ولد إدوارد سعيد في القدس 1 نوفمبر 1935 لعائلة مسيحية. بدأ دراسته في كلية فيكتوريا في الأسكندرية في مصر، ثم سافر سعيد إلى الولايات المتحدة كطالب، وحصل على درجة البكالوريوس من جامعة برنستون عام 1957 م ثم الماجستير عام 1960 والدكتوراه من جامعة هارفارد عام 1964 م.
قضى سعيد معظم حياته الأكاديمية أستاذا في جامعة كولومبيا في نيويورك، لكنه كان يتجول كأستاذ زائر في عدد من كبريات المؤسسات الأكاديمية مثل جامعة يايل وهارفرد وجون هوبكنز. تحدث سعيد العربية والإنجليزية والفرنسية بطلاقة، وألم بالإسبانية والألمانية والإيطالية واللاتينية. إدوارد سعيد هو من أتباع الكنيسة البروتستانتية الإنجيلية.
بالإضافة إلى كونه ناقدًا أدبيًا مرموقًا، فإن اهتماماته السياسية والمعرفية متعددة واسعة تتمحور حول القضية الفلسطينية والدفاع عن شرعية الثقافة والهوّية الفلسطينية، وعن عدالة هذه القضية وحقوق الشعب الفلسطيني. كما تتركز اهتماماته والموضوعات التي يتناولها على العلاقة بين القوة والهيمنة الثقافية الغربية من ناحية، وتشكيل رؤية الناس للعالم وللقضايا من ناحية أخرى. ويوضح إدوارد سعيد هذه المسألة بأمثلة عديدة وبتفاصيل تاريخية في مسألة الصهيونية، وترعرعها في الغرب، ونظرة الغرب إلى العرب والإسلام والمسلمين وثقافات العالم الأخرى. ويشرح إدوارد سعيد كيف أن الإعلام الغربي والخبراء وصنّاع السياسة الغربية والإمبريالية الثقافية الغربية تتضافر كلها لتحقيق مصالح غربية غير عادلة في نهاية المطاف، وذلك عن طريق إيجاد خطاب غربي منحاز ثقافيًا إلى الغرب ومصالحه.
أصدر بحوثا ودراسات ومقالات في حقول أخرى تنوعت من الأدب الإنجليزي، وهو اختصاصه الأكاديمي، إلى الموسيقى وشؤون ثقافية مختلفة.
ومن كتبه: الاستشراق عام 1978 م، ثم مسألة فلسطين عام 1979 م، وبعد السماء الأخيرة عام 1986 م، وكلاهما عن الصراع العربي الإسرائيلي، ثم متتاليات موسيقية عام 1991، والثقافة والإمبريالية عام 1993 والذي يعتبر تكملة لكتابه الاستشراق، إلى جانب كتب الأدب والمجتمع وتغطية الإسلام ولوم الضحية والسلام والسخط وسياسة التجريد وتمثيلات المثقف و غزة أريحا: سلام أمريكي. بعد معرفته بخبر اصابته بمرض السرطان في 1999 بدأ في كتابة مذكراته باسم خارج المكان (out of place).
يعتبر كتابه الاستشراق من أهم اعماله و يعتبر بداية فرع العلم الذى يعرف بدراسات ما بعد الكولونيالية كان سعيد منتقدا قويا ودائما للحكومة الإسرائيلية والامريكية لما كان يعتبره إساءة وإهانة الدولة اليهودية للفلسطينيين. وكان من اشد المعارضين لاتفاقيات اوسلو وانتقد سعيد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات واعتبر أن اتفاقيات أوسلو كانت صفقة خاسرة للفلسطينيين.
لقد كان دائماً من المؤمنين بالحل المبني على قيام دولة ثنائية القومية.
أسس مع الدكتور الراحل حيدر عبد الشافي والدكتور مصطفى البرغوثي والاستاذ إبراهيم القاق المبادرة الوطنية الفلسطينية كحركة سياسية فلسطينية تهتم بالنهوض بالشخصية الفلسطينية واجبار العالم الاعتراف بالفلسطينيين انهم رجال اعلام وسياسين واداريين قادرين على تحمل مسؤولية قيادة دولتهم الفلسطينية.
توفي في احدي مستشفيات نيويورك 25 سبتمبر 2003عن 67 عاما نتيجة اصابته بمرض اللوكيميا ( سرطان الدم ).
سطور عن إدوارد سعيد نشرت بعد وفاته الموقع غير الرسمي لادوارد سعيد
حدد إدوارد سعيد "الاستشراق" باعتباره ذلك التبادل الحيوي بين مؤلفين أفراد وبين المؤسسات السياسية الواسعة التي شكلتها الإمبراطوريات الكبرى الثلاث: البريطانية والفرنسية والأميركية،التي أنتجت الكتابة الاستشراقية ضمن حدودها الفكرية والتخيليــــة. وهو أراد أن يثبت في كتابه عنه أن الإسلام قد صور جوهرياً تصويراً سيئاً في الغرب (من خلال الاستشراق؟) وهذه السياسات الإمبراطورية المستمرة من نوعٍ ما هي السبب الرئيسي في العلاقة الفاسدة فساداً سرطانياً بين "الشرق" و"الغرب"، لكنْ ما دورُ الاستشراق في ذلك؟ وعندما نسأل عن دور الاستشراق فنحن نعني به بالتحديد التخصص الأكاديمي الكتابي المعروف، أو ما آل إليه وأوشك أن يكتمل عنده ما بين منتصف القرن التاسع عشر، ومنتصف القرن العشرين. وهو التخصص الذي يتخذ من
الفيلولوجيا والتاريخ أساسين للعمل الأكاديمي في تصوير الحياة والثقافة في حضارة المشرق في القديم في الأصل، واستطراداً حتى مشارف العصور الحديثة. ولأن إدوارد سعيد يكرهُ النمذجة على طريقة
ماكس فيبر (
1864-
1920م) لم يلتزم إلا بالتحديد العام: العقلية الاستعمارية، والتبادل الفعال بين الأفراد والمؤسسات السياسية. لكنه قال : إنه مهتم بالدرجة الأولى أو بالجزئيات وبالبحث الميداني في التفاصيل، والتفاصيل الدقيقة. وفي التفاصيل الدقيقة نصل إلى نوعٍ من الاستقراء الناقص يتنوعُ فيه "الاستشراق" بقدر ما يتنوع الأفراد، وتتنوع كتاباتهم. وهنا ندخل في البحث عن الجدلية الحوارية بين الوعي والنصّ والواقع. الواقع –كما يقول سعيد- تمثيل وتصوير، وهكذا فهو شكلٌ من أشكال الوعي؛ يزيد من تعقيداته إعادة تركيبه من خلال نصٍ فيه المسكوت عنه واللا مفكر فيه. بل إنّ النصًّ لدى إحدى مدارس النقد الأدبي قناع. ولذلك هناك سؤالان أو استشكالان على نص
إدوارد سعيد في "الاستشراق": طبيعة "المعرفة" الاستشراقية الأكاديمية، ودور تلك "المعرفة" في سوء علاقة الغرب بالشرق. فبالنسبة للاستشكال الأول يبدو لي أنّ للمعرفة شروطها وإرغاماتها. ولو تحدثنا عن مصادر المعرفة (الاستشراقية) في نطاق الإسلام الكلاسيكي مثلاً لوجدناها تستند إلى المصادر الأصلية التي تكتمل تدريجياً مع التعرف على المخطوطات العربية
وبعد مقدمة الناشر تأتي مقدمة إدوارد سعيد ليطوف بنا في قصة كتابة الكتاب وسأبدأ من الآخر حيث إن إدوارد سعيد تلقى تعليمه في المدارس الأجنبية ومنها كلية فيكتوريا في مصر حينما كانت مستعمرة بريطانية، وقد أشار سعيد في كتابات غير هذه المقدمة عن تجربته في المدارس الأجنبية إلى أنه كان محروماً من تعلم ثقافته ولغته، بل إنه كان يعاقب على استخدام اللغة العربية في المدرسة (وهذا مؤكد من خلال بعض السعوديين الذين درسوا في هذه الكلية) واستمر في دراسته في الجامعات الأمريكية ليدرس الأدب المقارن ويتعمق في اللغة الإنجليزية. ويتحدث إدوارد سعيد عن التعريفات المختلفة للاستشراق يبدأ من التعريف الأكاديمي للشخص الذي يدرّس ويكتبت ويبحث في الشرق في مجالات العلوم الإنسانية أو علم الاجتماع أو التاريخ فهو المستشرق، ويكن هناك تعريفات أخرى للاستشراق تنطلق من نظريات فلسفية غربية كنظرية ميشال فيكو في أكثر من كتاب من كتبه حول العلاقة بين السلطة والقوة والهيمنة. ثم ينتقل إلى تعريف آخر حول النظرة للآخر الشرقي والانطلاق من التفوق الأوروبي. ويربط سعيد بين الاستشراق ومرحلة الاستعمار التي جعلت الشرق موضع السيطرة والحكم وموضع الخاضع الذليل،ويضرب المثل بالأديب الفرنسي الذي يصفه علاقته بامرأة عربية أو شرقية لا تتحدث عن نفسها بل هو الذي يتحدث باسمها. ومن الاستعلاء الغربي تجاه الشرق أنه حين يكتب كاتب إنجليزي عن الديمقراطية أو الحكم الرشيد فهو أمر يصلح للغربيين ولكن لا يصلح للهنود. فهم لا يرقون إلى درجة أن يكون لديهم حكم ديمقراطي. وأوضح سعيد أن من بين أهداف الاستشراق أن الشرق كان يعد مجالاً للعمل فهناك المهمات الكثيرة التي يقوم بها الإنجليز والفرنسيون في مستعمراتهم حتى إنه كان من المعروف أن منصب الحاكم العام في تونس وفي الجزائر لا يصل إليه إلاّ من كان على دراية بالشرق.
وركز إدوارد سعيد على الاستشراق الإنجليزي والفرنسي دون إغفال أهمية الدراسات الاستشراقية في ألمانيا وروسيا وغيرها ولكن لأن انطلاقة الاستشراق في هيئته المعاصرة إنما انطلقت من فرنسا وبريطانيا ثم الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة بعد
الحرب العالمية الثانية.
وانطلق إدوارد سعيد يدرس النصوص المختلفة لما كتبه المستشرقون الإنجليز والفرنسيين والأمريكيين ليستخلص منها كيفية نظرة الغرب إلى العرب والمسلمين. وكيف تم تشويه صورة العربي والمسلم في هذه الكتابات. وأشار إدوارد سعيد في مقدمته إلى العلاقة بين السياسة والعلم وضرب المثال بان البحوث والدراسات والكتابات المختلفة في أمريكا وأوروبا حول روسيا وهي في مرحلة الحرب الباردة مع الغرب ستنطلق في الغالب من أهداف سياسية وتختلف الكتابات وفقاً لخلفية الكاتب ولكن لا شك أن الحكومات الغربية تنفق الأموال الطائلة لتمويل هذه الدراسات. وتناولت المقدمة آثار الاستشراق في وسائل الإعلام واستمرار نشر الصور النمطية السيئة عن العالم الشرق حيث أسهمت في استمرار انتشار أفكار القرن التاسع عشر عن الإسلام والمسلمين. ويبقى أن إدوارد سعيد في مقدمته الرائعة هذه لكتاب الاستشراق (لم تذكر الطبعة ولا الناشر لأن الأوراق ناقصة) لم يذكر اسماً عربياً انتقد الاستشراق، فهل كان إدوارد سعيد يجهل ما يدور في الأوساط الثقافية العربية وبخاصة أنه كان يدرس في مصر في كلية فيكتوريا يوم أن كانت مصر تموج بالنشاط الفكري قبل الثورة (المجيدة) من نشاط في الأزهر وفي الصحافة المصرية في أواخر أيام الملكية. بل إن المرحلة التي درس فيها إدوارد سعيد كان النقاش حاداً حول الاستشراق حين صدر كتاب مصطفى السباعي (السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي) وغيره من الكتب مثل كتابات عباس محمود العقاد (ما يقال عن الإسلام) والمناظرات بين جمال الدين الأفغاني وردوده على رينان وغيره من المفكرين الفرنسيين