باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 53
| موضوع: إدمان الجنس الإلكتروني الثلاثاء أكتوبر 25, 2016 11:52 pm | |
| إدمان الجنس الإلكتروني
محمود عبدالعليم محمد سليمان باحث في علم الاجتماع
إدمان الجنس (Sexual addiction) هو الانخراط في أنشطة لها علاقة بالجنس لوقت طويل، على الرغم من النتائج السلبية مما يؤثر على الاهتمامات الأخرى في الحياة. وقد ذكرت جوديث لانداو (Judith Landau) أن الإدمان الجنسي في الفضاء الإنترنتي يمر بمرحلتين؛ المرحلة الأولى؛ تُسمي مرحلة الاحتضان الأولي للإباحية السايبرية. حيث يبدأ المستخدم بملاحقة المواقع الجنسية والبحث أكثر وأكثر في هذا العالم المثير. أما المرحلة الثانية؛ يبدأ فيها المستخدم التصعيد باتجاه الإدمان الحقيقي، لأن التراكم التدريجي والسري لهذه الممارسات يسمح للإدمان أن يتفاقم، إلا أن وجود العناصر الآتية لدى المدمن، هي التي تحدد وجود مشكلة حقيقية، وتحتاج إلى علاج من قبل متخصصين:
(1) عندما تكون ممارسة النشاطات الجنسية عبر الإنترنت مكلفة ماديًا ويستمر المستخدم في ذلك.
(2) عندما يصل المستخدم لمرحلة الهوس بهذه النشاطات.
(3) عندما تشكل هذه النشاطات حاجزًا بينه وبين الأفراد والشركاء في الحياة الواقعية.
(4) عندما يعرّضون حياتهم المهنية للخطر بسبب ممارسة هذه الأنشطة خلال دوام العمل.
وقد ذهب مارك غريفيث (Mark Griffiths) إلى أن تصفح المواقع الجنسية يؤدي إلى الرغبة في معرفة المزيد عن العلاقات الجنسية المنحرفة، الأمر الذي قد يسبب إدمانًا لدى الشخص على تصفح هذه المواقع الجنسية وابتعاده عن الواقع، وترى ماري آن لايدن (Mary Anne Layden)، أن "المواقع الجنسية هي أخطر مهدد للصحة النفسية نعرفه اليوم"، فبمقارنة هذا النوع بإدمان الكوكايين مثلاً، فإن إدمان الجنس الإلكتروني أخطر، لأنه لا قيود عليه، ولا يمكن التعرف على من يتعاطاه، كما أن أثره لا يمكن أن يمحى من أدمغة المصابين به، إذ تظل المشاهد الجنسية عالقة بمخيلة من شاهدوها، بينما يمكن أن تمحى بصورة نهائية تقريبًا آثار الكوكايين من جسم المدمن بعد مضي بعض الوقت. أما جيفري ساتينوفر (Jeffrey Satinover) يرى إن المشاهد الجنسية، وما يتبعها من استثارة، تستحث الجسم لإفراز أشباه الأفيون الطبيعية، وبذلك يكون أثر مواقع الإنترنت التي تبث هذا المحتوى الجنسي أقوى من أثر مخدر الهيروين.
أما على صعيد الأسرة والعلاقات الزوجية، تُعد المواقع الجنسية من أخطر العوامل التي تؤثر سلبًا على الأسرة حيث تقدم هذه المواقع بدائل لنظام الأسرة عن طريق فكرة الصحبة وما شابهها حيث الإشباع الجنسي والعاطفي. وتؤكد حمودة سليمة أن من أخطر الأمور على الأسرة هو إدمان أحد الزوجين للإنترنت، وافتتانه بمواقع الرذيلة، فهذا الأمر لا يضرب الثقة الزوجية في مقتل وحسب، وإنما يغير طبيعة التفكير والإحساس، ويجعل الرغبة الطبيعية توجد في ظروف خاصة، ولا يعد للمؤثرات العادية بين الزوجين أي قوة تذكر. فخطورة ممارسة الرذيلة عبر الإنترنت ليست كغيرها، فالرجل المفتون بالمواقع الجنسية يزهد في زوجته، وتصبح الرغبة عنده مشفرة، ولا يفكها سوى جو العزلة والسرية والإلكترونية الذي توفره غرف الدردشة، والمواقع المشبوهة. وقد حدت هذه الحالة بالبعض إلى إطلاق لقب "أرامل الإنترنت" على الزوجات اللاتي يعانين من سقوط أزواجهن في مستنقع المواقع الإباحية، ويغيبون عن ممارسة أي دور حقيقي في حياتهن أو حياة الأبناء.
إن تصفح المواقع الجنسية يتسبب في تراجع الثقة في جدوى العلاقة بين الزوجين، والتخلي عن الرغبة في إقامة علاقة زوجية سليمة، والاعتقاد بأن الزواج هو بمنزلة حصار، مع عدم جدوى فكرة تأسيس عائلة وتربية أطفال. ويؤكد نديم منصور أن التعرض للمواد الجنسية يزيد من الظواهر السلبية التي تهدد الحياة الزوجية ومنها، الانفصال والطلاق. وقد ذهبت كيمبرلى يونج Kimberly Young إلى إنه يوجد 7 أعراض يستدل منها على إدمان أحد الزوجين للجنس الإلكتروني؛
(1) استخدام الإنترنت لفترات طويلة وتغير في أنماط النوم والسهر حتى وقت متأخر.
(2) الخصوصية في استخدام الإنترنت والحرص على وضع رقم سري، ومسح سجلات تأريخ المواقع المُستخِدمة.
(3) إهمال الواجبات والأعمال المنزلية.
(4) الكذب والحرص على إخفاء فواتير الإنترنت وبطاقات الائتمان.
(5) تغير في الشخصية والحالة المزاجية والعصبية والشرود.
(6) فقدان الاهتمام بالجنس مع الشريك.
(7) تدهور العلاقة الأسرية والعزلة وتجنب الأحاديث الطويلة مع الشريك.
وقد أوضحت شيرين فؤاد في كتابها (الحب الالكتروني)، أن هناك آثارًا مختلفة تظهر على الزوجة أو الزوج نتيجة إدمان المواقع الجنسية ومن أبرز هذه الآثار؛
أولاً؛ الآثار المادية؛ اضطراب الأكل والنوم، والخلل الوظيفي الجنسي، والألم الجسدي،
ثانيًا؛ الآثار النفسية؛ الاكتئاب، والقلق، وفقد السيطرة الكاملة على الغضب، والعزلة، وذلك نتيجة التشتت بين علاقة الزواج وعلاقات الإنترنت، بجانب ما ذكرنا من الإحساس بالخزي أو الخجل من الذات، والشعور بالخوف من انكشاف الأمر.
ثالثًا؛ الآثار المعنوية؛ هفوات الذاكرة، وصعوبة اتِّخَاذ القرار، والتشتت وتبدل الحال ما بين السعادة والحزن،
وذلك نتيجة ما تمر به علاقة الإنترنت من حالات خلاف، خصام أو فراق تؤثر بصورة سلبية على الشخص وتنعكس على انفعالاته وسلوكياته بالحياة الواقعية، بينما وجود الاِنْسِجام وتبادل المحبة والتقارب بينه وبين شريك الإنترنت يؤثر بصورة إيجابية مبهجة على الشخص مما ينعكس على حالته المعنوية بالحياة الواقعية. | |
|