد.
2- بول هيرست ـ وجراهام طوبسون، ما العولمة؟، ترجمة: فالح عبد الجبار، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 2001م.
3- توماس ل. فريدمان، السيارة ليكساس وشجرة الزيتون، محاولة لفهم العولمة، ترجمة: ليلى زيدان، مراجعة: فايزة حكيم، الدار الدولية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000م.
4- جلال أمين، العولمة والدولة، مجلة المستقبل الغربي، عدد (228)، لبنان، فبراير 1998م.
5- جيرالد بوكسبرغر ـ هارالد كليمنتا، الكذبات العشر للعولمة، ترجمة: عدنان سليمان، دار الرضا للنشر، دمشق، 1999م.
6- حسن أوريد، الإسلام والغرب والعولمة، منشورات جريدة الزمن، الدار البيضاء، 1999م.
7- رولاند روبرآسون, ثقافة العولمة، إعداد مايك فيدرستون، ترجمه: عبد الوهاب علوب، المجلس الأعلى للثقافة، عام 2000م.
8- سمير أمين، ثقافة العولمة وعولمة الثقافة، دار الفكر المعاصر، القاهرة، 1421هـ ـ 2000م.
9- عبد الحي زلوم، نزر العولمة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1999م.
10- د. عبد الله عثمان القوم؛ د. عبد الرؤوف محمد آدم، العولمة: دراسة تحليلية نقدية، دار الوراق، لندن، 1999م.
11- عبد السلام المسيري، العولمة والعولمة المضادة، سلسلة (كتاب منظور)، تونس، 1999م.
12- العرب والعولمة، بحوث مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية.
13- عمر عبد الكريم، في قضايا العولمة، سنما للنشر، مصر، بدون تاريخ.
14- فيصل جميل سعد، العولمة الجديدة، آلية في تفكيك النظام الجديد: قراءة ديالكتيكية لمفهوم العولمة عند سمير أمين، مجلة الطريق، العدد (2) مارس ـ إبريل، 1996م.
15- كريم أوب حلاوة، الآثار الثقافية للعولمة، مجلة عالم الفكر، عدد 3، مجلد 29، يناير ـ مارس 2001م.
16- مجلة البيان، افتتاحية المجلة، العدد (124)، لندن، ذو الحجة 1418هـ.
17- محسن أحمد الخضيري، العولمة الاجتياحية، مجموعة النيل العربية، القاهرة، 2001م
18- ناهد طلاس العجَّة، العولمة: محاولة في فهمهما وتجسيدها، ترجمة: هشام حداد، دار طلاس، دمشق، 1999م.
19- نايف على عبيد، العولمة: مشاهد وتساؤلات، سلسلة محاضرات، الإمارات العربية المتحدة، 46، إصدار مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، عام 20001م.
20- نعوم تشومسكي، ماذا يريد العم سام؟، ترجمة: عادل المعلم، دار الشروق، مصر، 1419هـ.
21- يحيى اليحياوي، العولمة: آية عولمة ؟، بيروت، 1999م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لمحات عن العولمة من منظور إسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفعيل دور الأسرة فى مواجهة تداعيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من منظور إسلامي /
» التجديد فى فلسفة التربية العربية لمواجهة تحديات العولمة ( رؤية نقدية من منظور مستقبلى )
» العرب وتحديات عصر العولمة في عصر العولمة تتجدد تساؤلات عصر النهضة
»  العولمة والأسرة: تحليل سوسيولوجى [الباب الأول، الفصل الثالث من: الأسرة المصرية وتحديات العولمة، أعمال الندوة السنوية التاسعة لقسم الاجتماع، 7-8 مايو 2002]
» الاسرة من منظور علم الاجتماع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: