جامعة المنصورة
مجلة كلية الآداب
ملحق العدد 33
أغسطس2003
في آليات إفقار الطبقة الوسطى المصريـــة
دكتـور / مهـدى محمد القصـاص
مدرس علم الاجتماع - كليـة الآداب
جامعـة المنصـورة
أولاً:- مقدمة منهجيه
1- فكرة الدراسـة:
كثر الجدل حول الطبقة الوسطى [ فقرها (1) – عوامل إفقارها (2) – ضعفها وهشاشتها (3) – أسلوب حياتها (4) – أزمتها (5) – تآكلها (6) – رحيلها (7) – طموحاتها (8) – أحلامهـا (9) - شكلهـا الجديد (10) … ] وفى ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة أصبح هناك ضرورة إلى مراجعة المحددات التقليدية للطبقات بصفة عامة, وللطبقة الوسطى بصفة خاصة (الموقع من علاقات الإنتاج, الفصل بين العمل اليدوى و الذهنى … الخ )
والملاحظ أن الطبقة الوسطى فى الخمسينيات والستينيات اتسمت بقدر من التجانس والاستقرار النسبى كنتيجة طبيعية لسياسات الدولة ودورها, وهو ما طبعها بطابع شبه نمطى سواء على مستوى وجودها أو وعيها بطبيعة مشكلاتها نتيجة عمل شريحة كبيرة منها فى المؤسسات الحكومية والقطاع العام (11).
وتشير نتائج العديد من البحوث إلى أن الطبقة الوسطى فى مصر أكثر الطبقات تأثراً ومعاناة من التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية منذ السبعينيات من القرن العشرين, سواء من حيث طبيعة ونوعية المشكلات وتضاؤل فرص إشباع الحاجات الأساسية أومن خلال التنازل عن بعض بنود الإنفاق والالتحاق بعمل أخر أو الهجرة إلى الأقطار العربية (12).
وعلى الرغم من ذلك استطاعت هذه الطبقة أن تُعيد إنتاج نفسها بالكاد خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين وهى حقبة تزايدت فيها معاناة الطبقة الوسطى بفعل سياسات الخصخصة, والتكيف الهيكلى مع اقتصاديات السوق والتحولات العالمية غير المسبوقة, وانحسار دور الدولة فى دعم الخدمات الأساسية لجماهير المواطنين, وارتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للأجور بسبب التضخم, وزيادة معدلات البطالة, وتقلص عائد العمل من الناتج المحلى الإجمالى لصالح الأرباح وعائدات التملك (13).
ولا يقتصر الأمر على النواحى المادية فقط بل طرأ تحول فى الرؤى المجتمعية المرتبطة بالتقدير الاجتماعي للمكانة الاجتماعية لأفراد الطبقة الوسطى فى المجتمع (14).
كما أدت السياسات الليبرالية الجديدة إلى تداعى أوضاع الطبقة الوسطى فى الدول المتقدمة إذ تشير نتائج دراسة أجراها معهد درم للسياسات العامة (Drum Major Institute For Public Policy).. عن أوضاع الطبقة الوسطى فى مدينة نيويورك إلى ضعف الطبقة الوسطى وتزايد معدلات القلق لديها نتيجة عدم القدرة على توفير المتطلبات اليومية والاقتصاد فى النفقات, وصعوبة توفير مسكن مناسب أو تأمين صحى لأسرهم, إضافة إلى تدنى كفاءة المدارس الحكومية (15) كما ذهب (Malik)إلى أن السياسات الحكومية فى هونج كونج أدت إلى ما اسماه بأزمة الطبقة الوسطى وترصد الدراسة مؤشرات عديدة لهذه الأزمة منها معدل الدخل والإنفاق (16) كما تعرض دراسة هيئة خبراء التسويق فى المجتمع الروسى
Marketing Agency) (Expert بصورة تفصيلية لأوضاع الطبقة الوسطى فى روسيا فى ظل التغيرات الهيكلية لبنية الحياة الروسية فكراً وسلوكاً مؤكدة بصورة خاصة على تغير أساليب الحياة (Life Styles) لأفراد الطبقة الوسطى فى ضوء الاتجاهات المؤثرة فى طريقه استهلاكها وطبيعة ممتلكاتها وأماكن معيشتها ومدخراتها وأسلوب استثمارها وكيفيه تقضيه وقت فراغها (17)
وتذهب دراسة (Mary C. Daly)إلى أن أعداد كبيرة من الطبقة الوسطى فى المجتمع الأمريكى أخذت فى التلاشى، فقد تناقصت نسبة الطبقة الوسطى من 50.5 % فى عام 1979 إلى 45.4 % فى عام 1989 إلا أن هذا الحراك كان فى الاتجاه الإيجابي بشكل عام (18).
ويشير تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 إلى أن الطبقة الوسطى فى البلدان العربية تتضاءل حجماً بسبب تطورات الفقر وتوزيع الدخل والثروة, وتتراوح تقديرات نسبة الفقر فى مصر مثلا فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى بين 30 % - 40 % (19).
وفى ضوء هذا التناول أمكن رصد نتيجة عامة مفادها أن الدولة تنتهج استراتيجية واضحة المعالم لإضعاف الطبقة الوسطى بالإتباع المنتظم لما يمكن تسميته آليات إفقار الطبقة الوسطى وتتجاهل مثل هذه التحليلات على الأقل متغيرين ذا دلالة فى هذا السياق.
الأول: طبيعة العلاقات الجدلية بين الدولة والطبقة الوسطى والتى يمكن بمقتضاها رصد علاقات التأثير المتبادل والتعرف بصورة خاصة على تأثير الطبقة الوسطى على سياسات الدولة, أو على الأقل رسم الإمكانيات والفرص الراهنة لمثل هذا التأثير دحضاً للرأى السائد بأن, الطبقة الوسطى ربما غير مؤهلة أو لا تمتلك حالياً إمكانيات ممارسة هذا الدور, وكونها غير قادرة أصلاً فى ظل المتغيرات والسياسات الجديدة على إعادة إنتاجها ذاتها لعوامل ذاتية خاصة بتكوينها وبالتالى يتم التحيز ضدها مما يؤدى إلى مزيد من الإفقار لها.
الثانى: نوعية وطبيعة المتغيرات العالمية المعاصرة التى تُفرض على الدول مهما كان توجهها السياسى وكذلك انتهاج سياسات واتخاذ إجراءات تؤثر بطبيعة الحال على هيكل الإنتاج. ومن هنا فالأوضاع الطبقية فى المجتمع ربما تسير فى اتجاه مزيد من الافقار للطبقة الوسطى بصفة خاصة فى المجتمعات النامية.
وتسترشد الدراسة الحالية بمداخل التحليل الطبقى للمواقع الطبقية فى المجتمع التى تناولها "إيريك أولن رايت" (Erik Olin Wright) خاصة المدخل الذى يؤكد على كيفية توزيع الناس على المواقع الطبقية بشكل موضوعي فى ظل عدم التكافؤ المادى فى فرص الحياة والمعايير المادية للمعيشة وضرورة تفهم أوضاع الطبقة الوسطى بدلالة علاقاتها الجدلية بغيرها من الطبقات, وبدلالة علاقات التأثير والتأثر بالسياسات والتشريعات التى تصدر عن الدولة, وفى إطار طبيعة ونوعية التغيرات العالمية المعاصرة وما تفرضه من تحديات على مستوى الحكومات والشعوب (20)
2- هدف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى رصد آليات الافقار التى تُمارس على الشرائح المتباينة من الطبقة الوسطى, فى ضوء توضيح التأثيرات المختلفة للسياسات الجديدة على أوضاع تلك الطبقة فى مصر، وتداعيات هذه السياسات على قدراتها وممارساتها فى المجتمع, وصيغ التكيف أو المقاومة التى تبديها تجاوباً مع هذه السياسات.
3- تساؤلات الدراسة:-
أ) كيف أثرت السياسات الجديدة على أوضاع الطبقة الوسطى فى مصر ؟
ب) ما آليات الإفقار التى تمارس ضد الشرائح المختلفة من الطبقة الوسطى؟
ج) ما أشكال التكيف أو المقاومة التى تصدر عن الطبقة الوسطى تجاوباً مع هذه السياسات ؟
د) ما تداعيات إفقار الطبقة الوسطى فى المجتمع ؟
4 - مصادر جمع البيانات:-
أ) الدراسات السابقة ونتائجها حول الطبقة بصفة عامة والطبقة الوسطى بصفة خاصة.
ب) البيانات الإحصائية الرسمية.
ج) تقارير التنمية البشرية الصادرة عن معهد التخطيط القومى.
د) التقرير العربى الصادر عن جامعة الدول العربية.
هـ) تقارير التنمية الإنسانية العربية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
5- محددات نظرية:- (21)
بداية يوجد عدة قضايا أو إشكاليات نظرية لابد من الوقوف عليها قبل صياغة مفهوم إجرائى للطبقة الوسطى.
أ) يتطلب توافر ثلاثة شروط فى جماعة ما حتى نقول أنها تشكل طبقة, موقف موحد من ملكية وسائل الإنتاج, وعى طبقى متبلور, قدرة على التنظيم السياسى.
ب) يشترط لتبلور الوعى الطبقى وجود تجانس, ولأن الطبقة الوسطى تجمع بين شرائح متباينة فى الفكر والثقافة والوعى السياسى, ربما ينعكس ذلك على الوعى لديها.
ج) تواجه عملية وضع حدود فاصلة بين الطبقات عدة إشكاليات تدور معظمها حول أى المعايير يتم الاستناد إليها, معيار الدخل, أم التعليم, أم المهنة,… الخ أم مجموعة من المعايير.
د) تشغل الطبقة الوسطى مواقع تنتمى لأكثر من نمط فى علاقات الإنتاج.
هـ) ينعكس ما سبق على مسميات الطبقة الوسطى, فهناك من أطلق عليها
الفئات الوسيطة أو البرجوازية المتوسطة أو المواقع الوسطى 000
و) علاقات الدولة وسياساتها بالطبقة الوسطى علاقات جدلية فممارسات الدولة وممارسات الطبقة الوسطى يؤثر كلاهما فى الأخر.
ي) إفقار الطبقة الوسطى إفقاراً للمجتمع لا بحكم حجمها فقط وإنما أيضاً بتوزيعها على كثير من مؤسسات الإنتاج والخدمات فى الريف والحضر.
ز) يُفضي إفقار الطبقة الوسطى إلى انشغال أفرادها بهمومهم اللحظية وقد يوظفون العام من أجل الخاص لخدمة مصالحهم الآنية المباشرة.
6- التعريفات الإجرائية:-
أ) الطبقة الوسطى: فى ضوء ما سبق ودون الدخول فى إشكاليات التعريف, سنكتفي فى بحثنا هذا بتبني التعريف الأتى لأنه يحقق غرض البحث وهو أن (الطبقة الوسطى تضم مختلف الشرائح الاجتماعية التى تعيش بشكل أساسي على المرتبات المكتسبة من الحكومة والقطاع العام وفى قطاع الخدمات والمهن الحرة الخاصة, بمعنى أنها تضم أيضا من يعملون لحساب أنفسهم. حقاً إن هناك بعض من شرائح هذه الطبقـة قد يمتلك بعض وسائل الإنتاج (مثل العقارات أو الأراضى الزراعية, أو أسهم بعض الشركات) وربما يوجد أيضاً من يستغل عمل الآخرين. بيد أن أهم ما يميز هذه (الطبقة) هو أن دخل أفرادها الأساسى ناجم عن العمل الذى يغلب عليه الطابع الذهني والتقني)(22)
ب) الفقر: نقصد بالفقر هنا معناً مركباً يشتمل على عدم وفاء الدخل بمتطلبات إشباع الحاجات الأساسية والانحسار النسبى فى تنمية القدرات, خاصة القدرات التعليمية والمعرفية ومهارات المشاركة.
ج) آليات الإفقار: نقصد بها جملة السياسات التى أفضت إلى محاصرة قدرات الطبقة الوسطى على إشباع حاجاتها الأساسية وإعادة إنتاج نفسها.
ثانيا: سياسات الدولة و الطبقة الوسطي
نقوم هنا بعرض لعدد من السياسات علي مستوي العالم ثم علي المستوي المحلي و التي أثرت بشكل مباشر علي موقع و موقف الطبقة الوسطي, إذ يشير تقرير التنمية الإنسانية العربية إلى تباين موقع البلدان النامية و تلك الرأسمالية المتقدمة في الاقتصاد العالمي منظورا إليه من خلال عملية إعادة الهيكلة الرأسمالية في الأولى وهذا يستدعي التساؤل عن اثر العمل علي تدعيم الرأسمالية العالمية علي صعيد العالم ككل و قامت علي تنفيذه مؤسسات التمويل الدولية, منذ انتصار الرأسمالية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. و قد تضمن تقرير الاونكتاد UNCTAD لعام 1997 تحت عنوان "العولمة و النمو و التوزيع" بعض هذه السياسات و تتمثل في أن السمة الجوهرية للاقتصاد العالمي هي إطلاق قوي السوق من خلال تفكيك القيود علي الأسواق المحلية و فتحها للمنافسة العالمية. مما ترتب علي ذلك عدد من التداعيات محصلتها مزيد من الإفقار.منها على سبيل المثال
• تفاقم سوء التوزيع, ففي عام 1965 كانت نسبة الدخل للفرد في الدول السبع الأغنى إلى مثيلة في الدول السبع الأفقر 20-1، و ارتفعت في عام 1995 إلى 39 –1.
• حدث استقطاب مماثل داخل الدول, فزاد نصيب الأغنى من الدخل علي حساب تدني نصيب الأفقر و الفئات الوسطي, حتى أصبح نحول الفئات الوسطي سمة مميزة لتوزيع الدخل في بلدان كثيرة.
• تقوية رأس المال علي العمل بحيث زاد نصيب الأرباح و قل نصيب الأجور و ارتفع نصيب رجال الأعمال علي حساب المنتجين 0
• توسع الدين العام والخاص مما أدى لنشأة شريحة ريعية فرضت معدلات فائدة حقيقية أعلـي من السابق, نظرا لتركيز توزيع الثروة, وزيادة عبء الضرائب علي الأفقر 0
• إن تباطؤ النمو وتفاقم سوء التوزيع للثروة في سبيلهما لان يصبحا قسمات دائمة في العالم
• إن تزايد تركز الدخل والثروة في أيدى قلة قليلة لم يصاحبها ارتفاع في الاستثمار بما يساعد علي قيام نمو أسرع، ومن ثم لا تبدو فرصة لمكافحة مشكلة البطالة،علي صعيد العالم أو حتى التخفيف من
الفقر (23)
يؤكد هذا نتائج عدد من البحوث التى تشير إلى اتساع الهوة بين طبقات المجتمع الأمريكي، ففي حين يوجد 268 ملياردير يوجد في المقابل5, 34 مليون فرد يعشون تحت خط الفقر و في ظل قوانين العمل الجديدة نجد أن ذلك يساعد علي تزايد اتساع هذه الهوة (24) يؤكد ذلك دراسة أخرى تذهب إلى أن الفقر ينتقل عبر الأجيال و أن أسطورة الفرص المتساوية التي تروج لها الولايات المتحدة من خلال ما يسمي بالحلم الأمريكي هي أمر خاطئ(25) كما تظهر نتائج دراسة مسحية لتتبع دخل بعض الأسر علي مدي ربع قرن,زيادة التفاوت في التوزيع المالي للدخل السنوي للأسرة في الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي جعل البعض يذهب إلى أن الطبقة الوسطي آخذه في التلاشي و تدعم البيانات الواردة من الحسابات القومية accounts national ومن المسح الجاري علي الثروات هذه النتيجة وذلك بإظهار زيادة طفيفة في الثروات فيما بين الجماعات أصحاب الدخل المرتفع 0 كما يظهر التفاوت الكبير في توزيع المكاسب والأجور في نهاية عقد الثمانيات مقارنة بعقد أو اثنين مضيا (26)
أما على المستوى المحلى فيتضح من خلال عرض لعدد من السياسات التى أثرت على طبقات المجتمع ما يلى:-
• بدأت مصر مرحلة جديدة للاقتصاد المصرى بعد حرب أكتوبر 1973 إذ أعلنت الدولة عن توجه اقتصادى جديد فيما سمى بالانفتاح الاقتصادى (ورقة أكتوبر 1974) وانعكس ذلك بوجه خاص فى صدور قانون جديد لتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية مما انعكس على نمو القطاع الخاص.
• استمرت القيود على النقد الاجنبى وظل القطاع العام مسيطراً, مما ادى الى توسع الحكومة والقطاع العام فى توظيف العاملين, فشهد القطاع العام والحكومة اكبر توسع فى عدد العاملين, مما شكل عبئا على الدولة.
• خفف من حدة ظهور المتناقضات, فتح قناة السويس عام 1975, استعادة أبار البترول بسيناء, ورواج حركة السياحة, فى الوقت نفسه ساعده ثورة النفط وفرص العمل التى اتيحت للعديد من المصريين للعمل فى دول الخليج على تخفيف الضغط على السوق المحلية.
• أدى انخفاض سعر النفط عام 1986, فضلا عما لحق بالدول الخليجية من تأثر وبالتالي تدفقاتها المالية المباشرة وغير المباشرة, إلى تراجع في معظم المؤشرات الاقتصادية, فانخفض معدل النمو الى اقل من 2 %, واستمر التضخم في حدود 16 – 18 %, وارتفع العجز في الموازنة حتى بلغ حوالى 20 % من الناتج المحلى واستمر تدهور قيمة الجنية مقابل العملات الأجنبية, وتأخرت مصر في تسديد ديونها الخارجية.
• عند قيام حرب الخليج الثانية (أغسطس 1990) كانت مصر تعانى من أدنى أوضاعها الاقتصادية, ومع نهاية الحرب حصلت مصر على بعض الإعفاءات والمساعدات, وفي الوقت نفسه وافقت الدول الدائنة – نادى باريس – على إلغاء نصف الديون العامة على شرائح بشرط تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى المعروض عليها من صندوق النقد الدولى والبنك الدولي, والذي يتضمن إصلاحا نقديا في المؤشرات الكمية مثل (ضبط سعر الصرف, تخفيض عجز الموازنة, ضبط التضخم) وكذلك وإصلاحا هيكليا بإعادة ترتيب شروط الإنتاج بما يساعد على دفع عجلة التنمية فيما يتعلق بـ (التخصيصية, إعادة النظر في الإطار القانوني, تدعيم المؤسسات المدنية والخاصة). واعتبارا من فبراير عام 1992 بدأت مصر في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي(27).
وفيما يلي نعرض لبعض هذه المؤشرات:
يعد اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في عام 1991 نقطة أساسية في التحول الى اقتصاد السوق, ويهدف هذا الاتفاق الى تحقيق ما سمى بالإصلاح الاقتصادي, واعادة التوازن بين العرض والطلب فى الاقتصاد المصرى. وتقوم هذه السياسة على تخفيض الأنفاق العام والتوجه نحو اقتصاديات السوق الحر مما تطلب ذلك استصدار عدد من القوانين منها على سبيل المثال: قانون الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991, والذي عمل على خصخصة شركات ومصانع القطاع العام وما صاحبها من عمليات تخفيض العمالة, المعاش المبكر…… الخ (28)
• صدر قانون العلاقة بين المالك والمستأجر للأراضي الزراعية رقم 96 لسنة 1992 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي (29)
• جاء قرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 بالموافقة على انضمام مصر لمنظمة التجارة العالمية وعلى الاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية والمتضمنة لنتائج أورجواي ووقع عليها بالمغرب في 15 / 4 / 1994 ووافق عليها مجلس الشورى ومجلس الشعب مضبطة الجلسة 74 – 1995(30)
• كما أن هناك العديد من السياسات التي تتبعها الدولة في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بما ينعكس ربما بالسلب في ظل الخطر الذي تفرزه (الرأسمالية المعولمة) من جراء هذا التطور الفوضوي في البور صات والأسواق النقدية العالمية, والذى يعد اشد خطرا إذا ما حدث انهيارًا اقتصادي عالمي بسبب ضعف وهشاشة ضوابط الرأسمالية على صعيدها العالمي وغياب ضوابطها على الصعيد المحلى (31)
ويشير تقرير التنمية البشرية لمعهد التخطيط القومي لعام 2003 في أولى فقراته إلى أن "حياة الناس تتأثر بشدة بالقرارات الحكومية" (32) كما تشير الدراسات إلى أن أهم سلبيات الخصخصة هو تخفيض الطلب الاستهلاكي والاستثماري مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة. فمعدل التوظيف في المجال الصناعي علي سبيل المثال بلغ في عام (1960-1965) 5.1 % سنويا بينما انخفض في عام (1987/1992) الي 1.45 % سنويا والذي حدث ليس فقط بسبب انخفاض معدلات استيعاب العمالة الجديدة ولكن أيضا السعي للتخلص من فائض العمالة في مشروعات قطاع الأعمال (33)
كما ذهبت دراسة أخرى إلى أن برامج الإصلاح الاقتصادي جاءت, لتضيف أعباء جديدة على الطبقة الوسطى وعرضت الدراسة لأربعة مؤشرات وهى معدلات التوظيف والبطالة وانخفاض الأجور الحقيقية نتيجة التضخم وأزمة الإسكان (34) إلا أن دراسة ثالثة ذهبت إلى أن تزايد المتمايزات الاجتماعية داخل شرائح هذه الطبقة, ينبئ عن افقار متزايد لغالبية الفئات الاجتماعية, والنتيجة لذلك انقسام المجتمع إلى طبقتين فقط طبقة عليا قليلة العدد ذات وزن سيأسى واقتصادي مؤثر وطبقة دنيا واسعة (35). وتؤكد دراسة رابعة على تراجع وضع الوظيفة والفئات العاملة بالفكر والثقافة مقابل صعود الفئات التجارية (36). وتضيف دراسة أخرى فكرة انتهاء العمل الدائم ليحل محلها فكرة العمل جزء من الوقت (37). أخيراً تعرض احدى الدراسات لآثار سياسات السوق والاندماج فى السوق الرأسمالى العالمى على الطبقة الوسطى فى مصر, وتقسمها إلى ثلاث شرائح تأثرت بأشكال متفاوته ببرامج التثبيت والتكيف الهيكلى. الشريحة العليا للطبقة الوسطى تحسن وضعها نتيجة زيادات نقدية فى دخولها واللجوء لإستثمار نعض المدخرات, أما الشريحة المتوسطة والتى يعيش أفرادها على المرتبات والدخول الثابتة فقد ساء وصفها نتيجة الغاء الدعم السلعى والخدمى وارتفاع الأسعار وتجميد التوظيف الحكومى كما شاعت البطالة بين خريجى الجامعات وتم تسريح العمالة من القطاع العام وبالتالى لم يكن أمام هذه الشريحة إلا مزاولة عمل إضافى بجانب العمل الحكومى أو ممارسة الفساد أو فك المدخرات أو الهجرة. أما الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وهى ذات العدد الأكبر فقد زادت البطالة فى صفوفها والتحق الكثير من أفرادها إما بالطبقة العاملة أو بالعمالة الهامشية (38) والملاحظ مما سبق أن السياسات على المستوى العالمى والمحلى أثرت على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
ونجد أن برامج الإصلاح الاقتصادي التي يطرحها صندوق النقد الدولي تصر على ضرورة تخفيض (عجز موازنة الدولة) عن طريق ضغط الأنفاق ورفع المتحصلات الضريبية, بغية تصحيح مسيرة الاقتصاد القومى وإعادة التوازن له على الصعيد الكلى ولكن لو تأملنا قليلا في هذا العلاج نجد انه يحل المشكلة على المستوى الكلى, من ناحية, وينقل أزمة "العجز المستديم" من "ميزانية الدولة" إلى ميزانية الأسرة" من ناحية أخرى.
وهكذا فإننا في واقع الآمر لا نحل المشكلة الاقتصادية على صعيد المجتمع, بل كل ما نفعله هو أننا نقوم بترحيل عبء "العجز المالى" من الدولة إلى المواطنين فنتيجة القرارات الاقتصادية بتخفيض "عجز الموازنة" يجرى فرص وتوسيع نطاق سريان ضريبة المبيعات وغيرها من الرسوم التي تؤدى الى تفاقم حجم العجز المستديم فى ميزانية الآسر متوسطة ومحدودة الدخل, والتي تشكل غالبية سكان المجتمع ونتيجة لتلك الضغوط المعيشية تعانى غالبية الآسر المصرية (الفقيرة والمتوسطة الحال)، كما نجد ان الأنشطة الاقتصادية والخدمية المتجهة لإشباع حاجات تلك الفئات تعانى من ركود وتدهور, يتمثل فى انخفاض مستويات استغلال الطاقات الإنتاجية, والتوظيف, والربحية, بل يصبح بعضها مهددا بالإفلاس والتوقف عن النشاط نتيجة زيادة درجة سوء توزيع الدخل وهكذا تتعمق "ثنائية" والاقتصاد الوطنى, فى ظل سياسات التصحيح الهيكلي, بين قطاعات وانشطة واسعة مصابة بالركود والانكماش نتيجة انخفاض القوة الشرائية لدى قطاعات واسعة من السكان و قطاعات في حالة توسع وازدهار(39)
وتشير نتائج مسحى الدخل والانفاق فى النصف الاول من التسعينات الى تحسن معامل جينى بمعنى توزيع الدخل اصبح اكثر عدالة. الامر الذى لايستقيم مع مجمل تطور الاوضاع الاقتصادية خاصة على معيارى البطالة والفقر والمشاهدات على توزيع الثروة في الفترة نفسها, هذا فى حين قدر معامل جينى فى العام 1997 بما يقارب 37 % مقارنا بحوالى 28 % فى العام 1995 وهو ارتفاع ضخم فى مدة قصيرة, يدل على تفاقم سريع فى سوء توزيع الدخل, كما انخفض نصيب العمل من القيمة المضافةمن قرابة 40 % فى عام 1975 الى حوالى 25 % فى العام 1994 يعنى ذلك تدهور توزيع الناتج القومى لمصلحة عوائد الثروة (40)
ويؤكد ذلك انخفاض معدل النمو السنوى في حصة الفرد من الناتج القومى الاجمالى فى مصر من 3,5 % عام 1960 – 1990 الى 2,6 % عام 1990 – 2001 (41).
كما يؤكد التقرير الاقتصادى العربى الموحد على أن الخصخصة وبيع القطاع العام والتركيز على سياسيات استثمارية كثيفة رأس المال التى لا تحتاج إلى عمالة على أنها وراء معدلات النمو الغير كافية وبالتالى انحسار فرص العمل والبطالة والمعاش المبكر (42)
ثالثا: آليات إفقار الطبقة الوسطي
وفى ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي فان استخدام حالة الركود أو بطء النمو وتفاقم الضغوط الخارجية الناجمة عن أزمة المديونية الخارجية, أدت إلى حدوث تناقص شديد فى فرص التوظيف ومن ثم زيادة معدل البطالة راجع الجدول رقم (4) كما ان استمرار حالة العجز فى مالية الدولة قد أدى فى النهاية إلى عدم تمكن الحكومات من الاستمرار فى تمويل الخدمات ذات الطابع الاجتماعي (التعليم, الصحة, الإسكان الشعبى, دعم المواد الغذائية, مشروعات الضمان الاجتماعى) وكل ذلك أدى إلى تدهور بالغ فى مستويات المعيشة للأغلبية من السكان (43). وفى ضوء انحسار فرص العمل وعدم كفاية الدخل وارتفاع الأسعار مما زاد من معدلات الفقر والإفقار.
ويحدث الفقر إن كان الفرد (أو الأسرة) غير قادر على تحقيق مستوى معيشى معين والذي يعتبر الحد الادنى المقبول فى ظل معايير هذا المجتمع. وهناك مؤشرات متعددة لقياس الفقر.
فقد اعتمدت عدة دراسات على المسح الذى قامت بة CAPMAS لإنفاق الأسر فى السنوات(74 / 75, 81 / 82, 90 /91, 95 / 96) وقد تم استخدام نفس مؤشر الثروة مع ملاحظة الإنفاق الكلى وبالرغم من ذلك فقد اختلفت نتائج كل دراسة عن الأخرى ويوضح الجدول كيف أن نسب الفقر فى ازدياد مستمر(44). كما يوضح الجدول رقم (2) حالة الفقر من منظور الوضع المهنى لأرباب الأسر فى كل من الريف والحضر فى عام 95 / 1996 (45).
جدول رقم (1)
تقديرات واقع الفقر فى مصر
المناطق الحضرية 74 /75 81 / 82 90 / 91 95 /96
البنك الدولى (1991) ---- 00 ,21 ---- ----
كريم (1994) ---- 40 , 30 90 , 35 ----
الليثى (1994) 00 , 44 00 ,30 90 , 35 ----
الليثى (96 / 97) 10 , 52 52 , 33 01,39 98 , 44
كارديف (1997) ---- ---- 62 ,12 78 , 30
المناطق الريفية ---- ---- ---- ----
البنك الدولى (1991) ---- 00 , 25 ---- ----
كريم (1994) 90 , 50 70 , 29 40 , 56 ----
الليثى (1994) 90 , 41 80 , 27 10 , 34 ----
الليثى (96 / 97) 60 ,46 88 , 26 21 , 39 88 , 50
كارديف (1997) ---- ---- 16 ,32 22 , 55
- EL Laithy , Heba and other op. cit , p.p 6-7
جدول رقم (2)
عمل أرباب الأسر فى ظل جماعات الفقر 95 / 96
المنطقة مديرين مهنية (موظفين كتبة) فنيين مندوبى مبيعات
الحضر ---- ---- ---- ---- ----
فقيـر 41 , 18 45 , 6 56 , 5 19 , 7 3 , 12
غير فقير 78 , 28 49 , 21 17 , 8 10 , 7 08 , 7
المجموع 15 , 24 77 , 14 00 , 7 14 , 7 41 , 9
الريف ---- ---- ---- ---- ----
فقير 21 , 6 68 , 2 57 , 3 99 , 2 55 , 13
غير فقير 86 , 9 51 , 8 82 , 5 47 , 5 09 , 9
المجموع 31 , 8 04 ,6 87 , 8 42 , 4 98 , 10
مصر ---- ---- ---- ---- ----
فقير 78 ,10 09 ,4 32 , 4 56 , 4 08 , 13
غير فقير 54 , 16 09 , 13 65 , 6 05 , 6 38 , 8
المجموع 05 , 14 20 , 9 64 , 5 41 , 5 41 , 10
- EL Laithy , Heba and other op. cit , p.p 55-56.
يوضح الجدول السابق حالة الفقر من منظور الوضع المهنى لرب الأسرة فى كل من المناطق الحضرية والريفية ويلاحظ أنها تزيد فى المناطق الحضرية عن المناطق الريفية.
وإذا أخذنا قطاع التعليم الذى "يكفله الدستور" ومن المفترض أنة بالمجان وأن معظم أفراد الطبقة الوسطى من المتعلمين فلو أخذنا - مثلا - الإنفاق العام على التعليم, حيث توضح البيانات أن نصيبه قد تعرض لتدهور ملحوظ منذ بدايات الثمانينات. فبعد أن كان قد وصل إلى ذروتة فى موازنة 77 / 1978 ليمثل 25 %من تلك الموازنة, انخفض فى عام 1982 الى 8 ,17 %, ثم إلى 9.8 % عام 85 / 1986. وهو المنحى الذى يرتبط بتبنى برامج التكيف الهيكلى, حيث وصل نصيب التعليم من الإنفاق العام إلى أدنى حدودة مع بدايات عقد التسعينات, حيث بلغ قرابة 2 , 9 % عام 90 / 1991. وعلى الرغم من الارتفاع النسبى فى حجم الإنفاق على التعليم فى موازنة 93 / 1994 إلى حوالى 8 , 10 % ثم إلى قرابة 15 % عام 1996, فان ذلك ليس ناتجا (مثلا) عن مراجعة لجدوى الإنفاق على هذا الجانب, والذى يمثل احد أهم أبعاد التنمية البشرية على وجة الخصوص, بقدر ما يرجع بالأساس إلى التكاليف التى تحملتها الدولة فى ترميم الأبنية والمؤسسات التعليمية التى تصدعت من جراء زلزال 1992.
ولعل من أهم النتائج المصاحبة لتذبذب نسب الإنفاق على التعليم تدهور مستوياتة وإضعاف إمكانيات غالبية المتلقين لهذا التعليم من الطلاب بالمدارس والجامعات حيث أصبح لايساعدهم على الالتحاق بالمهن التى يتطلبها سوق عمل المواقع الوسطى "بالتحديد" ومن ثم الاضطرار إلى قبول مهن وأعمال المواقع العمالية بما تعنية من التعرض لكافة الظروف المتعلقة بمن يبيع قوة عملة, أو الانضمام إلى صفوف العاطلين من ذوى المؤهلات – بطالة المتعلمين – وهى ظاهرة ذات دلالة ومؤشر على وهن دور التعليم الحكومى– على وجه الخصوص - فى عملية الحراك الطبقى (46).
إلا أن الاسر المصرية تتكلف الكثير خاصة الطبقة الوسطى كى تعلم ابنائها راجع الجدول رقم (3) آملة فى فرصة عمل مناسبة (التى لا تتوفر غالبا) وبالتالي مزيد من الهدر والافقار لها ولابنائها مما يجعلها غير قادرة على تجديد نفسها ومن ثم انحسارها وتلاشيها (47).
والملاحظة على الجدول رقم (3) أن متوسط التكلفة البشرية للطبقة الوسطى والذى بلغ 333,17 تعد أعلى من غيرها كى توفر تعليم جيد لأبنائها وبما ان الطبقة الوسطى تضم مختلف الشرائح الاجتماعية التى تعيش بشكل أساس على المرتبات المكتسبة في الحكومة والقطاع العام وفي قطاع الخدمات والمهن الحرة الخاصة – كما اشرنا في التعريف الاجرائى - فان ذلك يتطلب أن نعرض لعدد مرات التعطل حيث يمكن أن يتعرض المشتغل للتعطل مرة او أكثر, وهناك كذلك المتعطلين الجدد الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة وهم عادة من خريجى مراحل التعليم المختلفة او حتى المتسربين من التعليم وتشير البيانات في مصر بصفة عامة إلى ارتفاع نسبة التعطل الحديث سواء للذكور أو الإناث والجدول رقم (4) ويوضح عدد المتعطلين حسب حالة التعطل والنوع خلال الفترة من عام 76 –2001 ويتضح من الجدول أن البطالة بطالة متعطلين جدد بالدرجة الأولى حيث أن أكثر من 90 % من جملة البطالة بطالة حديثة ماعدا عام 1986 الذى بلغت فيه نسبة المتعطلين الجدد.
جدول رقم (3)
متوسط التكلفة المباشرة للتعليم حسب البنود
والمرحلة التعليمية فى العينة بالجنيهات سنوياً
الشريحة والبند الابتدائية الإعدادية الثانوية الجامعية الاجمالى
رسوم مدرسية وجامعية
فقراء 76 , 21 51 , 26 90 , 34 56 , 89 58 , 27
متوسطون 69 , 35 82 , 34 98 , 40 87 , 16 90 , 48
أغنياء 58 , 270 06 , 250 17 , 168 44 , 440 79 , 287
اجمالى 36 , 71 93 , 80 92 , 77 94 , 312 93 , 105
مصاريف الكتب والأدوات
فقراء 27 , 26 18 , 35 43 , 52 52 , 154 49 , 37
متوسطون 06 , 40 08 , 54 38 , 68 21. 236 98 , 68
أغنياء 23 , 83 82 , 108 115.95 349.90 97 , 169
اجمالى 43.02 61.03 79.42 294.42 29 , 87
المواصلات إلى التعليم
فقراء 85, 2.29 66.83 122.18 67 , 16
متوسطون 4.16 8.41 77.40 186.14 09 , 39
أغنياء 00.34 30.01 85,69 295,14 18 , 118
اجمالى 8,71 11,53 77,74 242,81 05 , 54
الدروس الخصوصية
فقراء 76,16 122,8 236.8 240,00 04 , 122
متوسطون 101,36 180,9 308,8 351,6 2 , 180
أغنياء 231,52 611.2 1114,8 1247,3 24 , 730
اجمالى 120,16 260,9 594,7 994,8 9 , 313
متوسط التكلفة البشرية
فقراء 125,04 186,78 390,96 707,26 14 , 204
متوسطون 181,27 278,21 495,46 934,82 17 , 337
أغنياء 622,33 1000,09 1484,61 2422,18 18 , 306
اجمـــــــالى 243,25 423,39 829,78 844,97 17 , 561
المصدر: سهير لطفى وآخرون, الأسرة المعيشية والإنفاق الإجتماعى, المركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية, 2000, ص 29
جدول رقم (4)
المتعطلين حسب مرات التعطل والنوع
السنة النوع مشتغل متعطل متعطل حديث جملة البطالة
عدد % عدد % عدد %
1976 ذكور 35 6.3 523 93.7 558 100
إناث 6 2.0 287 98.0 293 100
جملة 41 4.8 810 95.2 851 100
1986 ذكور 263 24.8 814 75.6 1077 100
إناث 10 2.8 350 97.2 360 100
جملة 273 19.0 1164 81.0 1437 100
1996 ذكور 71 7.1 932 92.9 1003 100
إناث 5 0.9 530 99.1 535 100
جملة 76 4.9 1462 95.1 1538 100
2001 ذكور 98.7 11.6 753.1 88.4 851.8 100
إناث 49.9 5.4 881.3 94.6 931.2 100
جملة 148.6 8.3 1634.4 91.7 1783.0 100
81 % وترتفع البطالة بين الاناث الداخلات لسوق العمل لاول مرة عن الذكور خلال المراحل كلها وهن غالبا من من المتعلمات خريجى مراحل التعليم المختلفة أما عن البطالة بين من سبق لهم العمل فتمثل نسبة صغيرة ماعدا عام 1986 حيث بلغت 19 % من جملة البطالة, وتنخفض نسبة البطالة بين الإناث ممن سبق لهن العمل عنها في حالة الذكور خلال المراحل كلها (48)
ولعل استعراض ميزانية الأسرة "خصوصا تلك المنتمية إلى الطبقة الوسطى والتغيرات التى طرأت على تصرفها فى مواردها المالية وفقا لبنود أساسية, خلال الفترة من 1978 وحتى 1996, يوضح اتجاهات تغير اولويات الأسر بمرور الزمن, وتغير الظروف المحيطة بها فمن يطالع النسبة المئوية للإنفاق العائلى على بندى الطعام والشراب من جهة والتعليم من جهة أخرى, بالنسبة للأسر التى تنتمى إلى مواقع طبقية وسطى, يلاحظ أن نسب الإنفاق على التعليم قد تضاعف بشكل عام لدى جميع تلك الفئات من 01 ,2% (1978) الى 50 ,4 % (1996) فى حين لجأت تلك الأسر إلى ترشيد إنفاقها على الطعام والشراب لتنخفض من حوالى 52 % عام 1978 إلى حوالى 49 % عام 1996. يعنى هذا ان الأسرة المصرية ما تزال تعى أهمية التعليم, وقد يقول قائل بان هذا الارتفاع قد جاء نتيجة لارتفاع تكلفة التعليم ذاتة خاصة الدروس الخصوصية ولكن هل ظلت أسعار الطعام والشراب كما هى أم انخفضت ؟ أنها هى الأخرى قد ارتفعت إلا أن تلك الأسر تجد نفسها مضطرة لان تضاعف من إنفاقها على التعليم باعتباره قيمه, وآلية مأموله للحراك مستقبلا (49).
رابعا: أشكال تكيف الطبقة الوسطى مع الفقر ؟
هناك العديد من الأساليب أو الاستراتجيات التى يلجا إليها أفراد الطبقة الوسطى. يمكن رصد بعض منها وحصرها فى عدة محاور أساسية:
(أ) الاستغناء عن بعض نشاطاتها.
ويتم ذلك من خلال تنازل عدد من أفرادها لأنشطة واهتمامات عديدة كانت تقوم بها من قبل من بينها. الذهاب إلى المسرح أو السينما أو عضوية النوادى او الذهاب الى المصايف وشراء الكتب والمجلات والجرائد اليومية , ومشاركتها فى العمل العام وعضوية النقابات وغيرها. إذ تشير البيانات الإحصائية إلى أن الاشتراك فى عضوية النقابات فى الولايات المتحدة قد تدهور. ففى عام 1962 كان ما يعادل 4 , 30 % من المشتغلين غير الزراعيين أعضاء فى النقابات المهنية والعمالية, أما فى عام 1984 فقد انخفضت النسبة إلى 4 , 17 % وفى عام 1992 تدهورت النسبة لتصل إلى 12,7%فى ضوء ذلك انخفض متوسط الأجور (50)
(ب) الاقتصاد في الاستهلاك.
ويتمثل ذلك فى ضغط النفقات وخفض التكاليف بالنسبة للحاجات الاساسيه كالمأكل والملبس والمسكن والبحث عن الأرخص , إذ تشير نتائج الأبحاث إلى أن نسب الأسر المستهلكة للخبز الأسمر المدعوم من الشريحة المتوسطه فى الريف 43,89 % بينما تصل النسيه إلى 89,55% من الشريحة ذاتها فى الحضر (51)
يؤكد ذلك نتائج بحث آخر ذهب الى ان الافراد يقلصون من جودة او كميه استهلاكهم من الطعام او كليهما , فالوجبات فى السودان – على سبيل المثال – ثلاث وجبات , ولكن قام ما يعادل 23,2% من الطبقة الوسطي باختزالها الى وجبتين (52). وينعكس هذا على صحة أفراد الأسرة.وارتفاع عدد من يعانون من سوء التغذية إذ يشير تقرير التنمية البشرية إلى أن عدد الأطفال (دون الخامسة) الذين يعانون من سوء التغذية نحو 161,1 ألف طفل فى عام 2001 (53) .
يضاف الى ذلك الإقبال على العلاج الأرخص فى المستشفيات الحكومية او من خلال العيادات الخيريه فى المساجد او العلاج الشعبي. إذ تشير نتائج الابحاث إلى ان نسبه 33,6% من الحالات المرضية العادية من الشريحه الوسطى تذهب الى مستشفى حكومى (54). كما ارتفعت نسبه الاقبال على التعليم الحكومى لدى الشريحه المتوسطه مقارنه بالتعليم الخاص فى المرحله قبل الجامعيه حيث بلغت النسبه 88,4% تعليم حكومى 9,1% تعليم ازهرى, 2,1% تعليم خاص عادي, 0,4% تعليم خاص لغات (55) .
(ج) تنوع استراتيجيات الدخل.
وتتمثل فى محاولات الأسر وأعضائها البحث عن مصادر اضافيه لزيادة الدخل, ومحاوله تعويض الفجوة بين المرتبات والإنفاق, ويتم ذلك من خلال عدة آليات من بيـنها.
• زيادة عدد العاملين: اى أن رب الأسرة يقوم بعمل اضافى فى القطاعات غير الرسميه, وخروج المرأة للعمل والابناء فى العطلات الصيفيه, بمعني مشاركه جميع افراد الاسرة تقريبا فى توفير آليات البقاء . وتشير نتائج الابحاث الى ان هناك الكثيرون الذين يسهمون بطرق مختلفه فى دعم ميزانيه اسر الطبقة الوسطى من خلال العمل الثاني وعمل الزوجة والأبناء والأصدقاء والأقارب والاقتراض والهجرة وبيع الممتلكات (56).
• الدعم الخارجى: وذلك من خلال تحويلات المهاجرين من أبناء وأقارب, وكذلك استثمار بعض المدخرات أو فكها وبيع الممتلكات والأصول الثابتة, والقروض, إذ تشير نتائج الأبحاث إلى أن 51,9% من الطبقة الوسطى يحصلون على قروض فى الريف, 40,7% فى الحضر (57) .
• أشكال جديدة لاستخدام الأصول: وعلى سبيل المثال تأجير جزء من العقار أو بيعة إذا كان مرتفع الثمن واستبداله بمسكن آخر اقل فى الثمن وتشير نتائج البحوث إلى أن اسر الطبقة الوسطى اعتادت فى الماضى ان تشغل البيت بأكمله أما الآن فان أفراد الأسرة يعيشون فى جزء من البيت ويؤجرون الجزء الباقي من الباطن – ان كان البيت مؤجراً- أو يؤجروه ان كان البيت ملكا لهم كمصدر اضافى للدخل. كما تميل بعض الاسر للسكن فى مناطق الطبقات الادني فى حين تؤجر بيوتها الموجودة بمناطق الطبقة العليا لتستفيد من فرق الإيجار(58).