عد التدخين ظاهرة اجتماعية حديثة و مشكلة من المشكلات الاجتماعية و يعد أيضا من الآفات الاجتماعية فضلا عن كونها عادة تقليدية تعود إلى زمن اكتشاف كريستوف كولومبس للقارة الأمريكية أين وجد قبائل الهنود الحمر يمارسون هذه العادة كمظهر من مظاهر التقليد التي تسود تلك القبيلة، فقد شجع الأوروبيون خاصة الفرنسيون منهم صناعة هذه النكتة الفاسدة و صياغتها في أجمل حلة حتى يبدو مظهرها لائقا تشد جميع من يعشق تناولها و هذا ما هو سائر في واقعنا الاجتماعي. و الواقع أن التدخين هو عبارة عن تبغ و سيجارة يحتوي على أوراق بها العنب اليابس المجفف، و مادة النيكوتين التي كانت تستخدم كمبيد حشري.
و للأسف و نظرا لتفشي ظاهرة التدخين فقد تطورت صناعته بشكل مذهل على ما يعرف اليوم، فأصبح يباع على شكل أنواع يجلب إليه المقبلين على تناولها و أحيانا يشد البعض إلى معرفة أسباب انتشاره بين شريحة الشباب خاصة و أنهم في فترة المراهقة التي تعرف مرحلة النمو العقلي و الجسدي و النفسي، و هذا ما يستدعي دور وظيفة التنشئة التي تتمثل في إشباع الحاجات الفيزيولوجية الأساسية للمراهق لتحقيق نموه السليم. فبدلا من أن ينمو نموا طبيعيا متوازنا فإنه ينمو نموا مختلا بلجوئه إلى آفة التدخين.
إن ما يفسر عجز الإنسان في إقلاعه عن التدخين هو أن التدخين يمثل الوسيلة الناجعة التي تقلل من التوتر و تنسي الإنسان هموم حياته لأنه يرى أثناء التدخين الشعور بالارتياح و تجاوز حالات القلق و الغضب و العصبية التي تعتري سلوكه؛ فبالتدخين يستطيع الإنسان أن يشغل وقته به بعيدا عن المشاكل و الهموم التي تواجه حياته اليومية، علاوة على ذلك فالتدخين يشمل فترة المراهقة مع العلم أن المراهقين يدركون مخاطر تناوله إلا أنهم يتماطلون في ذلك حتى يتعودون على تناول التدخين و تتحول العادة إلى عبادة حتى تشمل فترة الكهولة و الشيخوخة خاصة و أن بعض المتزوجين يواجهون بعض المشاكل العائلية فيلجئون إلى التدخين و بالتالي يكون معبودا من طرف الشخص الذي يتناوله، و تتحول العبادة إلى حالة الإدمان على تناوله حتى يجد صعوبة في التخلص منه و هذا ما يفسر عجز الإنسان في الإقلاع عن التدخين.
كما أن سبب عجز الإنسان في الإقلاع عن التدخين نظرا لوجود جملة من العوامل و بعض الأسباب التي تؤدي إلى عجزه في التخلص عن التدخين، من حيث أنها أسباب موضوعية تتعلق بالبيئة و التي منها مخالطة رفقاء السوء؛ فمخالطة رفقاء السوء معناه الضياع و الضياع طريق مظلم يجهل الإنسان مسالكه بالنسبة للابن الذي لم يتلق رعاية والديه و تربيته لاسيما إذا كانوا ينتمون إلى محيط فاسد لأن البيئة الفاسدة تنجب الفرد الفاسد. و عليه فإن رفقاء السوء سوف يغرون هذا الابن الضائع بتناول التدخين من حيث تقديم المزايا التي يحتويها فيقدم هذا الابن على تناوله من حيث إدراكه لمزاياه من دون علمه لمخاطر تناوله فيتمادى على ذلك مادام أنه أدرك أن تناوله يجلب الفرحة و السرور فيتعود على تناوله و يصبح مدمنا عليه و في نهاية المطاف يجد صعوبة لكي يتخلص و يقلع عنه. فهذا الإهمال من طرف الوالدين يتناقض مع أساليب التنشئة الاجتماعية الصحيحة التي تفرض على الفرد أداء دوره الاجتماعي داخل المجتمع الذي ينتمي إليه حتى يضمن المجتمع تكامله و توازنه و علاج نقائصه في حال اختل أحد أجزائه المتمثل في إهمال الأسرة لتربية أولادها، فضمان و سلامة النسق الاجتماعي يتوقف بدوره على سلامة أحد أجزائه.